fbpx
تقارير وملفاتعربي وعالمي

«استهتار» أم «إرهاب للعالم أجمع»..«الفيتو» والوجه الحقيقي لأمريكا

«وافق 14 عضوا من مجلس الأمن على قرار القدس ورفضه عضو واحد “أمريكا” فسقط القرار!».. تعودنا على ذكر كلمة «غضب عارم» ضد الانتهاكات الإسرائيلية والمساندة الأمريكية لها، ولكن اليوم لم تكف هذه الكلمة الضربة الموجعة التي وجهتها أمريكا أمس للعالم الدولي أجمع، وليس لدولة فلسطين فقط، ولكن هذه الضربة الأمريكية تكاد تكون بداية جديدة لنهاية مأساة الفلسطينيين في القدس المحتلة.. وعزل الوساطة الأمريكية.

وبهذا التصويت الذي أظهر عمق المعارضة العالمية للتحرك الأمريكي، تكون أمريكا كتبت نهايتها كوسيط، حيث أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن الولايات المتحدة اختارت ألا تكون وسيطا نزيها في عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.

ورغم أن استخدام «الفيتو» الأمريكي كان متوقعا، إلا أن العرب أرادوا طرح هذا المشروع على المجلس، حتى يؤكد التصويت أن الدول فى كل مكان بل وحتى العديد من حلفاء الولايات المتحدة مثل بريطانيا وفرنسا واليابان ضد عمل ترامب الذي حطم به عقودا من الحياد الأمريكي الثابت فى القدس.

فيتو أمريكي وشكر إسرائيلي

وشهدت جلسة مجلس الأمن الدولي أمس، تأييد 14 عضوا لمشرع القرار المصري الذي قدمه يوم السبت الماضي بشأن القدس، والذي كان يلزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإلغاء إعلانه عن القدس عاصمة لدولة الاحتلال لولا «الفيتو»، حيث جاءت أمريكا لتعصف بهذا الإجماع وتسقطه أرضا مستخدمة حق الفيتو.

وفي دفاع أمريكي عن هذا القرار، أكدت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلى أن ذلك التصويت في مجلس الأمن «إهانة لن تُنسى» قائلة: «إن الامم المتحدة اضطرت الولايات المتحدة الى استخدام حق النقض لمجرد حقها فى تقرير مكان سفارتها»، لافتة بالقول: «لا حل دون المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين».

وأضافت هيلي أن حق النقض «الفيتو» الذي قدمته الولايات المتحدة منذ أكثر من ست سنوات “تم” دفاعا عن السيادة الأمريكية والدفاع عن دور امريكا في عملية السلام في الشرق الأوسط “، وكانت قد أعلنت منذ بداية الجلسة أن أمريكا ستستخدم «الفيتو».

من جهته، شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هايلي لاستخدامها حق النقض، وقال في تغريدة له على «تويتر»: «شكرا للسيدة هايلي، لقد أضأت شعلة الحقيقة وبددت الظلام، شكرا للرئيس دونالد ترامب وشكرا لنيكي هايلي».

«وسيط نزيه»..«مفاوضات مباشرة»

وردا على القرار الأمريكي، أعلنت روسيا أنها مستعدة للعب دور «وسيط نزيه» في تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مؤكدة في جلسة لمجلس الأمن حول هذه القضية، دعمها لمبدأ إنشاء دولة لفلسطين عاصمتها القدس الشرقية.

وقال مندوب روسيا: «إن بلاده على استعداد لعقد قمة فلسطينية إسرائيلية في موسكو لاسئناف مفاوضات السلام »، مؤكدا أن  كل الخطوات الأحادية تصعد حدة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

من جانبه، أكد مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت أن القدس الشرقية ستبقى جزءا من الأراضي الفلسطينية، لافتا إلى أن لندن لن تنقل السفارة البريطانية إلى القدس، وشدد على أن «وضع القدس يجب أن يحدد بمفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين».

أمام مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة فرانسوا دي لاتر، فقد عبر عن أسف بلاده للفيتو الأمريكي، لافتا إلى أن قرارات ترامب لن تغير الأساس المشترك الذي يجب أن تبنى عليه جهود السلام.

وقال المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام خلال الجلسة، إن “هناك خطوات أحادية الجانب يمكن أن تهدد حل الدولتين”، داعيا إسرائيل إلى وقف أنشطتها الاستيطانية غير القانونية.

وقال ملادينوف: «إن القوات الإسرائيلية قتلت 22 فلسطينيا خلال الأشهر الماضية»، مشيرا إلى زيادة أعمال العنف منذ إعلان ترامب قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وشدد على أن «السلام لا يزال مبنيا على حل الدولتين»، وأن وضع القدس يجب أن يكون ضمن قضايا الحل النهائي.

«استهتار» بالمجتمع الدولي

ومن جانبها وصفت الرئاسة الفلسطينية استخدام الولايات المتحدة الأمريكية الفيتو ضد قرار بشأن القدس بأنه «استهتار» بالمجتمع الدولي، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية “أكدت عزلتها، وعلى المجتمع الدولي العمل الآن على حماية الشعب الفلسطيني”.

وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة لوكالة «فرانس برس»: «إن استخدام الفيتو الأمريكي مدان وغير مقبول ويهدد استقرار المجتمع الدولي لأنه استهتار به»، مضيفًا أن هذه الخطوة الأمريكية سلبية وفيها تحدي للمجتمع الدولي، وستسهم في تعزيز الفوضى والتطرف بدل الأمن”.

ورغم أن قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة قانونا، إلا أن  الفلسطينيين أعلنوا على الفور أنهم سيسعون إلى الحصول على قرار مع مطالب مماثلة فى الجمعية العامة التي تضم 193 عضوا، حيث لا يوجد حق النقض.

وقال السفير الفلسطينى رياض منصور للصحفيين بعد اجتماعه مع رئيس الجمعية العامة: “إنه يتوقع إجراء تصويت هذا الاسبوع”، وقال: «إنه يأمل فى تأييد ساحق يخبر إدارة ترامب بأن المجتمع الدولى لا يقبل الموقف الأمريكى الذى قال اإنه ينتهك القانون الدولى وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة».

القرة داغي: إرهاب للعالم أجمع

ومن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، اعتبر علي القرة داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن استخدام أمريكا حق النقض «الفيتو» ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي بشأن القدس يعدّ إرهابًا وتحديًا لدول العالم أجمع.

وقال القرة داغي في تغريدة له على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «اجتمع 15 من أعضاء مجلس الأمن ووافق 14 على قرار القدس ورفضه عضو واحد «أمريكا» فسقط القرار!»، وتساءل: “‏أليس هذا إرهابًا واستخفافًا وتحديًا لرغبات كل دول العالم مجتمعة؟!. 

اتفاق تركي بريطاني

وعلى المستوى الدولي، بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي، الجهود الدولية التي يمكن بذلها لحل قضية القدس، وقالت الرئاسة التركية: «إن أردوغان وماي اتفقا، خلال محادثات هاتفية اليوم الإثنين، على أهمية تكثيف جهود المجتمع الدولي لحل قضية القدس».

وبحث الطرفان استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع قرار عربي في مجلس الأمن الدولي كان يدعو لسحب قرار إعلان أمريكا القدس عاصمة لإسرائيل، واتفقا بحسب ما ذكرته مصادر من الرئاسة التركية لوكالة «رويترز» على تجنب أي توتر جديد يعرض عملية السلام للخطر.

أين دور الجمعية العامة للأمم المتحدة؟!!

كما لاقى «الفيتو» الأمريكي صداه الواسع بين الحقوقيين، فأدانته المنظمة العربية لحقوق الإنسان، مؤكدة على دور الجمعية العامة للأمم المتحدة في معالجة الاختلالات الحادة في النظام الدولي، وكونها السلطة الأصيلة صاحبة المسئولية في تصويب هذه الاختلالات على وجه السرعة، آخذة في الاعتبار أن استدامة النظام الدولي على المحك، مشددة على الأهمية الكبيرة الملقاة على عاتق الحركة العالمية لحقوق الإنسان في التصدي للخروقات الأمريكية للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وقالت المنظمة في بيان صادر عنها: «رغم أن الفيتو الأمريكي هو إمعان في سياسة الإدارات الأمريكية المتعاقبة لحماية الاحتلال الإسرائيلي من النقد وإجراءاته الباطلة وجرائم الحرب التي يواصلها بشكل منهجي ويومي بحق الفلسطينيين، إلا أن هذا الفيتو يكتسب أهمية خاصة بالنظر إلى توقيته وملابساته ودلالاته، والتي تكشف بجلاء عن عمق الدعم الأمريكي لانتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتأكيد دورها العابث بالسلم والأمن الدوليين، وأنها لا تحظى بمقومات تخولها للنهوض بمسئوليات قيادة العمل الدولي ولعب دور الراعي والوسيط لتسوية الأزمات والنزاعات والذي يتطلب بطبيعته توافر النزاهة والأخلاق».

وأكدت المنظمة أن التدابير التي اتخذتها الإدارة الأمريكية مؤخرا فيما يتعلق بالقدس ووصولا إلى إساءة استخدام حق النقض «الفيتو»، تدعو الدول العربية لوقفة فورية وإجراء مراجعات شاملة لعلاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية، والتخلص فورا من أي ارتكان على دور أمريكي محتمل في تسوية مختلف أزمات المنطقة، وضعا في الاعتبار أنه لا مجال للخطأ في تقدير التداعيات الجمة للسياسة الأمريكية في الملف الفلسطيني على أوضاع الاستقرار والسلم -المختلة أصلا- في المنطقة.

الانتصار الأمريكي لدولة الاحتلال

وأخيرا نتوقف على أبرز الانتصارات أمريكية لصالح إسرائيل ضد القدس داخل أروقة مجلس الأمن الدولي، حيث استخدمت أمريكا حق «الفيتو» سبعة مرات ضد فلسطين ومن بينها، يوليو 1973 وفيه عرقلت أمريكا باستخدام «الفيتو» مشروع قرار تقدمت به السودان وعدد من الدول العربية، يعلن الأسف على احتلال إسرائيل للأراضي العربية.

وفي أبريل 1980، كان مشروع قرار جديد تقدمت به تونس، ينص على ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، وأيضاً انتصرت فيه أمريكا لقوات الاحتلال باستخدام «الفيتو»، وبعد عامين أبريل 1982، استخدمت أمريكا «الفيتو» وتم رفض قرار عربي، يدين حادث الهجوم على المسجد الأقصى آنذاك.

وفي مارس 1985، عرقلت أمريكا بحق النقض مشروع قرار لبناني، ومصري في مجلس الأمن يدين الممارسات الإسرائيلية في الجنوب اللبناني آنذاك، والذي كان يطالب بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية، وفي مارس 2001، رفضت أمريكا، إصدار قرار دعمته تونس، يسمح بإنشاء قوة مراقبين دوليين لحماية الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة.

وفي ديسمبر 2002، خرج مشروع قرار قدمته سوريا مهزوما من داخل مجلس الأمن، حيث كان يدين قتل القوات الإسرائيلية عدة موظفين تابعين للأمم المتحدة، فضلا عن تدميرها لمستودع تابع لبرنامج الأغذية العالمي في الأرض الفلسطينية المحتلة في نهاية نوفمبر من العام نفسه، وفي يوليو 2003 تم استخدام «الفيتو» الأمريكي على المشروع العربي الذي تقدمت به كل من سوريا والسودان، ويطالب إسرائيل بالامتناع عن التعرض للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بطرده أو قتله.

بواسطة
منارة جمال
زر الذهاب إلى الأعلى