السيد أمين شلبي يكتب : تهميش وزارة الخارجية الأميركية
كانت الموازنة التي قدمها دونالد ترامب في بدايــــة عهـــده وتضمنت خفض المخصص منها لوزارة الخارجية بنسبة 30 في المئة، مؤشراً إلى رؤيته لجهاز الديبلوماسية الأميركية، واعتماده على رؤيته الخـــاصة، كما عبر عنها خلال الحملة الانتخابية وتابعها بعد توليه، وتبلورت في «أميركا أولاً». وبفعل هذه الرؤية تعرضت علاقات أميركا، حتى مع أوثق حلفـــائها، ومع المؤسسات والمنظمات الدولية التي كانـــت قوام سياسة واشنطن لما بعد الحرب العالمية الثانيـــة، للاهتزاز، وغياب دور وزارة الخارجية كجهاز كان له ولشخصيته دور بارز في توجيه تلك السياسة في مناطق العالم المختلفة. يستدعي ذلك إلى الذهن وزراء خارجية مثل دين أتشيسون، وجورج مارشال اللذين ساهما في تأسيس منظمات دولية مثل الأمم المتحدة، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وصندوق النــــقد الدولـــي. وارتبطت هذه الفترة بمشروع مارشال الذي أعاد بناء أوروبا ما بعد الحرب وحماها من سيطرة الأحزاب الشيوعية القوية التي كانت تستثمر الأوضاع لبث الكراهية؛ وفق وصف ونستون تشرشل. وهناك هنري كيسينجر الذي كان منظر السياسة الخارجية الأميركية في مرحلة تحول، وجـــورج شولتز الذي احتوى تشدد ريغان تجاه الاتحاد السوفياتي السابق والصين، وجيمس بيكر فـــي إدارة بوش الأب ودوره بخاصة في العمل من أجل تسوية النزاع العربي الإسرائيلي، ومادلين أولبرايت في إدارة كلينتون، والتي عقبت أخيراً على سياسة ترامب الخارجية بأنها بعدما كانت تسمى «القوة التي لا غنى عنها» باتت الآن «القوة المستغنى عنها». ومع أولئك، هناك هيلاري كلينتون وجون كيري في إدارة أوباما. ونلاحظ أن هيلاري كلينتون كانت صاحبة «إعادة توجيه» السياسة الخارجية نحو شرق آسيا. كذلك ليس غريباً أن يكتب ديبلوماسيون مخضرمون مثل نيكولاس بيرنز، سفير أميركا السابق في الناتو، وريان كروكر، السفير السابق في العراق وأفغانستان، عن خشيتهما من أن ترامب يفكك جهاز السياسة الخارجية. وهما يلاحظان أن عدداً من المناصب المهمة في وزارة الخارجية «لم تُشغل بعد». ونتصور أن ترامب اختار ريكس تيلرسون باعتبار خلفيته كرئيس شركة كبرى، وأنه سيتماشى مع فكر «الصفقات».ولكن تيلرسون كانت له مواقفه المستقلة في عدد من القضايا كان آخرها عندما أعلن ترامب قراره حول اتفاق برنامج إيران النووي، فقال إنه لم يعلم شيئاً عن هذا القرار، ولم يبلغ به، ثم غيابه خلال إعلان ترامب وبجواره نائبه بنس قراره حول القدس. ولعل هذا كان وراء توقع مراقبين استقالة تيلرسون أو إقالته. ومن أكثر الأسماء المرشحة لخلافته نيكي هيلي السفيرة في الأمم المتحدة، ومايكل بومبيو مدير جهاز الاستخبارات، وكلاهما تتطابق أفكاره، مع أفكار ترامب، وربما تفوقها تشدداً.
نقلا عن صحيفة الحياة