fbpx
الرأي

نجاح عبدالله سليمان يكتب : العرب والهند… تحولات العلاقة مع قوة ناشئة

عالمياً؛ حققت الهند قفزات اقتصادية وصناعية مهمة جعلتها أحد أسرع الاقتصادات نمواً على مستوى العالم، وتطورت علاقاتها الاقتصادية مع الدول العربية، بخاصة بعد أن غدت تحتل المرتبة الثالثة عالمياً في استيراد النفط. في المقابل، شهدت علاقات الهند السياسية بالدول العربية تراجعاً كبيراً؛ فبعد أن كانت خلال فترة الحرب الباردة من المدافعين عن حركات التحرر والقضايا العربية، بخاصة القضية الفلسطينية، دخلت اليوم في حالة تعاون استراتيجي مع إسرائيل، ولا سيما في مجال صناعات الدفاع والتكنولوجيا العسكرية.

وسعت الهند منذ العقد الأخير من القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين إلى إبراز ذاتها قوةً فاعلةً في المسرحين الإقليمي والدولي، وتعتمد في سياسة الإبراز تلك على رافعة تحسين علاقاتها مع دول العالم التي أصبح لها دور مهم ومؤثر على الصعيد الدولي من أجل تحقيق مصالحها باعتبارها قوة إقليمية كبرى. وكانت المنطقة العربية، والشرق الأوسط عموماً، من المناطق التي عملت الهند على تحسين علاقاتها معها، بحكم موقعها الجغرافي ودورها في حركة عدم الانحياز طيلة فترة الحرب الباردة، ولاسيما في الجانب الاقتصادي.

إن العلاقات الهندية العربية أصبحت من الملفات الحيوية ذات الأهمية المتنامية في الوقت الحاضر، في ظل الدور المتزايد الذي يضطلع به الطرفان على الساحتين الإقليمية والدولية. فالهند تُعدُّ من القوى العالمية الناشئة التي يُنتظر أن يكون لها تأثير في الساحة الدولية في المستقبل المنظور، بينما تظل منطقة الخليج العربي ذات أهمية جيوسياسية واقتصادية كبيرة للقوى الدولية، نظراً للممرات المائية المهمة في المنطقة، وأيضاً باعتبارها مخزوناً للطاقة، فضلاً عن المكانة الاقتصادية التي باتت تحتلها في المنطقة العربية والشرق الأوسط.

الجالية الهندية في العالم العربي عموماً، ودول الخليج بخاصة، لها مساهمتها في تعزيز الجانب الاقتصادي. ومع ملاحظة أن تدفُّق العمالة الهندية إلى دول الخليج بدأ منذ عام 1935، لكن ارتفاع أسعار النفط في السبعينات من القرن العشرين، عزَّز هذا التدفُّق بصورة كبيرة، لاسيما من العمالة غير الماهرة وشبه الماهرة. ومنذ ثمانينات القرن العشرين، بدأت العمالة الماهرة تتَّجه صوب دول الخليج التي شهدت تحسناً في وضعها الاقتصادي، ما أدى إلى اهتمام الحكومة الهندية بتلك الدول، وتنشيط علاقاتها معها. إذ تنظر الهند إلى المهاجرين الهنود باعتبارهم مصدر قوة لاقتصادها، حتى أصبحت الهند أكبر مستقبل لتحويلات المهاجرين منذ عام 2011؛ إذ بلغت هذه التحويلات أكثر من 64 بليون دولار. فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي والهند عام 2014 نحو 55 بليون دولار. وتفيد أرقام أخرى بأن الهند تستورد 45 في المئة من حاجاتها من النفط من دول مجلس التعاون الخليجي، كما أن عدد العاملين الهنود في دول الخليج يصل إلى سبعة ملايين عامل، وتبلغ تحويلاتهم النقدية نحو ستة بلايين دولار سنوياً، وفق أرقام معهد الأمن والدفاع في الهند.

 

نقلا عن صحيفة الحياة

زر الذهاب إلى الأعلى