حنان أبوالضياء تكتب: من حكايات الوطن ..«المدمرة داكار»!
«المدمرة داكار». البطولة المصرية التى رفض عبد الناصر الاعلان عنها ولم يعرفها العالم إلا بعد37 عاما.ففى مساء 25 يناير 1968 كان من المفروض أن يكون يوما مختلفا فى حياة اسرائيل احتفالا بقدوم المدمرة داكار ولكن بفضل بطولة المصريين وقف وزير الحرب الإسرائيلي أمام الكنيست ليقول : بكل الحزن والأسف أبلغ الشعب الإسرائيلي بفقدان الغواصة «داكار» . !!…..و داكار تعنى الأخفس وهو نوع من السمك الكبير الذي يعيش في قاع المياه الدافئة في البحار والمحيطات. وكانت الغواصة التي تقل على متنها 69 من بحارة وجنود إسرائيليين وكانت تعطي اتصالا لقياداتها كل ست ساعات..تبدأ القصة عام 1965 بتعاقد اسرائيل مع البحرية البريطانية علي امدادها بغواصتين متطوريتن لتنضم للبحرية الإسرائيلية، وفي 10 نوفمبر 1967 سلمت البحرية البريطانية قيادة الغواصة داكار الى البحرية الإسرائيلية وكان قائدها الرائد ( ياكوف رعنان ) . وتحركت «داكار» من الميناء الإنجليزي صباح يوم 15 يناير.وعند مقربة من الحدود المصرية الغربية، صدرت اوامر الى (ياكوف رعنان ) بالتجسس علي أحواض لنشات الصواريخ المصرية بمقر قيادة القوات البحرية المصرية بالأسكندرية … لكونه السلاح المصري الوحيد الذي لم يمسه التدمير (البحرية) .. لمهاجمة قطع بحرية كان مقررا أن يستقلها الرئيس جمال عبد الناصر صباح يوم 25 يناير لمشاهدة مناورة لوحدات البحرية المصرية، وعلى الفور جنحت الغواصة الإسرائيلية إلى الشواطئ المصرية واقتربت جداً من ميناء الإسكندرية، وفي يوم 23 يناير 1968 أرسل قائدها رسالة من كلمة واحدة إلى قادته في “تل أبيب” تقول الرسالة “تمام” وبعدها انقطع الاتصال بالغواصة واختفت ولم يعثر لها على اثر ، والسبب كان أكتشاف ضباط البحرية المصرية المدمرة ، وبسرعة اتخذ القرار بمهاجمتها.ورغم محاولة قادة الغواصة الإسرائيلية الإلتفاف بالغواصة والإتجاه الي المياه الدولية بأقصي سرعة ممكنة، الا أنه تم تحديد مكان الغواصة بدقةو محاصرتها دائريا وصدر أمر الي المدمرات بإلقاء قذائف الأعماق داخل نطاق الهدف فقرر( ياكوف رعنان) النزول الي أقصي عمق ممكن لتفادي الصدمة الإنفجارية التي يمكن وحدها ان تؤدي الي تدمير المعدات الإليكترونية داخل الغواصة بل وإصابة افرادها جميعهم بإنزلاقات غضروفية خطيرة قد تصل الي كسور بالعمود الفقري ؛لكن هذه الإجراءات لم تفلح كمحاولة للهروب من العبوات الأنفجارية المصرية . وبدأت الغواصة الإسرائيلية بالتداعي فحرقت مصابيح الكهرباء وشرخت شاشات الرادار وانكسرت انابيب ضغط المياه بالإضافة الي إصابة عدد كبير من طاقم الغواصة بكسور وإغماءات .. كان ذلك فقط من هول الأنفجارات المتاخمة والقريبة من الغواصة التي كانت تتلقي الصدمات الإنفجارية والشظايا بشدة علي كل جوانبها. بعد إنتهاء العملية مباشرة علم الرئيس “جمال عبد الناصر ” بما جري .. لكنه رفض الأقتناع بأن الغواصة قد دمرت طالما ما لم يوجد دليل مادي يستند إليه ؛ وقرر عدم الإعلان رسميا عن قيام سلاح البحرية المصري بإعتراض وحصار وتدمير الغواصة «داكار» .ولكن فى سنة 1974طبقا لتقرير قدمه ، المقدم بحري متقاعد محمد سعيد خاطر بعثوره على جهاز تلفزيون إنجليزي ماركة زينت بحالة جيدة بعد إطلاق إحدى كاسحات الألغام التي كان يقودها قذيفة أعماق ضد أحد الأهداف المعادية.ورغم اختفاء «داكار» كانت إسرائيل تستبعد تأكيدات الخبراء ـ احتمال غرق «داكار» علي اثر عمل عدائي حيث اوحت بيانات المخابرات الإسرائيلية بأنه لم تحدث أي أعمال حربية خلال الفترة التي اختفت فيها «داكار» في شهر يناير عام. وبعد فشل كل هذه المحاولات أقتنع قادة «تل أبيب» بالتصريحات المصرية التي تؤكد إغراق القوات المصرية للغواصة «داكار» قرب ميناء الإسكندرية .وكان طلب المساعدة في البحث عن الغواصة داكار أحد المطالب الأساسية التي تقدمت بها إسرائيل إلى الرئيس المصري الراحل أنور السادات، خلال مرحلة التفاوض التي أدت في ما بعد إلى توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 بين السادات ومناحيم بيجين رئيس الوزراء الاسرائيلى الأسبق.