باسم أمين ترك ” البلطو الابيض” من أجل عيون ” الشطرنج “

الغربية :- محمد ناصر
رغم أن كثيرين يحلمون بارتداء البالطو الأبيض والحصول على لقب “دكتور”، لكن هناك أطباء قرروا بمحض إرادتهم التخلي عن هذا البالطو، والعمل في مهن أخرى! لماذا فعلوا هذا؟ وهل كان الأمر سهلاً عليهم؟ وكيف كانت ردود أفعال من حولهم؟
” باسم سمير أمين متى” فى العقد الثالث من العمر مواليد مدينة طنطا بمصر، أستاذ دولي في الشطرنج، تصنيفه الدولي 57 في ابريل 2018 لمع في سماء الشطرنج ، حصل على العديد من الجوائز ، و الألقاب ليصبح أستاذاً دولياً كبيراً ،. نال ” أمين” اللقب في بطولة إفريقيا للشطرنج لسنة 2015، وفي 2008 احتل المركز الثالث في بطولة العالم للشباب ولم يقتصر تفوق باسم في عالم الشطرنج فقط بل كان له مكانته في دنيا العلوم ، وتخرج هذا العام في كلية الطب ، لكن ترى أي الألقاب أحب إلى قلبه أستاذ أم دكتور؟
يجيبنا باسم قائلاً : اللقبان محببان إلى قلبي ، فكل واحد حصلت عليه بعد معاناة ، لكن الميزة في كل لقب إني الوحيد الدكتور في عالم الشطرنج ، والأستاذ الوحيد في دنيا الطب أي أن كل لقب علامة مميزة في المجال الآخر
باسم سمير أمين متّى طبيب شاب من مدينة طنطا بمحافظة الغربية احترف لعبة الشطرنج لتصبح مهنته الأساسية بدلا من الطب، حصد العديد من البطولات ورفع اسم مصر عاليا في المحافل العالمية ، ورث باسم مهنة الطب عن والده الدكتور سمير متى أشهر الاطباء فى أمراض القلب وشقيقة ويعمل طبيب في المجال نفسه .
يروى ” باسم ” لـ ” الديوان ” متى بدأت علاقتة بالشطرنج ، فى سن الرابعة والنصف كنت طفلا هادئا كثير التفكير ولاحظ والدى حبى لأنواع معينة من الألعاب مثل البازل والميكانو فاشترى لى شطرنج وبدأ يلعب معى،وكانت المفاجأة عندما وقعت لوحة الشطرنج على الأرض أثناء لعبنا واقترح والدى أن نبدأ دورا جديدا ، لكننى استطعت بسهولة اعادة جميع القطع إلى مكانها على اللوحة وسط ذهول والدى الذى أيقن من وقتها أنه أمام موهبة غير عادية يجب رعايتها ،فأغلق عيادته لمدة عام وهو استاذ فى القلب وبحث من بداية الخط حتى وصل إلى اتحاد الشطرنج ،فنصحة رئيس الأتحاد بضرورة حضورى من طنطا للمشاركة معهم حتى شاركت فى بطولة الجمهورية تحت 12 سنة وأنا عمرى 6 سنوات فقط وحصلت على المركز الثانى ،وأذكر وقتها موقفاً طريفاً فعلى كل لاعب تسجيل حركات الدور فى ورقة خارجية فقاموا باستثنائى من ذلك لأننى كنت صغيرا ولا أستطيع الكتابة بطلاقة.
في المقابل، يشير باسم امين إلى زملاء له في الطب حققوا حلمهم في مهن مختلفة، قائلاً: “النجاح هو أن تنجح في ما تحب وليس في ما يفرضه عليك الآخرون برغباتهم، أو من طريق المجموع العالي في الثانوية العامة، وهذا ما نجح فيه بعض زملائي وحققوا به شهرة واسعة ”
ويتابع ” باسم ” حديثة لم تكن لعبة الشطرنج عائقا في يوم للتفوق الدراسي بل كانت حافزا، وجمعت بينهها وبين الطب بتميز وجدارة وتفوق بمساعدة أسرتي التي كانت أول الداعمين لى، حتى قررت ترك مهنة الطب والتفرغ التام للشطرنج لاحترافه، وشاركت خلال مسيرتي في جميع البطولات حتى أصبحت المصنف الأول من قبل الاتحاد الدولي للشطرنج عالميا وعربيا وأفريقيا والوحيد المدون اسمه في قائمة أفضل مائة لاعب في العالم.
حقق باسم أمين، بطل مصر في الشطرنج، انجازاً جديداً في تاريخ اللعبة على مستوى مصر وأفريقيا، بعد تتويجه بلقب بطولة أبو ظبي لـ”الماسترز”.
ورفع لقب البطولة تقييم اللاعب في التصنيف الدولي، ليقفز إلى المركز 57 على مستوى العالم لأول مرة على المستويين المحلي والأفريقي بالأضافة الى بطولة العرب للرجال 2005 و 2006 و2013، بطولة أفريقيا فردى رجال ثلاث مرات أعوام 2009 و 2013 و 2015، بالإضافة إلى برونزية العالم تحت 20 سنة تركيا 2008 ،وبرونزية العالم تحت 18 سنة 2006 بجورجيا.
ويقول باسم : “بعد انصرافي عن الطب، لم تكن والدتى راضية عني تماماً، لكنها أدركت في النهاية أنني أعمل في ما أحب. أما عن مواجهة المجتمع، بالفعل المجتمع المصري يعشق الألقاب، وعلى رأسها لقب “دكتور”، كما واجهت دهشة الكثير من الأقارب والمحيطين، فمنهم من كان يسأل مباشرة، ومنهم من رأيت الدهشة في عيونهم، لكنني لا أبالي أبداً بالآخرين، فحياتي ملك لي وحدي، ولا أحد يملك قراراتها غيري، لكن تغيرت نظرة الاهل والاقارب والمجتمع وخاصة بعد حصولى على المركز الثالث على مستوى العالم فى لعبة الشطرنج عام 2008
وتابع باسم ” مجتمعنا عاشق للألقاب بطبعه، ويظل الطبيب طبيباً ويطلق عليه لقب “دكتور” حتى لو عمل نقَّاشاً، والحقيقة أن من يقرر التمرد على وضعه، لا يلتفت إلى نظرة المجتمع أبداً” ، حيث أن نظام التعليم في مصر لا يسمح باكتشاف القدرات الحقيقية للطالب، ويصنف الطلبة وفق المجموع، فيدخلون كليات رغم عدم تميزهم فيها، ومن يمتلك الشجاعة فقط يقرر أن يكون مبدعاً في مجال آخر، بدلاً من كونه طبيباً أو مهندساً تقليدياً لا يسمع عنه أحد
يؤكد ” باسم ” خلال حديثة لـ ” الديوان” أن رياضة الشطرنج علم وله كتب ومراجع ،وتختلف تماما عن ممارسة الشطرنج كهواية ، فهى تحتاج إلى جهد كبير وتدريب ومذاكرة ، وصبر وتركيز وقدرة على اتخاذ القرار والأستمرار فى التدريب ،وأهم شىء التدريب على الافتتاحية فى أول 15 نقلة هى اصعب مرحلة وهى التى يتميز بها لاعب عن أخر لذلك قررت التفرغ لرياضة الشطرنج بعد انتهائى من دراسة الطب بناء على رغبة والدتى .
وأضاف “باسم “أن إعداد الشخص ليكون لاعب الشطرنج ، يحتاج الى التأكد من وجود موهبة حقيقية لديه ،وإرادة قوية ثم عليه أن يختبر ذلك من خلال قيامه بجهد كبير فى التدريب والإطلاع على كل ماهو جديد فى عالم رياضة الشطرنج ، مشيراُ الى أن رياضة الشطرنج تحتاج إلى تفرغ تام ، قائلاٌ ” أنا اتدرب 10 ساعات يوميا ،واقضى وقتا طويلا فى الدراسة والقراءة ،وأيضا فى السفر واللعب خارج مصر ،وليس لدى الوقت الكافى لممارسة مهنة الطب الذى كان درساته لإرضاء والدتى ” .
وأكد “باسم”، أن الألعاب الفردية لم تحظَ باهتمام الدولة وتسليط الأضواء عليها وبرغم الإمكانيات الضعيفة تحقق العديد من الانجازات الفعلية على أرض الواقع، لافتا إلى أنها تواجه مشكلات كثيرة منذ عشرات السنين خاصة لعبة الشطرنج منها مطالب اللاعبين بمدرب أجنبي وعدم وجود مقابل مادي نظير هذه المجهودات رغم الوعود المستمرة من الاتحاد المصرى بتوفير التمويل وفى بعض الأحيان، يضطر اللاعبون للسفر على نفقتهم الخاصة.
وطالب ” باسم ” الأتحاد المصرى للشطرنج التعاقد مع مدير فنى أجنبى ،والأهتمام بعمل معسكرات تدريبية خارجية كثيرة ،وايضا عليه تبنى اللاعبين ماديا لأن التميز فى هذه الرياضة يحتاج للتفرغ التام ويمكن للأتحاد الاتفاق مع رعاه للمنتخب لتوفير هذه الرعاية المادية ،لأن مايحدث حاليا هو نتاج جهود شخصية من اللاعبين .
وكشف ” باسم ” أنه يقوم بالانفاق على هذه اللعبة من جيبة الخاص ، حيث شارك فى كثير من البطولات الدولية فى فرنسا وألمانيا والسويد وايسلندا مطالب زارة الشباب أن تدعمنا ماديا لأننا ننفق من جيوبنا على اللعبة ونتدرب يوميا لمدة 10 ساعات.
وأكد باسم أن البلاد المشهورة في الشطرنج ، ويعمل باسم لأبطالها حساب ، أنا أعمل حساب لأي لاعب ، لكن في العموم أشهر بلاد الشطرنج هي روسيا ، وأوكرانيا ، وأرمينيا و الهند ، والصين .
وكشف باسم عن كواليس دراسته للطب وجمعه مع لعبة الشطرنج مشيرا الى انه رسب في السنة الثالثة في الكلية من أجل المشاركة في بطولة العالم تحت 20 حيث كانت تلك السنة هي الفرصة الأخيرة له فى المشاركة في البطولة التي تصادف وقت إقامتها مع امتحان نهاية السنة ، قائلا “عندما طلبت أن يتم استثنائي كما يحدث في أغلب دول العالم مع الرياضيين ، ويتم عقد امتحان لهم بعد البطولة ، وقتها فوجئت باللوائح ، والقوانين التي تحول دون ذلك ، فلم يكن أمامي سوى التضحية ، وشاركت في البطولة ، وحصلت على المركز الثالث لكنني رسبت في تلك السنة ” .
وتمنى باسم فى نهاية حديثة لـ ” الديوان ” أن ينافس على بطولة العالم رجال ، وأن يرتفع تصنيفة الدولي ، متخذاٌ من الروسى جارى كسباروف، فهويصفه على لسانه أنه بطل فى كل شىء فى حياته وليس فى الشطرنج فقط ،هو بطل العالم 20 عاما وأفضل من لعب الشطرنج فى التاريخ.