بعد تفاقم أزمة التلوث البيئي.. مصر تبحث عن بديل لإنقاذ حياة المواطنين والحفاظ على الاقتصاد
منذ سنوات طويلة تنصح المؤسسات الدولية الحكومة المصرية بالاهتمام بملف البيئة لتكلفته الضخمة، غير المباشرة، ولكن استجابة الحكومة كانت أبطأ من المأمول وأبطأ من معدل التلوث المتسارع.
ومنذ أيام أصدرت مجلة “فوربس” العالمية، تقريرًا يصف القاهرة بأنها “أكثر مدن العالم تلوثًا” بعد أن كانت لسنوات “من أكثر مدن العالم تلوثًا” ما أثار ضجة في الإعلام المصري، واستدعى إصدار بيان حكومي ينفي أن تكون مصر متذيلة ترتيب العالم، لكن البيانلم يوضح الترتيب الفعلي من وجهة النظر الحكومية.
وفي عام 2014 عندما كانت الحكومة المصرية تدرس السماح باستيراد الفحم، وقتها أصدر كل من البنك وصندوق النقد الدوليين تقييمات وتقارير تحذر من تفاقم أزمة التلوث البيئي في مصر، وأثرها على حياة المواطنين والاقتصاد.
وطلب صندوق النقد وقتها من الحكومة المصرية فرض ضريبة على أسعار الطاقة، بهدف علاج تأثيرات استخدام الوقود على التدهور البيئى، وارتفاع أسعار الغذاء، وخطر تغير المناخ، بالإضافة لارتفاع معدل الوفيات نتيجة التلوث وحوادث الطرق، مشيرا إلى أن فرض الضريبة سيرشد استخدام الطاقة الملوثة سواء للمصانع أو السيارات.
وقال الصندوق، في دراسة صادرة عنه، إن فرض الضريبة سيقلل عدد الوفيات الناتجة عن التلوث والازدحام بـ 45.1% فى مصر.
وأوضحت تلك الدراسة أنه لا يجوز الاهتمام بسعر الفحم الرخيص كوقود، فالفحم يكلف 3.3 دولار لكل جيجا جول تحترق من صحة الناس وتلوث الهواء وانبعاثات ثانى أكسيد الكربون، ولذا لابد من فرض ضريبة تعويضية أو تصحيحية لتقليل استخدامه.
في توقيت مقارب أصدر البنك الدولي تقريرًا ذكر فيه ارتفاع تكلفة تلوث الهواء على الاقتصاد المصري بما يقترب من الضعف في 25 عاما، بخسائر تبلغ 17 مليار دولار سنويًا أو 3.58% من إجمالي الناتج القومي، ما يعني أن معظم معدل النمو الحقيقي يتم التهامه من تكاليف علاج التلوث.
ولكن جهود الحكومة لمكافحة التلوث ارتبطت في الأغلب بالقروض التنموية الأجنبية، التي كان أهمها، في عام 2014 أيضًا، القرض الأوروبي بقيمة 150 مليون يورو لمكافحة التلوث الصناعي في مصر.
وخلال سنوات التوسع في الاستثمارات الحكومية ما بين 2014 و2018 ظهرت بعض المشروعات صديقة البيئة مثل مشروع توليد الطاقة الشمسية ببنبان، ولكن استمرار الحكومة في الاعتماد على تطوير الطرق السريعة بمعدلات أعلى من الاهتمام بخطوط السكك الحديدية والنقل النهري والنقل البري الجماعي حافظ على معدلات التلوث عند القمة، بالإضافة إلى النمو السكاني والصناعي المستقر.
في 2017 أعلنت منظمة الأمم المتحدة وفاة 40 ألف مواطن مصري بسبب مشكلات مرتبطة بالتلوث، وتقدر المؤسسات الدولية القدرات البشرية المُهدرة نتيجة الوفاة بمليون دولار لكل حالة، هذا ما ينبغي أن يدفع وزارة البيئة لاتباع السلوك العالمي في مواجهة تلك الأزمة، وإعداد إستراتيجية لتخفيف حدة التلوث في العاصمة، بدلًا من مجرد نفي الواقع الذي نعيشه جميعًا.