fbpx
تقارير وملفات

التضخم يُسجل أعلى مستوى له ومصر تستهدف انخفاضه لتحقيق نمو مستقر

استهداف معدل منخفض للتضخم أمر شديد الأهمية للاقتصاد، ويؤدي إلى تحقيق نمو مستقر لفترات طويلة، فانخفاض الأسعار يؤدي إلى الإحجام عن الاستثمار، ومن الخطأ إنتاج سلعة ينخفض سعرها العام المقبل، ولكن من الخطأ أيضًا أن تنتج سلعة لن يستطيع المواطنون شراءها، لأن الارتفاع الكبير في مستوى الأسعار يدمر القوى الشرائية للمستهلكين.

الحل الجيد هو أن تنتج سلعة أو خدمة يرتفع سعرها قليلا، فتحقق لك الأرباح، ويكون سعرها مقبولا للمواطنين.

في عام 2005 أعلن البنك المركزي أنه يسعى لتطبيق سياسة استهداف التضخم كإطار رسمي للسياسة النقدية، بمجرد استيفاء الشروط اللازمة، ومنذ ذلك الوقت تعتبر مصر في مرحلة انتقالية لاستكمال الخطوات اللازمة للتطبيق الفعلي.

العام الحالي، وبعد 13 عامًا من الانتقال، أعلن البنك المركزي أنه يستهدف معدلا محددا للتضخم 13%، يزيد أو ينقص 3%، بنهاية 2018.

ويقوم البنك المركزي في كل دولة باستهداف التضخم عبر اتباع سياسة نقدية انكماشية “تحفز على الادخار” أو توسعية “تحفز على الاستثمار والاستهلاك”.

ليست كل الدول قادرة على استهداف معدلات تضخم متدنية، لأن الدول لا تسيطر على كافة الأسعار، فالاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، احتاج قرابة العقد من الزمان حتى يصل لمعدل تضخم موجب 2%، لأن الأزمة المالية أدت لانخفاض حركة الاستثمار والاستهلاك، كما أدى انخفاض أسعار النفط إلى تراجع أسعار معظم السلع، المعتمدة في إنتاجها ونقلها على النفط.

على العكس تعاني فنزويلا من معدل تضخم 46000%، نتيجة انهيار اقتصاد الدولة المعتمدة على النفط لشراء احتياجاتها الأساسية، ومع ندرة توفر الطعام ارتفعت أسعاره لمستويات قياسية.

لكن استهداف معدلات تضخم محددة، حتى ولو لم تكن منخفضة، أمر مهم في حد ذاته، فهذا يعطي المستثمر والمستهلك تصورا واضحا عن المستقبل، يساعده على اتخاذ القرار الرشيد، وإذا اتسمت قرارات معظم الفاعلين بالرشادة سيتحسن الاقتصاد ويتوازن بشكل أسرع.

وهناك 3 أنواع من استهداف التضخم، هي: الاستهداف الانتقائي، والاستهداف الكامل، والاستهداف الخفيف، والذي يطلق عليه “lite”. ويكون النوعان الأول والثاني أكثر دقة، حيث تتمتع البيانات الصادرة عن الدولة بمصداقية مرتفعة نتيجة الالتزام والانضباط الكبير للمؤسسات النقدية في الدولة.

أما الحالة الثالثة “الاستهداف الخفيف”، وهي المنطبقة على مصر، فيكون الاستهداف فضفاضا، لأن الاقتصاد الهش والمؤسسات الضعيفة تتأثر بشكل واضح بالصدمات، وهذا ما تمت ترجمته في استهداف معدل تضخم 13% يزيد أو ينقص 3%، بنهاية 2018، أي أن معدل الخطأ 23% تقريبًا، (حاصل قسمة 3/13)، ولكن لابد من الأخذ في الاعتبار أن البدايات دائمًا ما تكون صعبة.

وبحساب معدل التضخم التراكمي خلال النصف الأول من 2018، نجد أن الرقم العام للأسعار ارتفع من 265.8 نقطة إلى 282.7 نقطة بمعدل ارتفاع 6.4%، وهو تقريبًا نصف معدل التضخم المستهدف بالضبط، ما يعني أنه حال استمرار الأوضاع الاقتصادية على نفس المنوال فإن البنك المركزي سينجح في تحقيق مستهدفه، بدقة عالية، وهو أمر جيد للغاية لضمان استقرار حركة الاقتصاد المصري، وزيادة مصداقية المؤسسات النقدية المصرية.

وكما كان متوقعًا، تسببت الإجراءات الحكومية الأخيرة بزيادة أسعار المواد البترولية ورفع أسعار الكهرباء والمياه وتذاكر المترو، في ارتفاع معدلات التضخم العام لأعلى مستوى منذ 11 شهرا.

وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس، تسجيل المعدل الشهري لزيادة أسعار المستهلكين 3.5% خلال يونيو مقابل 0.2% خلال مايو، وارتفاع المعدل السنوي إلى 14.4% مقابل 11.1%.

ويعود ارتفاع التضخم بشكل رئيسي إلى رفع أسعار المواد البترولية بين 17.4% و66.7% بدءا من منتصف يونيو الماضي، لتساهم بنسبة 14.9% في معدلات التضخم خلال شهر يونيو، كما ساهمت أسعار خدمات النقل بنسبة 36.8%، والمياه وخدمات السكن بنسبة 31.8%.

هذا بينما ساهمت أسعار البطاطس بنسبة 17.9% في هذه المعدلات، والنقل الخاص 24.5%، والموز 15.9%، والبطل والموالح 7% و5.7%، والخبز والبيض والأرز 4.8% و2.5% و2.2% على التوالي.

وأعلن البنك المركزي تسجيل المعدل الشهري للتضخم الأساسي نسبة 1.6% خلال يونيو مقابل 1.5% خلال مايو السابق عليه، بينما تراجع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 10.9% مقابل 11.1% خلال الفترة .

وترى رضوى السويفي، رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، أن معدل التضخم في يونيو جاء أعلى من التوقعات بعد أن رفعت الشركات أسعار منتجاتها لتمرير زيادة الوقود قبل نهاية الشهر، بخلاف ما كان متوقعا من قبل، بحسب ما نقله عنها موقع مصراوي، بينما قال محمد أبو باشا محلل الاقتصاد الكلي ببنك الاستثمار هيرميس، لنفس الموقع، إن أرقام التضخم في يونيو جاءت “متوافقة تماما مع توقعاتنا”.

وتتوقع “السويفي”، أن يسجل التضخم الشهري معدلا أقل في شهر يوليو يتراوح بين 2.5% و3%، بينما يواصل المعدل السنوي الارتفاع في يوليو ليسجل بين 14.5% و15.5% مع استمرار انعكاس زيادة أسعار الطاقة على السلع والخدمات الأخرى.

وأعلن صندوق النقد الدولي منذ أيام توقعاته المحدثة لمعدلات التضخم عند مستويات 13.1% بنهاية يونيو المقبل، و14.4% لمتوسط الفترة.

بواسطة
محمد عيد
زر الذهاب إلى الأعلى