«القدس» تنتصر .. والتهديدات الأمريكية بلا جدوى داخل الامم المتحدة
«صفعة مدوية» و«أغلبية ساحقة» و«انتصارا للقضية الفلسطينية» و«انتصار للشرعية الدولية» بهذه العبارات علت الأصوات العربية والدولية معربة عن الفرحة والانتصار الساحق على إعلان ترامب الأخرق بشأن «القدس» للمرة الثالثة، على الرغم من التهديدات التجارية الأمريكية بشأن «المعونة»، فأجمعت 128 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الخميس، على الصمود أمام تلك التهديدات وخرقه للقوانين الدولية، وتبنت الجمعية وبالأغلبية، مشروع قرار يرفض قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال.
وفيما يلي نرصد أبرز التعليقات العربية والدولية على هذا القرار، ودور مصر الريادي في الجمعية وفي القضية الفلسطينية وسننشر نص القرار وتفاصيله، والسيناريوهات المرتقبة بعد قرار الجمعية أمس، من الجانب العربي والدولي والجانب الامريكي الاسرائيلي.
انتصار لفلسطين
ومن فلسطين، فكان لهذا القرار صداه الواسع بين الفصائل والهيئات الفلسطينية الرسمية، مما أثار كثير من رودود الأفعال، فرحب المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، بالتصويت، مشيرًا إلى أنه “انتصار لفلسطين”، وقال: “سنواصل جهودنا في الأمم المتحدة وكل المحافل الدولية حتى نضع حدا لهذا الاحتلال، ونقيم دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية”.
وقال ابو ردينة: «إن هذا القرار يعبر مجددا عن وقوف المجتمع الدولي الى جانب الحق الفلسطيني، ولم يمنعه التهديد والابتزاز من مخالفة قرارات الشرعية الدولية»، وأضاف: «هذا القرار يؤكد مرة أخرى أن القضية الفلسطينية العادلة تحظى بدعم الشرعية الدولية، ولا يمكن لأي قرارات صادرة عن اي جهة كانت ان تغير من الواقع شيئا، وأن القدس هي ارض محتلة ينطبق عليها القانون الدولي».
كما أكد كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، في تصريحات لتلفزيون فلسطين، أن تصويت الجمعية العامة يعني أن إعلان ترامب بحق القدس لاغ وباطل، بدورها رحبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بالقرار، وعدته انتصاراً جديداً للشعب الفلسطيني، وشكرت الدول التي صوتت لصالح فلسطين.
وقالت «حماس» في بيانٍ لها: «إن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة خطوة في الإتجاه الصحيح وانتصارا للحقوق الفلسطينية ونسفا لإعلان ترامب وتأكيدا على الحق الفلسطيني في المدينة المقدسة»، داعية إلى ترجمة هذا القرار عمليا وفعليا على الأرض وإنقاذ القدس من التهويد والحفريات والاستيطان، وقال الناطق باسم حماس سامي أبو زهري، عبر صفحته على «تويتر»: «إن قرار الأمم المتحدة بشأن رفض قرار ترمب هو انتصار للقدس وهزيمة لعنجهية ترامب».
من جهتها، قالت لجان المقاومة: إن تصويت الجمعية العمومية للأمم المتحدة ضد قرار ترمب إنتصار للحق الفلسطيني وتأكيد على عدالة قضيتنا وبداية كسر قرار ترمب بإصرارنا على حقنا وخوض معركة الدفاع عن القدس في الميادين والمحافل كافة.
إرادة دولية وعلى ترامب التراجع
وفي مصر، وصفت لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب القرار بأنه صفعة قوية لأمريكا ورئيسها دونالد ترامب، معتبرة «أن هذا القرار إذا كان يعد انتصارا للعروبة والإسلام وفلسطين والقدس فهو مجرد خطوة على الطريق تحتاج إلى البناء عليها والاستفادة من هذا الزخم السياسي الذي حدث اليوم في قاعة الجمعية العامة، وسبقه قرار عن نفس الجمعية بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، وذلك في حشد التأييد والدعم الدولي نحو إعلان إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية».
وقالت اللجنة أن تصويت 128 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح القدس، يمثل تظاهرة سياسية عالمية ورسالة واضحة بأن ضمير العالم الحر ما زال واعيا ومؤيدا للحق والشرعية، وذكرت أن موقف الدول الـ128 تجاوز التأييد والتصويت إلى الكلمات القوية حول الحقوق الفلسطينية المشروعة، وضرورة العمل على حل الدولتين واعتبار القرار الأمريكي هادما لعملية السلام برمتها، منوهة بكلمة مندوب فنزويلا ممثلا لدول عدم الانحياز رفائيل رميريس، والذي قال: «إن العالم ليس للبيع».
من جانبها رحبت مؤسسة الأزهر بالقرار ورأته معبرا عن الإرادة الدولية الرافضة للقرار الأمريكي، داعية الإدارة الأمريكية إلى سحب قرارها، مؤكدة أن أي قرارات أو إجراءات يقصد بها تغيير طابع مدينة القدس أو وضعها أو تكوينها الديموغرافي ليس لها أثر قانوني وتعد لاغية وباطلة ويتعين إلغاؤها امتثالا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
كما رحبت جامعة الدول العربية بالقرار، وقالت في بيان لها: «إنه يأتي تأكيدا للحق العربي الفلسطيني بالقدس، فضلا عن إبطاله أي أثر للقرار الأميركي».
ومن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قال الشيخ أحمد الريسوني نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: «إن التصويت تعبير قوي عن دعم العالم للقضية الفلسطينية رغم تعرضها لضغوط وتهديد وابتزاز»، كما اعتبره «رسالة إلى أميركا مفادها أن إسرائيل تعيش في وضع لا شرعي».
الدبلوماسية المصرية
وجاء هذا القرار ليؤكد الدور الريادي المصري في القضية الفلسطينية، حيث لم تدخر مصر جهدًا سياسيًا ولا دبلوماسيًا لنصرة فلسطين على مدى تاريخها، خاصة أمام القرار الأمريكي، فتصدرت مصر كعادتها في ريادة، وتقدمت بمشروع قرار لمجلس الأمن لإلغاء الخطوة الأمريكية غير الشرعية، والذي لاقى إجماع دولي إلا أن الفيتو الأمريكي أحبط القرار.
ومن جانبه، أشاد رجل الأعمال نجيب ساويرس، بدور الدبلوماسية المصرية في دعم قضية “القدس” في الأمم المتحدة، ضد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال الصهيوني، وكتب في تغريدة له على « تويتر»: «ألف تحية للدبلوماسية المصرية على سرعة وإيجابية التحرك ١٤ دولة في مجلس الأمن من ١٥ تصوت مع القرار و٩ دول فقط عارضت القرار في الجمعية العامة».
ورحب طارق محمود المحامي والأمين العام لائتلاف دعم صندوق تحيا مصر بقرار الجمعية، مضيفًا أن للدبلوماسية المصرية دور كبير في حشد المجتمع الدولي لصالح القدس والقضية الفلسطينية وأشاد بالجهود الجبارة المبذولة من الجانب المصري دفاعًا عن القدس كعاصمة لفلسطين، مؤكدا أن مصر دائمًا تتصدى لكافة تلك المحاولات الصهيونية في انتزاع حقوق الشعب الفلسطيني وستظل حائط الصد المنيع ضد كافة تلك المؤامرات بالرغم من التهديدات والإبتزاز الذي تم ممارسته من الجانب الأمريكي.
وقال النائب البرلماني محمد عبدالله زين الدين وكيل لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، إن هذا القرار يعكس دور مصر الريادي بالمنطقة.
تجسيد للشرعية الدولية
ورحب بالقرار أيضا، المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية، فقالت البعثة السعودية لدى الأمم المتحدة على «تويتر»: «إن القرار يتماشى مع موقف المملكة الثابت من القضية الفلسطينية الذي يضعها في أولوية سياسة البلاد منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز حتى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز».
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش: «إن قرار الجمعية العامة حول القدس يعد “انتصارا للشرعية الدولية وللقضية الفلسطينية»، وتابع: «موقف أخلاقي مهم ورسالة واضحة من المجتمع الدولي. توظيف هذا الرصيد يتطلب عملا جادا والتوقف عن الاستغلال الكيدي للقضية الفلسطينية».
وفي ترحيب أردني، اعتبر المتحدث باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، أن القرار “يجسد إرادة الشرعية الدولية بتأكيد عدم قانونية أي إجراء يستهدف تغيير الوضع القائم بالمدينة المقدسة، ويغير حقائق جديدة فيها”.
قدس الأقداس
ومن اليمن، اعتبر نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، أن تصويت يمثل تأكيداً بأن العالم كله ضد تغيير وضع القدس القانوني والتاريخي، ورفض قرار الرئيس الأميركي باعتبار القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، رغم الضغوط والتهديدات.
وقال المخلافي، في تغريدات على «تويتر»: «إن الإجماع العربي في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتبنيها لمشروع القرار واتفاقها على كلمة موحدة باسم المجموعة العربية ألقاها المندوب الدائم لليمن، رسالة واضحة للعالم بأن فلسطين هي القضية المركزية للعرب، وأن القدس هي قدس الأقداس، وهو ما حقق هذه النتيجة رغم الضغوط».
الكرامة والسيادة لا تباع
ومن تركي، وتواصل الترحيب بداية من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث كتب على صفحته على «تويتر»: «نرحب بسرور كبير بتأييد الجمعية العامة للأمم المتحدة الساحق لقرار تاريخي حول القدس»، مضيفًا «ننتظر من إدارة ترامب أن تعود من دون تأخير عن قرارها المؤسف والذي أظهر (التصويت) بوضوح عدم قانونيته».
من جهته، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، أن «المجتمع الدولي برفضه قرار ترمب حول القدس أظهر أن الكرامة والسيادة لا تباع”، مضيفاً “نشعر بارتياح كبير حيال ذلك».
و في تعليقات على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قال جاووش أوغلو: «أن تركيا ودولا أخرى رعت المشروع”، موجها الشكر لكل دولة أيدته في الجمعية العامة للأمم المتحدة»، مؤكدًا أن تركيا ستبذل مزيدا من الجهود من أجل الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين ضمن حدود عام 1967.
وفي تغريدة أخرى على «تويتر» علق المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، قائلا: «وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ128 صوتا، مقابل رفض 9، على مشروع القرار الرافض لقرار ترامب بشأن القدس، باسم القضية الفلسطينية»، داعيا إلى «جعل هذا القرار التاريخي خيرا للعدالة والضمير العالمي».
ومن إيران، قال وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، على «تويتر»: «إن تصويت الجمعية العامة بشأن القدس يمثل رفضاً دولياً واضحاً لأسلوب “الترهيب والبلطجة” الذي تتبعه إدارة ترامب»، وأضاف: «لا عالمية مدوية في الأمم المتحدة لأسلوب الترهيب والبلطجة الذي يتبعه نظام ترامب».
المحادثات هي الحل
وتواصل الترحيب إلى الدول الأوروبية، وقالت وزارة الخارجية الألمانية بعد التصويت لصالح القرار: «إن وضع القدس يجب أن يتم توضيحه من خلال المحادثات بين الجانبين”.
وأضافت في تدوينة لها على موقع “تويتر”: “الحل ينبغي إلا يجيء من الخارج، ولذلك فقد أيدنا اليوم قرار الأمم المتحدة، الذي يؤكد على موقفنا المعروف”.
نص قرار الجمعية
وأخيرا نختم تقريرنا بنشر نص القرار “A/ES-10/L.22” حول القدس الذي تم التصويت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، بأغلبية 128 صوتًا؛ ما يعادل 66.3% من إجمالي الأصوات، بينما غابت عن جلسة التصويت 21 دولة، امتنعت 35 دولة عن التصويت وعارضت القرار 9 دول من إجمالي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الـ193، وبينها أمريكا وإسرائيل:
«إن الجمعية العامة، بتأكيدها على قراراتها ذات الصلة، بما فيها القرار “A/RES/72/15” الصادر في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 حول القدس، وبتأكيدها على قراراتها ذات الصلة، بما فيها القرارات 242 (1967) و252 (1968) و267 (1969) و298 (1971) و338 (1973) و446 (1979) و465 (1980) و476 (1980) و478 (1980) و2334 (2016)، وإذ تسترشد بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وإذ تؤكد مجددًا، على جملة أمور، منها، عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وإذ تضع في اعتبارها المركز الخاص الذي تتمتع به مدينة القدس الشريف، ولا سيما الحاجة إلى حماية البعد الروحي والديني والثقافي الفريد للمدينة والحفاظ عليه، على النحو المتوخى في قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وإذ تشدد على أن القدس تشكل إحدى قضايا الوضع النهائي التي ينبغي حلها من خلال المفاوضات؛ تمشيًا مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وإذ تعرب في هذا الصدد عن بالغ أسفها إزاء القرارات الأخيرة المتعلقة بوضع القدس، فإنها:
1- تؤكد أن أي قرارات وإجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس الشريف أو مركزها أو تركيبتها الديموغرافية ليس لها أي أثر قانوني، وأنها لاغية وباطلة، ويجب إلغاؤها امتثالًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتدعو في هذا الصدد جميع الدول إلى الامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس الشريف، عملًا بقرار مجلس الأمن 478 (1980).
2- تطالب جميع الدول بالامتثال لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمدينة القدس الشريف، وبعدم الاعتراف بأية إجراءات أو تدابير مخالفة لتلك القرارات.
3- تكرر دعوتها إلى عكس مسار الاتجاهات السلبية القائمة على أرض الواقع التي تهدد إمكانية تطبيق حل الدولتين، وإلى تكثيف وتسريع وتيرة الجهود وأنشطة الدعم على الصعيدين الدولي والإقليمي من أجل تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط دون تأخير على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، وخريطة الطريق التي وضعتها المجموعة الرباعية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في عام 1967.
4- تقرر دعوة الجلسة الطارئة المؤقتة الخاصة للانعقاد، وتكليف رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في أقرب جلسة لاستئناف عملها بناء على طلب الدول الأعضاء».
والدول التسع المصوتة ضد القرار هي «الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وغواتيمالا وهندوراس وجزر مارشال وميكرونيسيا وناورو وتوغو وبالاو».
أما الدول الـ 21 التي امتنعت عن التصويت: «ارجنتين، استراليا، بنين، بوتان، اننتجولا، البوسنا ، كندا، كرواتيا، التشيك، دومنيكان، اكوتوريال، فيجي، هايتي، هانغاريا، جمايكا، كريباتي، لاتيفيا، ليستو، مالاوي، مكسيك، بنما، بارجوي، الفلبين، بولندا، رومانيا، رواندا، سولمون، جنوب السودان، ترينداد، توفالو، اوغندا، فانتواو».