fbpx
دنيا ودين

عمير بن سعد…. نسيج وحده

اختار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عمير واليا على حمص، وحاول أن يعتذر عمير ولكن ألزمه أمير المؤمنين بذلك، فاستخار عمير ربه ومضى الى واجبه، وفي حمص مضى عليه عام كامل، لم يصل الى المدينة منه خراج بل ولم يَبْلُغ أمير المؤمنين منه كتاب، فبعث عمر الى عمير -رضي الله عنهما- ليأتيه الى المدينة.
فأتى الى المدينة أشعث أغبر يكاد يقتلع خطاه من الأرض اقتلاعا من طول مالاقى من عناء، على كتفه اليمنى جراب وقَصْعة، وعلى كتفه اليسرى قِرْبة صغيرة فيها ماء، وإنه ليتوكأ على عصا، لا يئودها حمله الضامر الوهنان.
ودخل عمير على مجلس عمر وقال: { السلام عليك يا أمير المؤمنين }. ويرد عمر السلام ثم يسأله وقد آلمه ما رآه عليه من جهد وإعياء: { ما شأنك يا عمير ؟}. فقال: { شأني ما ترى، ألست تراني صحيح البدن، طاهر الدم، معي الدنيا أجُرُّها بقَرْنيها ؟}. قال عمر: { وما معك ؟}. قال عمير: { معي جرابي أحمل فيه زادي، وقَصْعَتي آكل فيها، وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي، وعصاي أتوكأ عليها، وأجاهد بها عدوّا إن عَرَض فوالله ما الدنيا إلا تَبعٌ لمتاعي !}. قال عمر: { أجئت ماشيا ؟}. قال عمير: { نعم }. قال عمر: { أو لم تجد من يعطيك دابة تركبها ؟}. قال عمير: { إنهم لم يفعلوا، وإني لم أسألهم }. قال عمر: { فماذا عملت فيما عهدنا إليك به ؟}. قال عمير: { أتيت البلد الذي بعثتني إليه، فجمعت صُلَحَاء أهله، وولّيتهم جِباية فَيْـئهـم وأموالهم، حتى إذا جمعوها وضعتها في مواضعها، ولو بقـي لك منها شيء لأتيتـك به }. فقال عمر: {فما جئتنا بشيء ؟}. قال عميـر: { لا }. فصاح عمر وهو سعيد: { جدِّدوا لعمير عهدا }. وأجابه عمير: { تلك أيام قد خلت، لا عَمِلتُ لك ولا لأحد بعدك }. فضله وبقي عمر بن الخطاب يتمنى ويقول: { وَدِدْتُ لو أن لي رجالا مثل عُمير أستعين بهم على أعمال المسلمين }.
فقد كان عمير بحق (نسيج وحده)، فقد كان يقول من فوق المنبر في حمص: { ألا إن الإسلام حائـط منيع، وباب وثيـق، فحائط الإسـلام العدل، وبابه الحق، فإذا نُقِـضَ الحائط وحُطّـم الباب استُفْتِـح الإسـلام، ولا يزال الإسـلام منيعا ما اشتد السلطان، وليست شدة السلطان قتلا بالسيف ولا ضربا بالسوط، ولكن قضاء بالحـق، وأخذاً بالعـدل }.
بواسطة
احمد العركي
زر الذهاب إلى الأعلى