جدل حول إلغاء محو الأمية.. خبراء: ليس حلاً .. ونحتاج لبدائل مناسبة للقضاء على الفساد
أثار جمع عدد من أعضاء مجلس النواب لتوقيعات بشأن إلغاء هيئة محو الأمية وتعليم الكبار، الجدل بين عدد من خبراء التعليم الذين اتفقوا على أن الفساد بات سمة من سمات الهيئة، مما تسبب في تراجع دور الهيئة بالفعل وزيادة عدد الأميين، الأمر الذي يستدعي التدخل لإنقاذ الهيئة ووضع خطة لمواكبة التنمية والتطوير والقضاء على الأمية في مصر، إما بإلغاء الهيئة مع إيجاد بدائل مناسبة، وإما بإعادة هيكلتها مرة أخرى، حتى يتثنى لها القيام بدورها وتلافي المشكلات.
ويسعى عدد من أعضاء مجلس النواب حاليًا لإلغاء محو الأمية، وذلك عن طريق جمع توقيعات من أكبر عدد من الأعضاء، وعلى رأسهم النائب محمد الحسيني، وكيل لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، بمشروع قانون لتعديل أحكام القانون رقم 8 لسنة 1991، في شأن محو الأمية وتعليم الكبار المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 2009.
وبلغ عدد أعضاء مجلس النواب الذين وقعوا لتقديم مشروع القانون 60 عضوًا، ومن المقرر إحالة المشروع إلى اللجان النوعية المختصة للبت فيه.
وقال الدكتور كمال مغيث الخبير التربوي، إن ما طالب به النائب محمد الحسينى أمر طبيعى وصحيح لأن الهيئة بالفعل لا تقوم بدورها كما يجب، ولو تم الرجوع إلى الإحصاءات الخاصة بالهيئة حول عدد الأشخاص الذين حصلوا على محو الأمية سيكون عنصر حاسم فى إلغائها.
وأضاف “مغيث” دور الهيئة هو أن تقوم بالتوسع فى فتح الفصول الخاصة بمحو الأمية، من أجل القضاء على الأمية تماماً، والسير وفق خطة الدولة فى التنمية بالتعاون مع الجمعيات الأهلية والخيرية والوزارات المتخلفة مثل الشباب والرياضة، والتعليم العالى، وأن توفر الأدوات اللازمة لذلك من كتب ومدرسين.
وتابع “مغيث” لا بد أن نتأكد من أمرين الأول إعادة هيكلة وتطويرها حتى يتثنى لها القيام بدورها وتلافى المشكلات التى تعوق عملية محو الأمية فى مصر، والأمر الأخر أن يكون لدينا بدائل مناسبة حال أن تم إلغاء الهيئة تقوم بدورها على أكمل وجه.
وقال محمد سعد، خبير تعليمي وعضو نقابة المعلمين المستقلة، إن محو الأمية أصبح الآن في قبضة مجلس النواب والأعضاء والذين يسعون الآن إلى جمع توقيعات لإلغاءه وذلك بسبب تجاهل الدولة له وعدم جدواه وفشل نتائجة.
وأضاف عضو نقابة المعلميبن المستقلة، أن الأمي في هذه الفترة هو من لا يعلم التعامل مع التكنولوجيا ولكن مازال حتى الأن هناك أناس لايعلمون الكتابة، فضلاً عن غياب الإرادة السياسية أو توجه حقيقي من الدولة لمحو الأمية.
وأشار “سعد” إلى أن تدني مستوي المعيشة وارتفاع الأسعار قد يكون سببًا في عودة الأمية من جديد بعد عجز عدد كبير من الأسر عن تعليم ابنائهم، ولهذا كان لابد من استمرار تجربة محو الأمية، موضحاً أن من أسباب ظهور محو الأمية في السنوات الماضية ضعف الكفاية الداخلية لأنظمة التعليم التي تؤدي إلى تسرب الأطفال من التعليم.
من جانبه قال الدكتور محمد خليل، الخبير التربوي والتعليمي، إن من أسباب ظهور محو الأمية عجز عدداً من الحكومات العربية عن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية التربوية، وتهميش أية قرارات تتخذ حيال مكافحة الأمية وتعليم الكبار، وعدم ربط التنمية الثقافية والاجتماعية في البلاد العربية بالتنمية التربوية التعليمية، تدني مستوى المعيشة وانخفاض مستوى الدخل.
وأضاف الخبير التربوي، أن محو الأمية خلال السنوات الماضية لم يطبق على النحو المطلوب ولن يثمر عن نتائج مرضية ولهذا لاقى تهميش كبير من الدولة، مشيراً إلى أن خلال خطة هذا المشروع الموضوعة على الورق فقط فإنه يمكن للمتعلم معرفة القراءة والكتابة.
من جانبه رفض الدكتور طارق نور الدين معاون وزير التربية والتعليم الأسبق، فكرة إلغاء هيئة محو الأمية بشكل كامل، قائلاً: “لست مع الفساد والأمية، خاصة وأن الهيئة باتت تعمل على الورق فقط والنتائج التى حققتها منذ أن تم إنشاؤها لا تتجاوز الـ10% من النسبة المرجوة، لأن معظم الامتحانات الخاصة بها تتم بشكل صوري، بالإضافة إلى وجود الكثير من الفساد بداخلها، ناهيك عن إصدار شهادات لأشخاص لا يجيدون القراءة والكتابة عن طريق دفع الأموال”.
وأكد معاون وزير التربية والتعليم الأسبق، أن الهيئة وصلت إلى أدنى مستوياتها في أثناء تولى الدكتور محب الرافعى وزير التربية والتعليم الأسبق رئاسة الهيئة فى الفترة من عام 2012إلى 2014، إذ إنها كانت تعج بالفساد وتم هدم الإنجازات الطفيفة التى تم تحقيقها من قبل، وتم تقديم الكثيرمن الشكاوى للنيابة العامة.
وأضاف “نورالدين”، إنه باعتراف الحكومة المصرية يوجد فى مصر26 مليون أمى، فى مصر بحسب ما أعلن عنه جهاز الهيئة العامة للتعبئة العامة الإحصاء هو ما يشكل نسبة 25% من سكان مصر وهذه النسبة خطيرة جداً، متابعاً: “الدولة لا تستطيع أن توفر لهم ثقافة أو إعلام أو تعليم لعدم وجود مفاهيم لديهم، مضيفا: “نسبة الأمية تعد قنبلة موقوته فى المجتمع المصرى وإن لم تتعامل الدولة معها بكل جدية سوف تؤثر عليها بالسلب”.
كما أبدت الدكتورة فاطمة تبارك الخبيرة التربوية، رفضها للمطالبات التى تدعو إلى إلغاء هيئة محو الأمية وتعليم الكبار، وقالت إن المجتمع المصرى فى ظل الزيادة السكانية المستمرة وسوء الأوضاع المعيشية لعدد كبير من الأسر المصرية يعد دور الهيئة مهم للغاية بل نحتاج إلى التوسع فى أعمالها على نحو يشمل جميع المحافظات والقرى المصرية.
وأضافت تبارك ، لا بد أن يتم عمل دعاية كبيرة لهذه الفصول وربطها بالمجتمع بحيث يسهل الوصل إليها، مؤكدة أن عملية الإلغاء تحتاج دراسة تحليلية للبيئة المصرية وعدد الأميين فى مصر، وطرح بدائل مناسبة لها.
وتابعت “تبارك ” إن كان هناك بعض الأخطاء داخل الهيئة فلا بد من علاجها وليس القضاء عليها، مطالبة: بأن تكون الهيئة مستقلة تماما وأن يُخول لها بعض الصلاحيات التى تساعدها فى تقديم خدمة جيدة وأن يتم زيادة ميزانيتها بما يتواكب مع العصر الحالى.