fbpx
الرأي

محيي النواوي يكتب:”الجراحة السياسية.. بداية شفاء الجسد العربي”

إن تشخيص حالة الجسد العربي.. تشير إلى أن التدخل الجراحي بات هو الحل الحتمي الوحيد لإنهاء آلام الأمراض المتراكمة على هذا الجسد المتهالك، وأنه لا مجال لوجود المسكنات ضمن خريطة الطريق نحو تحقيق الشفاء.
فقد عانى الجسد العربي من أمراض متعددة ومتنوعة طيلة الزمن.. وكان أسلوب العلاج المتبع معه هو أسلوبًا واحدًا ألا وهو “المسكنات”، التي تعمل علي تخفيف تلك الآلام لفترة محددة.. وعقب إنتهاء تلك الفترة.. تعود الآلام مرة أخرى ويصاحبها أمراضًا أخري تنتشر في هذا الجسد الذي تحامل فوق طاقته. من أمراض الإحتلال واغتصاب الأرض وتدميرها وتشريد شعبها.. والتي أصابت الخلايا العصبية للجسد وجعلته عاجزًا عن الحركة.. أمراض نهب ثروته.. والتي أصابت قلبه الذي يضخ الدماء والرفاهية للجسد كله وجعلته عاجزًا عن ضخ الدماء التي تحمل التقدم والتطور إلي شرايين وأوردت الجسد.. أمراض الفكر المتطرف والإرهابي.. والجهل الذي أصاب خلايا المخ بأورام خبيثة جعلته عاجزًا عن التفكير.
كيف يمكن إذًا بناء الجسد العربي مرة أخرى؟.. كيف يمكن للحياة أن تدب في هذا الجسد الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة؟.. كيف يمكن أن نسترد الجسد العربي لنا مرة أخرى؟.. إذًا لابد من إجراء عملية جراحية للقلب لكي يعود ليضخ الدماء في أوردة وشرايين الجسد.. لابد من إجراء عملية جراحية للمخ وأستأصال ورم الفكر المتطرف والإرهابي الخبيث.. لابد من إجراء عمليه جراحية في أطرافه العصبية وبناء عموده الفقري من جديد.. حتي يستطيع أن يقف ويسير على قدميه من جديد.
لابد من إعادة الجسد العربي مرة أخرى والذي حولته تلك الأمراض إلي كهل وهو في ريعان الشباب.
إن الغرب قد نجح في تحضير وتنفيذ معادلة تكسير وتحطيم الوطن العربي.. وكان المذهل في ذلك أنهم قد أستعانوا بالعرب ذاتهم لتنفيذ خطوات تلك المعادلة منذ تحضيرها في معمل “المؤامرات السياسية”، وحتي ظهور نتائجها في أراضي الوطن العربي والتي حولتها من أراضي خصبة تصلح لزراعة كل ما هو أفضل ويحظي بالتقدير.. إلي أراضي جرداء لا تصلح إلي أي شيء.. سوا الدمار والدماء الذي حظت به ديارنا وأجسادنا العربية.
كان تأملي لتلك المشاهد التي تشبه الكثبان الرملية المتحركة صادمًا ومفزعًا، وتذكرت حينها مقولة وزير الدفاع الإسرائيلي السابق “موشيه يعلون” حينما قال: “ليس من المتعة أو السياسة أن تقتل عدوك بيدك، فعندما يقتل عدوك نفسه.. أو بيد أخيه فإن المتعة أكبر.. وهذه سياستنا الجديدة.. أن نشكل ميلشيات للعدو ليكون القاتل والمقتول من العدو”!!
توقفت كثيرًا أمام هذه الكلمات المفزعة.. وتذكرت ما يحدث الآن بأسم الجماعات التي تدعي أنها تدافع عن الدين الإسلامي.. وفي الواقع نري القاتل يقول: “بسم الله.. الله أكبر”!!، والمقتول يقول: “أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله”!!.. ونحن المشاهدين والمتابعين لا نملك سوا أن نقول: “لا حول ولا قوة إلا بالله” !!
أنني لا أعلم كيف أختفي العقل العربي بهذه الطريقة.. وأصبح عالمنا العربي بعيدًا عن العالم بهذه الطريقة.. لا سبيل لنا إلى المستقبل بتلك النخبة القاحلة.. ولا تلك النفوس المهترئه.. التي جعلت من شعوبنا قتلي وجرحي. ولاجئين.. لا يعلمون أي مصير ينتظهرهم.. هل هو مصير الغرق في البحار والمحيطات ويكونون وجبه دسمه تتغذي عليها الأسماك المتواجدة في تلك البحار والمحيطات؟.. أم مصير الموت من البرد والسقيع الذي ينتظرهم في المخيمات التي تقام لهم علي الأطراف الحدودية لتلك البلاد التي يغادرون إليها؟.. أم مصير الموت جوعاً لعدم توافر الطعام.. الذي وأن وجد يسقط عليهم من الطائرات.. كما وكأنها تسقط قذائف النجدة لهم؟.. أم مصير الموت لعدم توافر العلاج؟.. كل هذه مشاهد ضحايا المعادلة التي أجريت في “المعامل السياسية”.. التي أدت إلي أختفاء الإناس القابضون علي حضارتهم، وتصدر من خلال تلك المعادله الرعاع الذين جعلوا الدمار والدماء والقبور وأعداد القتلي وتفكك الدول وجعلها في اللاوجود.. جعلوا الغرب هو ما يملك ويدير.. حان الوقت لكي نقول: ” حتي هنا وكفي”.. حان الوقت لكي نحرر بلادنا من المسكنات التي أدت إلي جعلنا في قاع العالم.. إذًا لابد من التدخل الجراحي .
الجراحة السياسية هي الحل.

زر الذهاب إلى الأعلى