fbpx
الرأي

اهمية التعديلات للحياة السياسية في مصر

الدكتور عادل عامر

إن التعديلات الدستورية، والتي يتم الاستفتاء عليها في داخل مصر وخارجها، لها العديد من التأثيرات الإيجابية على جوانب الحياة السياسية في مصرو أنها ستسمح للرئيس عبد الفتاح السيسي بمكافحة التطرف والإرهاب على نطاق واسع وبقوة أكبر. أما بالنسبة للإرهاب الحديث فمن الممكن رصد أول علاماته في مراحل مبكرة في العديد من دول العالم وعلى رأسها دول الغرب. لقد كانت الحرب العالمية الثانية نقطة تحول في تاريخ الإنسانية من جهة ومن جهة أخرى فقد كانت نقطة انعطاف للإرهاب والعنف في التاريخ.

والسبب أنه مع هذه الحرب أخذ الإرهاب والعنف وجهاً مختلفاً تماماً. واليوم، يعاني العالم العربي والدول الإسلامية التي تشهد صراعات مذهبية وعرقية من العنف والإرهاب والتطرف. لأن الإرهاب والتطرف والعنف كما أنهم لم يعترفوا بالحدود ولم يميزوا بين العروق، فهم لم يحترموا أي دين أيضاً. وفي هذا الصدد أصبحت هذه الظاهرة مشكلة دولية غير قابلة للحل.

لا شك بان الإرهاب ظاهرة خطرة تستهدف الإنسان وأي نشاط يتعلق به بقدر ما تستهدف أسس أو أركان الدولة. لأن الإرهاب لا يأخذ بعين الاعتبار حجم الكوارث البشرية التي ستنتج عنه. أحد العوامل التي تزيد من مضمون هذه الجريمة هو إصرار الأشخاص(الإرهابيون) على إدخال ما تلقوه من الآراء الايديولوجية إلى الحياة. في النهاية فإن فرض أي رأي باستخدام العنف والقوة هو شكل من أشكال الإرهاب. بناءً على ذلك، يمكننا القول إنه هناك علاقة وثيقة بين التطرف والإرهاب. إن الإرهاب ظاهرة معروفة منذ العصور القديمة، ولكنها اليوم اكتسبت أبعادًا مختلفة في المجتمع الحديث. لم ينشأ العنف والإرهاب والتطرف من تلقاء أنفسهم. على العكس فإن لهم العديد من الأسباب. معرفة الأسباب في هذه النقطة أمر بالغ الأهمية، لأنها ستساعد في حل المشكلة.

فكما أنه من غير الممكن العلاج من دون تشخيص فإنه من غير الممكن أيضاً التشخيص من دون معرفة الأسباب. وهنا تكمن أهمية اكتشاف جذور العنف والإرهاب والتطرف. معرفة أسباب هذه الظواهر هي موضوع يهم العالم أجمع. أن الأجهزة المنوط بها مكافحة الإرهاب تتعامل مع الإعلام على أنه عبء، وليس شريكا وطرفا في مواجهة التطرف والإرهاب.

أن المشكلة الأساسية التي تواجه التعامل الإعلامي مع الأحداث الإرهابية تتعلق بغياب المعلومات الرسمية التي تصدر عن الدولة، مما يجعل المتابعين يتجهون إلى وسائل الإعلام الإلكترونية التي تقدم في كثير من الأحايين بيانات مغلوطة، وهو الأمر الذي يصعّب من مهمة الإعلام الرسمي في تصحيح تلك البيانات المغلوطة، الأمر الذي يفقد مصداقية كثير من وسائل الإعلام. ولنجاح وسائل الإعلام في توعية المواطنين من التطرف والإرهاب، فإن عليها تجديد الشخصيات الدينية، وتقديم وجوه جديدة، بعدما ملّ المشاهد من تكرار الشخصيات نفسها، والخطاب،

وأن كثيرا منها قد فقد مصداقيته. أهمية إدماج الأمن الفكري في التعليم، وتصحيح المفاهيم المغلوطة في المقررات الدراسية، والاهتمام بدراسة مادة الدين بالمدارس. كما أشارت إلى تجربة بعض الدول في التربية المدنية التي تقوم على تدريس حقوق الإنسان، والانتماء إلى الدولة، والتي من شأنها تأكيد أن الانتماء إلى الدين لا يجبّ الانتماء إلى الدولة، مع ضرورة التركيز على الأنشطة والهويات، لأنها تُخرج الطاقة السلبية عند الطلاب، وتدريس المقررات من خلال الحوار والتعليم النقدي.

أن تلك التعديلات الدستورية تضمن استمرار السيسي في نجاحه المرتبط بالانتعاش الاقتصادي، وهذا سيؤدى إلى المزيد من الاستقرار للبلاد. أن ثقة مؤسسات دولية لها ثقلها في قدرة الاقتصاد المصري، على الوفاء بتعهداته وزيادة معدل النمو بشكل ملحوظ أمر يدعو للتفاؤل والطمأنينة وهو الأمر الذي كان له أثر بالغ في السيطرة على معدلات التضخم خلال الأشهر القليلة الماضية، مشيرا إلى أن هناك توقعات باستمرار زيادة معدل النمو إلى 5.5% بعد أن وصل إلى 5.2% في العام المالي الأخير. انخفاض التضخم سيسمح بخفض أسعار الفائدة الرئيسية، في حين سيستمر الجنيه المصري في تعزيز سعره مع ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية ونمو إنتاج مصر من الغاز الطبيعي. عجز الحساب الجاري سينخفض في الفترة من 2018 إلى 2020، ثم سيحقق الحساب فائضاً في عام 2022 حيث سيتجاوز معدل نمو الصادرات، معدل نمو الواردات التي ستتباطأ (مقارنة مع 2017) من خلال زيادة انتاج الوقود المحلي.

أن التعديلات الدستورية أيضا تجعل نسبة 25% من البرلمان القادم للمرأة، مما يعد نجاح واستحقاق مستحق للمرأة المصرية. والحقيقة ان مصر من الدول التي وقعت على الاتفاقية الدولية لإلغاء جميع اشكال العنف ضد المرأة والتي تنص على اتخاذ الدول الموقعة التدابير الوطنية التي تكفل تمثيل المرأة في البرلمان بما لا يقل عن 30 % والى الان لم تتخذ مصر التدابير التي تكفل ذلك.

أضف لذلك ان مركز مصر الآن، في مؤشر عدم المساواة بين الجنسين الدولي في التمكين السياسي هو 122 من 149 دولة، وإذا وصلت نسبة المرأة في البرلمان إلى 25%، يصبح مركز مصر 91 من 149 دولة، بتقدم 31 مركز إلى الأمام، ومع نسبة الوزيرات 25% إلى نسبة البرلمانيات المقترحة وهي 25% يصل ترتيب مصر الدولي إلى 67، بمعنى إن مصر سوف تقفز بـ 55 نقطة…وقد لا يدرك المواطن العادي ان مثل هذه الإنجازات في وضع المرأة يعزز موقف مصر سياسيا في العالم وفي مجلس الامن بالأمم المتحدة.

واذا تذكرنا ان الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، جاءت لتحسين نسبة المشاركة السياسية للمرأة حتى تصل إلى 35% في عام 2030. ، وان دستور 2014 صان كل الحقوق والحريات والمساواة والفرص المتكافئة ومنع التمييز ضد المرأة المصرية. ، وخصص نسبة المرأة المصرية في المجالس المحلية 25% ….لأدركنا ان المقترح في التعديلات الدستورية بتخصيص 25% من مقاعد البرلمان كحد ادني للمرأة لهو السياق الطبيعي لمرحلة سياسية تشهد انتصارا لحقوق المرأة ليس عن مجاملة وانما عن اثبات كفاءة في المواقع السياسية العليا ، بل هو نصف المأمول فقط . الدولة ليست السلطة التنفيذية التي كثيرا ما تبتلع الدولة. وليست هي السلطة التشريعية التي تشرع للدولة والمؤسسات المستقلة. ولا تتبع النظام السياسى. بل هي السلطة القضائية التي تحمى حقوق المواطن والجماعات. ويخضع الجميع لها باعتبارها ممثلة للقانون.

وقد مر بنو إسرائيل بحكم القضاة في مرحلة تاريخية بعد حكم الأنبياء. وقد قيل لا يجوز التعليق على حكم القضاء لاستقلاله ونزاهته وقيامه على العدل. وفى الأمثال «العدل أساس الملك». وصورته على واجهات المحاكم الميزان. وهي أيضا صورة العدل الإلهي. والميزان لا يظلم. وهو مثل السماء والأرض «وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ».

الدولة هى الوطن. هو ما يأمل الإنسان من تحقيقه من خير وعدل. أما النظام السياسى فقد يكون هو السبب في هجرة الأوطان، شرعيا أو لا شرعيا. فيصبح أجنبيا بدل المواطن من أهل البلد أو يغرق في البحر أو يموت في الصحراء عطشا. ولا مانع أن تكون الهجرة إلى إسرائيل. ويتزوج إسرائيلية. وينجب ذرية إسرائيلية. فالطفل الإسرائيلي ينسب إلى أمه، وليس إلى أبيه.

وقد صورت بعض الأفلام المصرية هذه المأساة بعد أن بلغ المصريون المهاجرون إلى إسرائيل بالآلاف. ويظل طوال عمره مواطنا من الدرجة الثانية مثل عرب إسرائيل أهل البلاد حتى ولو وصلوا إلى الأغلبية بعد عشرات السنين.

يتحول النظام الإسرائيلي إلى دولة ووطن. وتتحول الدولة العربية إلى نظم سياسية وهجرة. دولة تجذب المواطنين، ونظام سياسي يطرد مواطنيه. في حالة أصبح النظام السياسى هو الدولة، وفى حالة أخرى أصبحت الدولة هو النظام السياسى. والمواطن ضائع في الحالتين. يحن إلى وطنه الأول وليس إلى دينه أو نظامه السياسى. ويظل الحنين إلى الأوطان هو الحامي للدولة. وتظل أغاني سيد درويش في ثورة 1919 تصدح في القلوب.

زر الذهاب إلى الأعلى