المصري للفكر والدراسات ينظم ندوة حول اتجاهات التطرف والإرهاب في الشرق الأوسط
كتبت -اية اشرف
عقد المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اليوم الاثنين 29 يناير 2024 ندوة بعنوان “اتجاهات التطرف والإرهاب في الشرق الأوسط” ضمن فعالياته بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، وذلك بمشاركة لجنة مكافحة التطرف والإرهاب بالمجلس الأعلى للثقافة.
ويأتي ذلك في إطار مشاركة المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته 55.
ناقشت الندوة ظاهرة التطرف والإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، وتقييم فاعلية المقاربات لمواجهتها خلال العقد الأخير، كما استعرضت ملامح التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب والتطرف، وكيفية تحصين مصر والمنطقة من عودة الإرهاب مرة أخرى خاصة في ظل الاضطرابات والأزمات العديدة الراهنة.
وقد أدار الندوة الدكتور محمد الباز، رئيس مجلسي إدارة وتحرير جريدة الدستور، وبمشاركة كلًا من الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، ورئيس لجنة مكافحة التطرف والإرهاب بالمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور خالد عكاشة مدير عام المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والدكتور جمال عبد الجواد عضو الهيئة الاستشارية ومدير برنامج السياسات العامة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والأستاذة الدكتورة عزه فتحي أستاذ مناهج علم الاجتماع بجامعة عين شمس كمتحدثين رئيسيين، إلى جانب حضور مجموعة من السادة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ ورجال الدين والخبراء والمتخصصين والشخصيات العامة والسادة الإعلاميين.
وأوضح الدكتور محمد الباز أن هناك حالة من الانسحاب عن الحديث بشأن الإرهاب على المستويين الإعلامي والشعبي رغم أهمية ظاهرة الإرهاب وخطورتها، مؤكدًا أننا نعيش في مجتمع وبيئة قد تساهم في صناعة شخصيات متطرفة في الموقف والفكرة، بحيث تصبح لقمة سائغة للجماعات الإرهابية التي تقوم بتجنيدها، ومشددًا على أن معالجة التطرف والإرهاب عملًا فكريًا بالأساس وليس عملًا أمنيًا فقط.
فيما أكد الدكتور أحمد زايد أن هناك إشكالية تتعلق بمكافحة الإرهاب تتعلق بعدم وجود إجماع بشأن تصنيف التنظيمات العنيفة كتنظيمات إرهابية، لافتًا إلى أنه ليس كل تطرفًا يؤدي إلى الإرهاب، ومعتبرًا أن الكثير من سلوكيات المجتمع المصري بها درجة من درجات التطرف.
واعتبر زايد أن أحد أنماط الإرهاب هو “الإرهاب الصامت”، وهذا النمط يُمكن اعتباره نمط وسطي ويعبر عن نفسه من خلال ممارسة شكل من أشكال الوصاية وفرض الرأي على الآخرين، والدفاع عن الأفكار المتطرفة، أو الانسحاب عن التفاعل داخل المجتمع، لافتًا إلى أن هذا النمط يتنشر بشكل واسع داخل مجتمعات الشرق الأوسط.
كذلك فإن أحد أنماط الإرهاب التي تتنشر في الشرق الأوسط، بحسب الدكتور زايد، هو الإرهاب المنظم الذي يقوم على أيديولوجيات دينية متطرفة، ويتبلور حول الأفكار المشتقة من ابن تيمية وسيد قطب، وغيرهم من المفكرين ذوي الفكر المتشدد، وهو فكر مرتبط بالدولة القومية والطبقة الوسطى. وأكد زايد أن أساليب هذا النمط من الإرهاب تطورت من المواجهات المباشرة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة والذئاب المنفردة وغيرها من مظاهر المواجهات غير المباشرة.
ومن جهته، أكد الدكتور خالد عكاشة أنه تم دفع أثمان باهظة في مكافحة الإرهاب من دماء شهداء القوات المسلحة والشرطة والمدنيين، معتبرًا أن أخطر موجات الإرهاب هي موجة إرهاب 2011 نظرًا لكونها الأعنف، ولديها غلاف سياسي وأطروحات سياسية ما يصعب مهمة المواجهة، مشددًا على أن هذه الموجة لم تنتهي بعد لكنها تمر بمتحورات.
وأكد عكاشة أن من أهم سمات التجربة المصرية في مواجهة الإرهاب هو وجود حس استراتيجي لدى الدولة المصرية جعلها مدركةً لخطورة هذه الموجة، كذلك فإن المجتمع المصري كان لديه درجة وعي متقدمة باختلاف طوائفه من رجال دين وفكر وإعلاميين وأفراد عاديين، جعلته مستعدًا لدفع أثمان المواجهة والانخراط بها.
مضيفًا أن أحد سماتها أيضًا أنها موجهة لضرب عملية التنمية الاقتصادية في الدولة المصرية، وتسعى لهدم قيم ومفاهيم الدولة الوطنية، وهو ما انتبه له الشعب المصري ودفعه للانتفاض في ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
وأكد عكاشة أن أحد مظاهر جدية الدولة المصرية في مواجهة هذه الموجة الإرهابية هو إشراك القوات المسلحة في عمليات المكافحة.
وشدد عكاشة على أن هذه الموجة الإرهابية لم تقتصر على مصر، وإنما امتدت لكل دول الشرق الأوسط.
وأوضح عكاشة أن جماعة الإخوان حاولت استدعاء النسخة الإيرانية وصناعتها في مصر، وهي تقوم على خلق كيانات موازية لمؤسسات الدولة، ووجود أذرع خارجية تصبح أدوات قوة لمشروع الدولة، وهذا ما كان يدور بدقة في أدمغة مكتب الإرشاد وصناع السياسة في جماعة الإخوان.
واخيرًا، اعتبر عكاشة أن هذه الموجة من الإرهاب تتسم بالطابع الميليشياوي، حيث يتم استدعاء الميليشيات والمرتزقة في صراعات سياسية مثل الحرب الأوكرانية والحرب على غزة وغيرها من الصراع، وهو ما يتطلب التمسك بمشروع الدولة الوطنية والمؤسسات الوطنية باعتبارها قارب النجاة الحقيقي.
ومن جانبها، أوضحت الدكتورة عزة فتحي أن الإرهاب لن ينتهي كونه خلايا عنقودية تعمل فوق وتحت الأرض، مؤكدة أن التطرف يبدأ من المغالاة في الدين وغياب التفكير الناقد، وموضحة أن التطرف حاليًا أصبح لديه بُعدًا سياسيًا.
أما الدكتور جمال عبد الجواد فقد اعتبر أن خطر الإرهاب مازال قائمًا، فرغم نجاح الدولة المصرية في هزيمة الموجة الأحدث من الإرهاب، إلا أن هذا لا يجب أن يكون سببًا للاطمئنان، إذ يُمكن اعتبار الوضع الحالي “فسحة مؤقتة” وانتصار خلال الجولة الحالية، لابد من استثماره لتحقيق انتصار نهائي على الإرهاب.
وأوضح عبد الجواد أن معظم عمليات الإرهاب تحدث داخل منطقة الشرق الأوسط التي تغلب عليها الثقافة الإسلامية، وهذا راجع إلى غياب الشمول السياسي والديموقراطية وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، نظرًا إلى إن الاحتجاج والغضب في المجتمعات الشرق أوسطية يعبر عن نفسه بالشكل المتطرف والعنيف.
مضيفًا أن مشكلة فلسطين تُعتبر أحد أهم أسباب الراديكالية الفكرية في المنطقة العربية، التي تجلت في الانقلابات العسكرية وظهور الفكر القومي العربي والحركات الإرهابية.
ولفت عبد الجواد إلى أنه غالبًا ما يتم تجاهل التكلفة السياسية للإرهاب، والتي تتمثل في عدم القدرة على بناء نظام سياسي تحديثي وفعال، وبناء جماعة وطنية سياسية حديثة.
ويشارك المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية للسنة الرابعة على التوالي في فاعليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، في نسخته الـ 55، المنعقد بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية خلال الفترة من 25 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024، بمجموعة من الكتب والإصدارات الخاصة والدوريات الجديدة التي تلقي الضوء على أبرز التحولات التي يشهدها العالم والإقليم وتعالج مختلف القضايا السياسية والاقتصادية.
وتأتي مشاركة المركز المصري تأكيدًا على دوره الفكري الرائد خلال السنوات الماضية، وفي ظل مساهماته البحثية التي تتضمن أبرز القضايا المثارة حاليًا على الساحة العالمية كالحرب في غزة، والدور المصري في القضية الفلسطينية، وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والأزمة السودانية.