برهامي : الإخوان قالوا إن متظاهري 30 يونيو يحاربون الإسلام وينتظرون المدد من السماء
محمد ناصر
نشر موقع “أنا السلفي” مقالًا للشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، تحت عنوان “ذكريات -5″، ساردًا العديد من تفاصيل اللقاء الذي جمع الدعوة السلفية بمكتب إرشاد جماعة الإخوان.
وقال برهامي في مقاله: “قد كان لقاء مجلس إدارة الدعوة السلفية مع وفدٍ مِن قيادات مكتب الإرشاد في مقر إدارة الدعوة بالإسكندرية -في حي سيدي جابر منطقة كليوباترا يوم 16/6/2013- علامة مهمة للغاية، ونقطة بارزة مَثَّلَت ضرورة اتخاذنا موقفًا مختلفًا عن مواقف الجماعة”.
وتابع: “كان هذا اللقاء أول لقاء مع قيادات مكتب الإرشاد في مقر الدعوة بالإسكندرية؛ فقد كانت اللقاءات السابقة تتم في مقر الجماعة بالقاهرة، وكنا نطالبهم كثيرًا بِرَدِّ الزيارة، وطلبوا منا قبل هذا اللقاء الحضور لهم للاجتماع؛ فرفضنا، وقلنا: لا بد أن تَرُدُّوا الزيارة وتحضروا أنتم، وبالفعل قَبِلوا الأمر هذه المرة، وأخبرونا بقدوم وفدٍ كبير من مكتب الإرشاد للقاء مجلس الإدارة”.
وأردف ياسر برهامي: “كانت الأمور -على الأرض- في البلاد تتطور كل يوم مِن سَيِّئٍ إلى أسوأ، بعد أن حققت تحركات حركة تمرد تفاعلًا كبيًرا في الشارع المصري لَمَسنَاهُ بأنفسنا، وتفاقمتْ مشاكل الانقطاع اليومي للكهرباء -ولساعات طويلة-، وأصبح مِن الأمور المعتادة أن تطول طوابير انتظار السيارات على محطات الوقود إلى أكثر مِن كيلومتر تنتظر نحو عدة ساعات؛ وذلك لنقص الوقود، وقد تضاعف السخط الشعبي على الجماعة والرئاسة التابعة لها”.
وأضاف، أن الوفد حضر في الموعد المقرر، وحضر فيه الأستاذ محمود عزت، والأستاذ محمود حسين، والأستاذ محمود غزلان، ومعهم الأستاذ إبراهيم حسين، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة في البرلمان، وقد قال لهم: “لقد أتيناكم بمَن يتخذون القرار داخل مكتب الإرشاد؛ فقولوا لهم ما تشاءون”، وحضر اللقاء منهم، الشيخ محمد عبد الفتاح أبو إدريس، وياسر برهامي، وعدد مِن أعضاء مجلس الإدارة.
واستكمل ياسر برهامي: “بدأ الكلام الأستاذ محمود عزت، فقال: نحن لم نحضر مِن أجل 30/6 ولا غيرها، ولا التطورات السياسية، ولكن حَضَرنا مِن أجل تأكيد الأُخُوَّة في الله! وكانت البداية صادمة لنا؛ لأن هذا الأمر ليس قطعًا مقصود الزيارة، فكان جوابنا: نحن أيضًا نحرص على الأُخُوَّة في الله، ولكن الوضع السياسي في البلاد يحتاج إلى مُراجَعة ومُناقَشة ومُنَاصَحة، وكنت قد أعددتُ ورقة بتكليفٍ مِن مجلس الإدارة ومراجعته لها، تتضمن النقاط الأساسية التي لا بد مِن مراعاتها؛ لتجنب الزلزال المتوقع في 30/6/2013، رغم أن موقفنا كان عدم المشاركة في المظاهرات -مع أو ضد الإخوان- خوفًا من سفك الدماء وحصول الاضطراب والفوضى في البلاد، ولم يكن صدر مِن القوات المسلحة وقتها أي بيانات نتأكد منها حقيقة موقفهم”.
ولفت، إلى أنه ومع هذه البداية التي رأوها لا تعبِّر عن حقيقة الزيارة؛ إلا أنهم أصروا على طرح ورقة العمل التي تضمنت عناصرها الآتي:
1- ضرورة تغيير الخطاب التكفيري العنيف الذي صار مُستَعمَلًا في معظم فاعليات الجماعة ومؤيديها، واللقاءات الإعلامية لقياداتها وممثليها، وأن هذه الخطاب يؤدي إلى السقوط أضعاف عدم السقوط.
وكان جواب محمود عزت على ذلك: “هذا الخطاب ليس خطابنا؛ فمحمد عبد المقصود سلفي مثلكم؛ كَلِّموه أنتم، وعاصم عبد الماجد مِن الجماعة الإسلامية وليس من الإخوان، وصفوت حجازي ليس من الإخوان وإنما هو تبع مجلس أمناء الثورة، فقلت له: ومحمد البلتاجي؟ فقال: البلتاجي غير ملتزم ولا يسمع الكلام”.
ويقول برهامي: “كان هذا الجواب صادِمًا لنا كذلك؛ لأننا نعلم جميعًا أن منصات الإخوان والقنوات التي يديرونها هم الذين يتحكمون فيها تمامًا، ولا يتكلم أحدٌ إلا بما يريدون؛ ولو أرادوا مَنْع ذلك لَمَنَعُوه”.
2- ضرورة تغيير الحكومة؛ لعدم قدرتها -وقدرة رئيس الوزراء- على إدارة الأزمة.
3- عدم الاستئثار بالسلطة، ونَصَحنا بأن حركة المحافظين قادمة، وننصح بعدم تعيين أي محافظ من الإخوان؛ لتلافي السخط الشعبي، وللأسف في آخر ذلك اليوم كانت قد صدرت حركة المحافظين وأُعلِنَت، وكان جميع المحافظين الجُدُد من الإخوان كأنهم لا يُدركِون بالمَرَّة مدى السخط الشعبي -بل ومن كل مؤسسات الدولة- على هذا الأسلوب.
4- وكان مِن أهم النقاط التي نصحنا فيها: أن مَن يتظاهرون ضد الإخوان ليسوا جميعًا يحاربون الإسلام، بل أكثر الناس لهم مَطَالِب عادلة في الكهرباء، والسولار والبنزين، وغيرها، وهذه حقوقهم على مَن تَحَمَّلَ المسئولية.
وكان الجواب من محمود عزت: “إنهم والله يحاربون الإسلام”، فقلت له: “لا شك أن هناك مَن يَكره الإسلام، وهناك في الخارج والداخل مَن يحاربون الإسلام، ولكن ليس كُلُّ مَن خرج يطالِب بمطالب اقتصادية وحياتية يحارب الإسلام”.
وكانت نقطة اختلاف خطيرة استمَرَّت فيما بعد ذلك في اعتصام رابعة وما بعدها، ونَالَنا مِن ذلك الخطاب وهذه الطريقة الشريحة الأكبر مِن التُّهَم بالنفاق -بل والكُفر- مِن البعض، وأما وصفنا بالخيانة فوَصفٌ استقر في نفوس عامة أتباعهم؛ بسبب هذا الخطاب، وهذه الطريقة من التفكير.
وكذلك مَن يقول: إنهم لا تُقبل لهم توبة إلا بالحضور لمنصة رابعة، وإعلان التوبة مِن هناك
وكذلك مَن يتلو قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: (فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) (التوبة:74)، ويُسقِطه علينا وعلى غيرنا مِن مُخَالِفِيهم، ومع أن أول الآية قوله -تعالى-: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ)، الآية نَزَلَت في منافقين نَطَقُوا بكلمة الكُفر والطعن في الإسلام، والحمد لله قد بَرَّأَنَا اللهُ من ذلك، وللأسف كان هذا طريقًا مستمرًا بإنزال الآيات التي نزلت في الكفار صراحةً ونَصًّا في المخالِف سياسيًّا، ولا شك أن هذا كان خطرًا عظيمًا.
5- العداوة مع جميع أجهزة الدولة والقوى الموجودة في المجتمع لا يمكن أن يحقق نجاحًا؛ فالنزاع والعداوة صارتْ مع جهاز القضاء، والشرطة، والمخابرات، ورجال المال والأعمال والدولة العميقة، والقوى السياسية المخالِفة، “ولم يكن ظَهَر أن النزاع قد طال أيضًا القوات المسلحة، بل كنا نعتمد على ما قاله الدكتور محمد مرسي في لقاءٍ سابقٍ مِن أن العلاقة مع القوات المسلحة ممتازة وفوق الممتازة” وكذلك كانت العداوة مع قطاعاتٍ كبيرةٍ في المجتمع، وهذا لم يفعله الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَطّ في سيرته.
فكان الجواب: “نحن نتوكل على الله، وننتظر المدد مِن السماء”، فقلت: “والتوكل على الله لا يُنَافِي الأخذ بالأسباب، ولا يمكن أن نتمكن مِن قيادة بلد نعادي كلَّ مَن فيه”.
6- وأوصينا بضرورة حل مشكلة النائب العام للتفاهم مع الهيئات القضائية، وللأسف كانت كل هذه النصائح لا تَلقى آذانًا صاغية.
وأوضح ياسر برهامي، أن اللقاء على بقاء الأُخُوَّة في الله؛ إلا أن الدعوة السلفية لن تشارك في أي فاعليات جماهيرية مع أو ضد الإخوان.
واختتم نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية: “في الأسبوع التالي لهذا الاجتماع تمت الدعوة لمليونية في رابعة العدوية، وبدأ الاعتصام المأساوي الذي أَدَّى إلى ضرب الحركة الإسلامية بجراحٍ غائرةٍ حَاوَلْنا مَنْعَهَا بجهودٍ كثيرةٍ ومستمرةٍ، ولكن سبق القدر مِن الله بهذه الجراح، وإنا لله وإنا إليه راجعون”.