الأدوية البيطرية المغشوشة سلاح يُهدد حياة المواطنين
مطالب بملاحقة مصانع "بير السلم" وتشديد الرقابة على منافذ البيع لضمان التداول الآمن للأدوية

كتب – محمد عيد:
من غش الأدوية البشرية التي نسمع عنها يومًا تلو الآخر إلي غش الأدوية البيطرية، الذي راح يهدد الثروة الحيوانية، وحياة المواطنين، ما أثار قلق البرلمان، وجعل الدكتورة شيرين فراج عضو مجلس النواب، تتقدم بطلب إحاطة عاجل لثلاث وزراء هم عز الدين أبو ستيت وزير الزرعة، وهالة زايد وزير الصحة، وعلي مصيلحي وزير التموين، وذلك بشأن انتشار الأدوية البيطرية المغشوشة في مصر.
وقالت النائبة في طلبها، إن الفترة الماضية شهدت انتشارًا كبيرًا للأدوية البيطرية واللقاحات المغشوشة عن طريق تغيير مكونات العبوات وتزويدها بإضافات تقلل المادة الفعالة بها مما يجعلها أقل تأثيرًا على المرض، قائلة: “إن هذه المواد المضافة تترسب في أبدان الحيوانات فتؤثر على الإنسان حين يتناول اللحوم والبيض والألبان”.
وأضافت النائبة، أن المواد المضافة تؤدي إلى حدوث خلل في وظائف الكلى والكبد، بالإضافة إلى حدوث تشوهات جنينية لدى الأم الحامل، كما أن انتشار هذه الأدوية المغشوشة يزيد من فرصة انتشار الأمراض بالنسبة للإنسان والحيوان على حد سواء ويتسبب في تراجع الإنتاج الحيواني والداجن والسمكي.
وأشارت إلى أن الأمر يتطلب تشديد الرقابة على سوق الأدوية والبيطرية بالتنسيق ما بين الجهات المختصة وملاحقة مصانع “بير السلم” لضمان التداول الآمن لتلك الأدوية، وتغليظ العقوبة على المخالفين وتوعية المربين بخطورتها، وتوحيد جهات إدارة ملف الأدوية البيطرية والتي تسببت في تداخل إجراءات التفتيش ومراقبة تداول المنتجات ومن ثم إنتشار الأدوية، بالإضافة إلى غياب الأطباء البيطريين المتخصصين في تلك الحملات، وضرورة وضع خطة واضحة لتشجيع الاستثمار في هذا القطاع.
وقال النائب محمود شعلان، عضو لجنة الزراعة بالبرلمان، إن وزارة الزراعة تركت الفلاح فريسة في إيدي تجار المبيدات الزراعية والأدوية البيطرية، مشيرًا إلى أن غياب الرقابة المُتسبب في انتشار الأدوية البيطرية المغشوشة.
وأوضح “شعلان”، أن الفلاح يقوم برش المبيدات وحقن الماشية بالأدوية المضادة للأمراض دون جدوى، لافتًا إلى أن التجار يشترون المواد العضوية ويقومون بغشها في مصانع “تحت السلم”، من أجل تحقيق المكاسب المالية دون مراعاة الفلاح.
وأضاف عضو لجنة الزراعة بالبرلمان، أن هناك حالة من فقدان الثقة بين الفلاح والحكومة بسبب الأزمات التي أثُيرت في الفترة الأخيرة، منوهًا على ضرورة وقوف الحكومة متمثلة في وزارة الزراعة في حل مشكلاتهم.
وأكد، أن حل مشكلة غش الأدوية البيطرية و المبيدات الزراعية يكمن في إحكام الرقابة على التجار، بالإضافة إلى تدشين مجمعات استهلاكية تكون مسئولة عن بيع مستلزمات الزراعة للفلاحين من أجل ضمان المصدر وحماية الفلاح من الوقوع فريسة للغش، قائلًا:”الوزارة لو تركت الفلاح للتاجر هيأكله”.
وقال الدكتور محمود حلمي، طبيب بيطري، إن الأدوية واللقاحات البيطرية تواجه أزمة الغش التجاري، مشددًا على غياب الرقابة من وزارة الصحة والأجهزة المعنية.
وأضاف “حلمي”، أن لدى نقابة البيطريين مراكز بيع قانونية متوفرة تصل إلى 18 ألف مركز بيع وتداول منتشرة فى ربوع مصر، إلا أنه رغم ذلك هناك مراكز كثيرة غير مرخصة، مطالبًا بأن يكون كل مركز بيع فيه طبيب بيطري مشرف.
وشدد على أن تواجد الطبيب مهم فى مراكز البيع باعتباره معالجا وليس مجرد بائع، كما أن الفلاح اعتاد الذهاب للطبيب البيطري يشكو له مرض الحيوان، ليقدم له تشخيصا وعلاجا مناسبا، كما أن وجود الطبيب البيطري فى مركز البيع لن يسمح بأدوية مغشوشة أو فاسدة.
وتابع فى تعليقه على العلاقة بين الدواء البيطرى وصحة الإنسان،: إنه لكل دواء بيطرى، حسب نوعه، فترة يستغرقها لاختفاء أثره من الحيوانات، فبعضها يحتاج لشهر، وأخرى 45 يوم، وغيرها 10 أيام، ونادرا جدا أن يتم استخدام دواء ليس له أثر، لافتا إلى أن تناول الإنسان للغذاء ذات الأصل الحيوانى بمتبقيات الأدوية، يؤثر سلبا على صحته، مشيرا إلى أنه لا يوجد أى طريقة تجعل المواطن اكتشاف استمرار وجود متبقيات للأدوية فى الأغذية قبل تناولها، مؤكدا أن التأثير لا يحدث فورى لكنه تراكمى.
وقال الدكتور هاني محمود طبيب بيطري، إن الأدوية البيطرية المغشوشة وغير الصالحة للاستخدام الآدمي، تعد قضية هامة جدًا وتخص كل فرد في المجتمع لأنها تعد قضية أمن قومي، لما تمثله من خطورة على الإنسان والحيوان.
وأوضح محمود، أن غش الأدوية البيطرية يعد أخطر بمراحل من غش الأدوية البشرية، والسبب في ذلك أن المواطنين لا يذهبون للأطباء كل يوم، ولكن يأكلون فراخ واللحمة باستمرار وهذا ما يزيد من خطورة الأدوية البيطرية المغشوشة.
وأضاف محمود، أن الغش الصناعي يعد من أسوء النواع الغش لأنه يضر بحياة الملايين من المصريين، ولكن الغش التجاري يكون في السلعة فقط، وهذا لا يضر بصحة المواطن ولكن يضر بالسلعة فقط، مشيرا إلى أنه لا بد أن تكون هناك خطوات حازمة وفعالة تجاه الذين يتاجرون في تلك الأدوية المغشوشة لعدم تفاقم الأزمة وسرعة السيطرة عليها.
وأردف، إن بعض الأدوية تستخدم بشكل خاطئ، فمن المفروض أنه بعد حقن الحيوان بمضاد حيوى يتم حظر استخدام اللبن الخاص به للإنسان، لاستمرار وجود متبقيات الدواء والتى تظل موجودة باللبن، ومع تراكم تلك المتبقيات فى جسم الإنسان تشكل أجسام مناعية ضد الدواء، وفى حال حصول المريض على دواء للميكروب لا يتأثر به، مشيرة إلى أن المربيين أحيانا يتجهون إلى مراكز بيع الأدوية للحصول على وصفات أو علاج دون إلمامهم بطرق علاج الحيوان بها.
وفي نفس السياق يقول الدكتور عبدالله ممدوح طبيب بيطري وخبير في مجال الأدوية البيطرية، إن الفترة الحالية توجد أزمة كبيرة في الأدوية واللقاحات البيطرية بسبب الغش الذي يوجد في الأدوية، بسبب غياب الرقابة من وزارة الصحة والأجهزة الرقابية في الدولة.
وأضاف ممدوح، أن السبب الرئيسي في تواجد تلك الأدوية عدم تقنين الصيدليات البيطرية ووجودها بكثرة دون تراخيص أو عملها بشكل قانوني، بالإضافة إلي وجود بائعين بتلك الصيدليات لا ينتموا إلي المجال البيطري من قريب أو بعيد.
وأكمل، هناك أدوية تضر بخلايا المخ، ومن ثم على آداء الجسم كاملًا، لافتا إلى ضرورة إجراء كشف دورى من جانب الأطباء البيطريين على الحيوانات بالمزارع، مع التشديد على وجود طبيب بيطرى فى كل مزرعة باختلاف أنواعها “أبقار، جاموس، دواجن”، لضمان عدم وصول الأغذية بالمتبقيات للمواطنين، خاصة أننا نعانى من أن هناك أمراض يتم الاستعانة ضدها بلقاحات وأدوية تحتاج إلى فترات إنسحابية كبيرة.
وطالب ممدوح أن تكون هناك إجراءات من الدولة بترخيص تلك الصيدليات وعملها بشكل قانوني، بالإضافة إلي تغليظ العقوبة على كل من يخالف القانون.