fbpx
تقارير وملفات

إعادة صياغة الحياة الحزبية في مصر التحدي الصعب للطريق الأكثر أمانًا

قد يكون من المعلوم أن هناك رغبة رسمية لإعادة صياغة الحياة الحزبية في مصر بشكل عام، بحيث تنتقل من خانة التشرذم والكيانات الهشة التي يتجاوز عددها 100 حزب، معظمها غير معلوم للجمهور، أو ليس له تأثير ملموس جماهيريا أو سياسيا، إلى خانة الأحزاب المدمجة، بحيث تنحصر المنافسة بين عدة أحزاب تمثل تيارات سياسية مختلفة، لكن من المهم أيضا النظر إلى آلية تنفيذ تلك الرؤية.

ويبدو التحدي الرئيسي أمام هذا التصور الرسمي لإعادة “هيكلة” الحياة الحزبية، هو تجنب السقوط في فخ إعادة إنتاج أخطاء سياسية لأنظمة سابقة، ولعل آخرها تجربة الحزب الوطني خلال حكم الرئيسين الأسبقين أنور السادات، وحسني مبارك، فاقتراب أي حزب من مؤسسات الدولة، وتلاشي تلك المسافة الفاصلة بين الدولة والحزب، تجعل من الأخير مصدر جذب للعديد من الفئات والنخب الراغبة في بناء شبكة من المصالح مع الدولة عبر طرق غير رسمية، فضلا عن تحويل العمل الحزبي إلى أداة لتحقيق مصالح فئوية، الأمر الذي يفتح أبوابا خطيرة ومتعددة الوجوه للفساد، فضلا عن تضخم نفوذ شخصيات وجماعات مصالح بعينها، وهو ما تدفع ثمنه البلاد كلها، عند أول اضطراب غير متوقع.

فانتخابات ائتلاف دعم مصر الأخيرة، والتي أسفرت عن تغييرات جوهرية في قيادة الائتلاف، بداية من منصب الرئيس الذي تخلى عنه النائب محمد السويدي، لصالح النائب عبد الهادي القصبي، وصولا إلى تشكيل المكتب السياسي، وتصعيد العديد من الوجوه النيابية المنضمة حديثا إلى حزب “مستقبل وطن”، كلها تغييرات تبعث بإشارات عن تحركات حثيثة للبحث عن إعادة بناء الأغلبية البرلمانية، يبدو الأقرب لتحقيقها هو حزب “مستقبل وطن” الوافد الجديد إلى الساحة الحزبية المصرية.

فقد يكون من المبكر الحديث عن الانتخابات البرلمانية، التي ستجرى بعد عامين، إلا أن المؤشرات التي تدور في هدوء وبعيدا عن الأضواء، تشي بحراك مهم على طريق “بناء” أغلبية برلمانية، تتجاوز فكرة الائتلافات التي شهدتها التجربة الأولى للبرلمان الحالى، وتؤكد أن ملامح تجربة مختلفة لظهور حزب أغلبية جديد باتت أكثر نضجا وتوشك على التنفيذ.

البرنامج السياسي لحزب “مستقبل وطن” لا يبدو مختلفا اختلافا كبيرا عن بقية الأحزاب الموجود على الساحة، لكن ربما ما يميزه  هو  قربه من الدولة بصورة أو بأخرى، سواء من خلال انضمام العديد من النواب البارزين ذوي الثقل الشعبي أو الاقتصادي إليه، أو من خلال عمليات التأهيل السياسي التي تتم لكوادره الشبابية، والتي تجعله رقما مهما في المعادلة السياسية المقبلة.

ومن خلال تحليل مضمون الخطاب السياسي الرسمي، وبخاصة لرموز النخبة السياسية، في أكثر من مناسبة، يمكن التأكيد أن هناك رغبة في النأي عن تكرار تلك الأخطاء القديمة، فضلا عن رغبة في الالتزام بالدستور، الذي يفصل بوضوح بين القيادة السياسية وبين الانتماء الحزبي، لذا فإن الالتفاف على هذا الالتزام – بأية صورة – يمكن أن يكون خصما من رصيد تلك النخبة السياسية، وليس إضافة له.

الحل الأسلم والأكثر أمانا للدولة بشكل عام، وللحياة السياسية على وجه الخصوص، هو فتح الطريق أمام الأحزاب الشرعية التي تمتلك برامج سياسية قادرة على التواصل من خلالها مع الجمهور، وإتاحة العمل الشعبي لتلك الأحزاب بصورة أكثر مرونة، ووفق ضوابط القانون، بحيث تستطيع تلك الأحزاب بناء كوادر جماهيرية حقيقية، وخلق حالة صحية من تنافسية البرامج والأهداف، بحيث تبني أغلبيتها البرلمانية على أساس متين من الأغلبية الشعبية، وهو ما يعزز الانتقال الديمقراطي، الذي تحتاجه الدولة، ويمثل أحد ضرورات بناء المستقبل، ليس فقط السياسي، وإنما الاقتصادي والاجتماعي أيضا.

بواسطة
تقرير – محمد عيد
زر الذهاب إلى الأعلى