تقارير وملفاتعربي وعالمي

اليوم ذكرى دعوة الحبيب بورقيبة لفتح حوار شامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتسوية النزاع في 1965

مصطلح التسوية السلمية يعني محاولة فض النـزاع بين طرفين أو أكثر حول القضية مثار الخلاف بالطرق السلمية، وعادة ما تتم بقبول الأطراف لحلٍّ يوقعون عليه، ويلتزمون بتنفيذه، بناء على اتفاقية محددة. وليس شرطاً أن تكون التسوية السلمية “عادلة” أو حلاًّ “وسطاً”، إذ إنها تعكس في كثير من الأحيان موازين القوى، وحالات الانتصار والهزيمة، والضغوط الداخلية والخارجية.

إن التسوية السلمية ليست بالضرورة حلاًّ دائماً، إذ قد تلجأ إليها القوى المتصارعة لأخذ فسحة من الوقت بانتظار تغير الظروف إلى الأفضل، من أجل فرض تسويات جديدة تعكس تَغيُّر موازين القوى.

ولكن هذا المصطلح قد يكون مُضللاً عندما يتعلق بالشأن الفلسطيني، إذ إن معظم مشاريع التسوية السلمية تكون عادة بين دول مختلفة متحاربة، أو بين أطراف داخلية متنازعة من أبناء الوطن الواحد. أما المعاهدات التي تنتزعها قوى منتصرة نتيجة احتلالها لأرض شعب آخر وتشريد أهله واستغلال خيراته، فهي معاهدات بين غاصب محتل وبين شعب مقهور، وهي تعكس حالة استسلام من الطرف الضعيف إلى الطرف الأقوى. وهي بالتالي ليست صراعاً حدودياً أو إسقاطاً لنظام حكم …، وإنما هي حالة استعمارية تكون أي تسوية فيها مهما كانت .. تسوية ظالمة لأهل الأرض المحتلة، لأنها بالضرورة ستنتقص ولو جزءاً من أرضهم، أو حريتهم في تقرير مصيرهم، أو سيادتهم التامة على دولتهم. ولذلك، فإن من عادة الحركات الوطنية في البلدان المستَعْمَرة الكفاح من أجل حريتها واستقلالها، وإذا ما حدثت مفاوضات واتفاقات فإنها لا تعطي للقوى الغاصبة حقاًّ في الأرض نفسها، وإنما قد توافق مرحلياً – بانتظار تحسن الظروف – على بعض الأمور التي قد تنتقص من حريتها وسيادتها كوجود قواعد عسكرية أو شروط اقتصادية مجحفة أو تحكُّم المستعمر بالشئون الخارجية.

إن أول ما يجب التنبيه إليه أن الوجود الصهيوني – اليهودي في فلسطين هو حالة استعمار واغتصاب بالقهر والقوة، وليس نزاعاً بين بلدين متجاورين. وإن جوهر القضية أن القوى الكبرى (وبالذات بريطانيا وأمريكا ..) قد سعت متحالفة مع الصهيونية العالمية لإيجاد كيان يهودي في فلسطين – قلب العالم العربي والإسلامي – يمتلك آليات القوة والتوسع، ويكون سيفاً مسلطاً على رقاب المسلمين في المنطقة يمنع وحدتهم ويضمن ضعفهم وتخلفهم، ويحرمهم من شروط النهضة الحضارية، ويبقي منطقتهم مصدراً للمواد الخام وسوقاً للسلع الاستهلاكية الغربية.

على الرغم من حجم المشروعات المُقدمة، وعددها، لتسوية الأزمة الفلسطينية، إلى أن مشروع الرئيس التونسي الأسبق، الحبيب بورقيبة، يُعد المشروع العربي الوحيد في تلك الفترة الذي يستحق الإشارة باعتباره اختراقاً للإجماع العربي حول “السلام” مع الكيان الصهيوني، فكان المشروع التونسي الذي قدمه الحبيب بورقيبة رئيس تونس في 21 إبريل 1965 وتضمن:

  1. أن تعيد “إسرائيل” إلى العرب ثلث المساحة التي احتلتها منذ إنشائها لتقوم عليها دولة عربية فلسطينية.
  2. يعود اللاجئون إلى دولتهم الجديدة.
  3. تتم المصالحة بين العرب وإسرائيل بحيث تنتهي حالة الحرب بينهما.

وقد رحب الكيان الإسرائيلي بمقترحات بورقيبة بوصفها اتجاهاً جديداً في التفكير العربي، لكنه رفض التنازل عن أي جزء من الأرض التي استولى عليها. وقد قوبلت مقترحات بورقيبة باستهجان ورفض عربي شعبي ورسمي عارم.

وقد ردَّ “ليفي اشكول” رئيس الوزراء الصهيوني على بورقيبة بمشروع تسوية أعلنه في 17 مايو 1965 مبنيٍ على تثبيت الأوضاع القائمة مع تعديلات طفيفة، ومفاوضات مباشرة وإحلال سلام دائم وتطبيع العلاقات مع البلاد العربية.

وفي مثل هذا اليوم 16 أكتوبر من نفس العام، جدد “بورقيبة” دعوته، واقترح فتح حوار شامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لتسوية الأزمة

بواسطة
تقرير – محمد عيد
زر الذهاب إلى الأعلى