fbpx
الرأي

القيم الاخلاقية ثوابت في الحياة

 تعد القيم في كل مجتمع معايير للسلوك الإنساني والمجتمع المتوازن هو ذلك المجتمع الذي ينتشر فيه الوعي بالقيم ومن ثم الالتزام بهاويرتبط بازدياد الوعي والإحساس بها مفاهيم التقدم والتفاؤل والنظام والترابط والامر الذي لا جدال فيه ان الانسان لايستطيع ان يعيش في مجتمع دون قيم  تحكم سلوكه علي المستوي الفردي والاجتماعي  بل وتحكم سلوكه ازاء الكائنات جميعا وهذا يؤكد ان الانسان يعد كائنا اخلاقيا لديه بالفطرة ضمير يلزمه بالسلوك الاخلاقي باستنثاء من فسدت فطرتهم وصموا آذانهم وعقولهم عن صوت الضمير فهولاء من الشواذ الذين لايمثلون النوع الإنساني ولايوءثر وجودهم في جعلنا نفقد ثقتنا في الانسان الذي خلقه الله  في احسن تقويم من الناحيتين المادية والمعنوية ومن الحقائق الواضحة ان منظومة القيم الاخلاقية لها جذورها الضاربة في اعماق النفس البشرية لدي الشعوب المختلفة منذ آدم حتي يومنا هذا والي ان تقوم الساعة فلا خلاف علي ان الصدق والامانة والعدل والاحسان الي الوالدين من الفضائل التي ينبغي علي الانسان ان يلتزم بها وان مايقابلها من الكذب والخيانة والظلم وعقوق الراديو من الراذئل التي ينبغي علي الانسان ان ينأي بنفسه عنها وهذا ان دل إنما يدل علي ثبات القيم رغم اختلاف تصورات الأجيال في النظر اليها والاهتزاز في القيم الذي طرأ علي مجتمعاتنا يرجع من ناحية الي المتغيرات التي طرأت علي حياة المجتمع ولكنه في جانب كبير منه يرجع الي افتقاد الجيل الجديد للقدوةوالنموذج في البيت والمدرسة والعمل والنادي ….الخ ونحن في أشد الحاجة الي فهم المتغيرات الاجتماعية،وطموحات واهتمامات الأجيال الجديدة حتي نكون اكثر قربا منها وبالتالي نكون اقدر علي مساعدتها ولقد درجنا في جيلنا القديم علي سبيل المثال علي تقبيل يد والدينا كل صباح وعدم الجلوس أمامهم الا اذا سمحا لنا بذلك وعدم الخروج علي اوامرهما ونواهيهما وغير ذلك من عادات لم تعد قائمة في حياتنا ومن الصعب ان نقف في وجه هذه المتغيرات ولكن الذي ينبغي التاكيد عليه هوان قيمةالاحترام للإنسان من حيث هو إنسان وهذا الاحترام يجب ان يكون متبادلا وليس من جانب واحد وإلا كان خضوعا وخنوعا من جانب طرف لحساب الطرف الاخر وهذا لايليق بكرامة الانسان ..اننا في حاجة الي غرس قيم الاحترام والثقة بالنفس والاعتزازبالكرامة الانسانية في الجيل الجديد فقد خلق أبناؤه لزمان غير زماننا وهذا ماينبغي ان ندركه جيدا وإلا اخطأنا الطريق في تربية الجيل الجديد ولنا في قول رسول الله صلي الله عليه وسلم أسوة عندما صور بعثته بأنها استكمال للقيم الاخلاقية بقوله (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)

ولابد ان نذكر ان مصر صاحبة الحضارة العريقة عرفت القيم بصورة واضحة تماما قبل ان تعرف تعاليم الأديان السماوية وان دل ذلك إنما يدل علي ان القيم فطرية في النفس البشرية زود الله بها الانسان عند خلقه وان الطبيعة الانسانية في أصل فطرتها طبيعة خيرة وليست شريرة  فالاصل هو الخير والشر طارئ عليه .والحضارة ليست مباني شاهقة او تقدم في المجال المادي فقط إنما هي قبل كل ذلك تقدم اخلاقي من شأنه ان يدفع الي التقدم في كل المجالات الآخري في الحياة فكلما زاد الإحساس بالقيم والوعي بها كلما كان ذلك دافعا الي الصعود قدما نحو التحضر والرقي وقد صدق شاعر النيل حافظ ابراهيم  عندما ربط بقاء الدول وانحلالها بمدي حفاظها علي الأخلاق الفاضلة في قوله       انما الامم الأخلاق مابقيت * فإن همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا وعندما نتذكر بردية اني الشهيرة  والتي لاتزال موجودة بالمتحف البريطاني والتي تشتمل علي اتنين واربعين بنداً تمثل منظومة اخلاقية متكاملة شملت كل جوانب الحياة الفردية والاجتماعية والدينية  ويقول اني معبرا عن نفسه في العالم الاخرامام الآلهة اللذين يقطنون قاعة العدل والحق (اني  لم ارتكب إثما ولَم اسرق ولَم اقتل ولَم انطق بالاكاذيب ولَم أسبب ألما او حزنا اوبكاء لأحد ولَم ارتكب الزنا ولَم اتعامل بخبث ولَم ارتكب الفحشاء ولَم أتسبب في خراب ارض محروقة ولَم اتلصص علي احد او ارتكب نميمة ولَم أكن حانقا غاضبا الا من اجل الحق ولَم أدنس نفسي او أسبب الرعب لانسان ولَم ارتكب الفحش ولَم اصم أذني عن كلمات الحق والعدل ولَم أمارس الكبرياء ولَم أشعل نيران خصام أوعراك ولَم احكم دون روية ولَم لسعي في وشاية ولَم أضخم الكلمات ولَم ألوث ابدا المياه ولَم انطق بإستهزاء ولَم احرم الرضيع طعامه )ومن هذه الكلمات يتضح لنا مدي الإحساس الخلقي المرهف والإدراك الواعي للقيم الاخلاقية واهميتها في حياة الأفراد والجماعات وحين نطالع ذلك فإننا نشعر ان هؤلاء الذين قالوا ذلك منذ آلاف السنين كأنهم لايزالون يعيشون بيننا الان يشاركوننا الروءية ذاتها التي ننظر بها الي القيم الاخلاقية فالإنسان هو الانسان في كل العصور بصرف النظر عن تغيير الأحوال والظروف وهذا يدل علي ان القيم الاخلاقية ثابته لاتتغير بتغير الزمان او المكان فالفضيلة لايمكن ان تنقلب الي رذيلة والخير لايمكن ان ينقلب الي شر فنحن مهما تغيرت وجهات نظرنا وتصورنا للناس والاشياء فإن هناك ثوابت في حياتنا ومن بينها القيم الاخلاقية ..

بواسطة
بقلم الدكتورة – جيهان فؤاد رئيس فرع المجلس القومى للمرأة بالقليوبية
زر الذهاب إلى الأعلى