أخلاقيات المهنة في المجال الرياضي
الدكتور عادل عامر
يعتبر المدرب شخصية تربوية بالدرجة الأولى ، فهو يعتني بالسمات النفسية والشخصية للرياضيين بنفس القدر الذي يعتني به بالصفات البدنية والمهارية ، ولأجل تحقيق الهدف المراد من التدريب وهو إيصال الرياضي إلى أعلى مستوى له من الناحية البدنية والمهارية والنفسية وجب عليه التحلي ببعض الأخلاقيات التي من شأنها أن تجعله قدوة أمام الرياضيين الذين يدربهم ، وتتمثل في ما يلي :
ا* التكوين الجيد : يعتبر التكوين في المجال الرياضي أحد مفاتيح صناعة البطل الرياضي ، ودونه يتجه التدريب الرياضي إلى العشوائية التي من شأنها تعطيل الفريق عن الوصول إلى الاهداف المسطرة في بداية الموسم ، لذلك عليه الحرص على تكوين نفسه ذلك التكوين الذي يستجيب لخطط اللعب المختلفة وطرق تنمية الصفات البدنية والمهارية ، بالإضافة غلى الحرص الدائم على تجديد معلوماته الفيسيولوجية وكل ما له علاقة بالتدريب حتى لا يظهر في ثوب الضعيف امام لاعبيه وخصومه.
ب* ممارسة المهنة بوعي وشرف واحترام : إن ممارسة مهنة التدريب أو اللعب في مختلف ألوان الرياضة تتطلب أن يكون صاحب الوظيفة واعيا بما يقوم به ومؤديا للحقوق التي تترتب عن هاته الوظيفة ، وأن يبتعد عن كل طرق التحايل أو الفوز غير النظيف ، كما يتحتم عليه أيضا زرع الاحترام بينه وبين لاعبيه بالنسبة للمدرب أو المسير ، وبينه وبين زملائه إن كان لاعبا ومديرا أو وكيل أعمال . بعيدا عن العنف والفوضى أو السلوكيات التي من شانها تحطيم الفريق أو زرع الفتنة بين لاعبيه وطاقمه .
ج* الصراحة والصرامة والانضباط : تعتبر مهنة التدريب من المهن التي تتعارض فيها أفكار المدرب مع مستويات اللاعبين وقد يحتاج أحيانا إلى لاعب دون سواه في منصب من المناصب مما يوقع في حرج الاختيار لذلك عليه أن يكون صريحا مع اللاعبين من حيث الاختيارات وخطط اللعب وطريقة الاداء والمستوى الذي يقدمه اللاعبون اثناء التدريب والمنافسة ، صارما في التدريب والاختيارات ، وأن لا يتجاوز عن الاخطاء التي تحدث، كما أن تفضيل اللاعبين بعضهم على بعض لأسباب موضوعية يجعل منهم يبذلون قصار جهدهم لإقناع المدرب بقدراتهم . ولكن إن كان المدرب لا يتحلى بالصراحة والصرامة والانضباط فهذا يجعل من اللاعبين يتراخون أو ربما يتغيبون في التدريبات مما ينعكس سلبا على المنافسة.
د* احترام القوانين واللوائح : يعتبر احترام القوانين واللوائح والاطر أحد أسرار التفوق في الوظيفة الرياضية ، حيث يسعى فيها صاحب الوظيفة إلى التواجد دائما في وضعية قانونية تتيح له نيل حقوقه وأداء واجباته، كما أن الاحترام المتبادل بين أطراف العملية الرياضية من حيث المعلومات والعمل والاستراتيجيات والخطط يجعل العلاقات محفوظة بين المدربين واللاعبين ، ويجعل من تدخل المدرب في ذات الرياضي مقبولا ونصائحه معمولا بها .
1- مصادر أخلاقيات المهنة: لأخلاقيات المهنة عدة مصادر تجتمع أغلبها في :
– المصدر الديني:- تعد الأديان السماوية أهم مصدر من مصادر الأخلاقيات، وقد أكدت السنة النبوية الشريفة وفصلت ما ورد في القرآن الكريم. وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال “علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف” . وقال ” علموا وأرفقوا ويسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا”.
– الثقافة العربية الإسلامية: كان موضوع أخلاقيات مهنة التعليم من الموضوعات الرئيسة التي تناولها العرب والمسلمون بالدراسة وسبقوا فيها غيرهم، وكانوا أول من أدركوا في كتبهم أهمية المبادئ والأسس الأخلاقية التي تقوم عليها المهنة.
– التشريعات والقوانين والأنظمة: تعد التشريعات والقوانين والأنظمة المعمول بها من المصادر الأخلاقية فهي تحدد للموظفين الواجبات الأساسية المطلوب إليهم التقيد بها وتنفيذها ويقصد بالتشريعات دستور الدولة، وجميع القوانين المنبثقة عنه.
– العادات والتقاليد والقيم: يعتبر المجتمع المدني الذي يعيش فيه الفرد ويتعامل معه في علاقات متشابكة ومتداخلة مصدرا مهما من المصادر التي تؤثر في أخلاقيات المهنة للأفراد الذين يتعاملون ويتعايشون في هذا المجتمع سواء على مستوى علاقة الموظف بالمجتمع المحلي أم على مستوى علاقته مع زملائه داخل المؤسسة، أم على مستوى علاقته مع الطلبة
2- أخلاقيات مهنة التعليم
لا شك أن المعلم الجيد هو أهم عوامل نجاح العملية التعليمية ، ذلك لأن طبيعة عمله تقتضي منه أن يكون صاحب رسالة أكثر منه صاحب مهنة ، وبقدر ما يكون مؤهلا لحمل هذه الأمانة بقدر ما ينجح في تربية الأجيال ، وحيث أنه صاحب مهمة كبيرة يجب أن يتخلق بأخلاقيات المهنة، وأن يتصف بصفات قد لا تتوفر في غيره، ومن بين الصفات التي يجب أن تتوافر في المعلم ما يلي :
1) الإخلاص والضمير المهني :
إن النور كما يقولون يدل على مصدر الضوء ، وعندما يشتق سلوك المعلم وتقديره لعمله من التزام بالدين يتحول إلى مجموعة من المثل العليا. ولقد كان هذا الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية، يترجم عن توتر خلاق ودافع في أفكار المربين حتى أخذوا العلم مأخذا أخلاقيا مثاليا محضا ، فلم يغلب أي اعتبار آخر على هذا
الاعتبار الأخلاقي ، أضف إلى ذلك ما يفرضه الضمير المهني من التزام بروح المسؤولية كقانون أخلاقي لمهنة التعليم.
2 المعلم ذو ثقافة عامة :
° المعلم لا يكون صالحا حتى يكون مزودا بثقافة عامة، تعينه على فهم الطبيعة والمجتمع ، وتمكنه من إدراك ما يترتب على عمله من خير وشر، وتساعده على إدراك القيم الخلقية والمبادئ العلمية والمبادئ الفنية وطبيعة المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ومهنة التدريس تحتاج إلى ثقافة عامة واسعة ، ومن هذا المنطلق ، نصح المفكرون والمربون المعلم بأن يكون على نصيب من الثقافة العامة.
3 المعلم واسع الاطلاع في مادته العلمية :
° أدرك المربون أن غزارة المادة العلمية ، هي أحد عناصر الكفاية الخاصة للمعلم ، وتظهر أهمية ذلك من خلال ميل المتعلمين وحبهم وإعجابهم وإقبالهم على معلمهم لما يجدونه عنده من حسن تصرف في أطراف البحث وغزارة في المادة التي يدرسها.
والمعلم الذي لا ينمو في مهنته باستمرار يصدأ ، لذلك وجب عليه ، “أن لا يستنكف من التعلم والاستفادة ممن هو دونه في منصب أو سن أو نسب ، أو شهرة أو دين ، أو في علم ، بل يحرص على الفائدة ممن كانت عنده ، فقد كان كثير من السلف يستفيدون من تلاميذهم ما ليس عندهم.
4 المعلم عارف بطبيعة المتعلم :
° إن كل متعلم له طبيعة خاصة ، مما يتطلب من المعلم أن يجرب ذهنه ويعلم حاله ، لأن من الناس من يحفظ عشر ورقات في ساعة ومنهم من لا يحفظ نصف صفحة في أيام.
5 المعلم ملتزم بآداب وأخلاقيات :
° أدرك المربون المسلمون، أن هناك صفات ومزايا لابد أن يتمتع بها المعلم، كي ينجح في تعليم تلاميذه ، هذه المزايا والمسؤوليات أطلق عليها اسم آداب المعلم ، وهي التي ينبغي أن يلتزم بها لإنتاج تعليم هادف. فعلى المعلم أن يتخير من الأخلاق أجملها ، ومن الآداب أفضلها ، يستعمل ذلك مع البعيد والقريب ،
والأجنبي والنسيب ، ويتجنب طرائق الجهال ، وخلائق العوام والأرذال .
6 المعلم صائن لعلمه عن المفاسد :
إن صيانة النفس أصل الفضائل (… من أهمل صيانة نفسه ، ثقة بما منحه العلم من فضيلة ، وتوكلا على ما يلزم الناس عن صيانته ، سلبوه فضيلة علمه ووسموه بقبيح تبذله ، فلم يفي ما أعطاه العلم ، بما سلبه التبذل ، لأن القبيح أنم من الجميل ، والرذيلة أشهر من الفضيلة ، إذ الناس لما في طبائعهم من البغض والحسد ونزاع المنافسة ، تنصرف عيونهم عن المحاسن إلى المساوئ ، فلا ينصفون محسنا ، ولا يحابون مسيئا ، لا سيما من كان بالعلم موسوما ، وإليه منسوبا فإن زلته لا تقال، وهفوته لا تقدر ، وقد قيل في منثور الحكم ، زلة العالم كالسفينة تغرق ويغرق معها خلق كثير.
7 المعلم بان للمجتمع :
° ينبغي الاعتراف بان المعلم عضو في المجتمع ، له نفس الحقوق التي يتمتع بها سائر أفراد المجتمع، وعليه ، فهو مسؤول أكثر من غيره عن بناء مجتمعه ، وليس هذا بالعمل السهل ، فوظيفته تتطلب منه تقديم التلميذ لمجتمعه ، وتقديم ثقافة المجتمع للتلميذ ، ولذا ، من المحتم عليه ، أن ينغمس في حياة مجتمعه ويخالط
الناس ويشاركهم في كثير من الأعمال الاجتماعية والمشاريع الثقافية والخيرية.
8 المعلم عادل في تعامله مع المتعلمين :
تظهر عدالة المعلم وتتأكد، حين ينال كل طالب الفرصة نفسها التي ينالها زميله ، في التعبير عن رأيه ، وفي تصحيح المعلم لمعلوماته ، وفي مجال الثواب والعقاب وغيرها ، ذلك أن المتعلمين يتميزون بالحساسية الشديدة اتجاه عدالة معلميهم ، هذه العدالة ، قد لا يدرك بعضهم أهميتها ولكنها مع ذلك قد تترك آثار في نفسية المتعلمين.
إن إقامة العدل بين المتعلمين ضرورة تربوية إسلامية ، فالتلاميذ في أي فصل دراسي إنما هم رعية، والمسؤول الأول عنهم هو المعلم ، عملا بحديث رسول الله “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”
9 المعلم نصوح للمتعلمين رفيق بهم :
طبيعة التعليم تضع المعلم في مركز المستشار النصوح للمتعلمين ، فمن الضروري أن تبنى علاقات بين المتعلم والمعلم تسودها الثقة والمحبة والنصح المتبادل.
10 المعلم حسن المظهر :
من الضروري أن لا نحمل المعلم أكثر من طاقاته من مواصفات قد تبدو في بعض الأحيان مثلا ، فهو إنسان كغيره من الناس ، لكنه في الوقت نفسه محط أنظار التلاميذ الذين تبقى عيونهم شاخصة إليه ، باحثة عن أشياء تستطيع أخذها عنه كمثل وقدوة وأسوة حسنة ، ولذا وجب عليه أن يظهر بمظهر عام ومقبول.
11 المعلم معتدل في صوته ، تعبيراته ، حركاته ، إشاراته :
على المعلم أن لا يرفع صوته زائدا على قدر الحاجة، ولا يخفضه خفضا لا يحصل معه كمال الفائدة ، أما عن تعبيرات الوجه ، فهناك من المعلمين من يقتلون أشد الدروس حيوية وإثارة بسبب تقديمهم لها بطريقة ميتة ، لا تبعث الحيوية فيها إطلاقا ، لذا نصح المربون المعلم أن تكون حركاته وإشاراته ولفتاته حقيقية
ومضبوطة لا زيادة فيها ولا مبالغة ، فإتقان استخدام لغة الجسم لا تقل عن استخدام اللغة العادية على الإطلاق، بل إنهما يكملان بعضهما ، والهدف واحد وهو التواصل الجيد مع الفئة المستهدفة.
12 المعلم مرشد وموجه :
يظهر دور المعلم التوجيهي الإرشادي من خلال مجموعة من الخدمات التي تهدف إلى مساعدة المتعلم في فهم نفسه وفهم مشاكله ، وبالتالي تدفعه ليستغل إمكاناته الذاتية من قدرات ومهارات واستعدادات وميول.
13 المعلم باحث ناقد موضوعي نام في مهنته :
حينما يتميز كل ما يفعله المعلم بروح الباحث المحقق الناقد ، فإن ذلك سينمي في المتعلم الرغبة في البحث في كل ناحية من نواحي التعليم والدراسة.
14 المعلم عالم بعلمه مجرب يقرن النظري بالتطبيق :
إذا نظرنا إلى المعلم من خلال الفكر التربوي الإسلامي ، ومن خلال التطبيق العملي ، وجدناه عالما بالضرورة ومعلما بالطبيعة ، يتفق فيه العلم مع العمل والنظر مع التطبيق ، والإدراك الحسي مع الإدراك العقلي ، والانسان مع البيئة ، وهذه الثنائيات متفاعلة كل مع الأخرى .