خبراء: الشمول المالي الرأسي الطريق الأمثل لنجاح الأهداف الاقتصادية

كتب – أحمد عبدالوهاب:

كان العام الماضي عام الشمول المالي بامتياز في مصر، فالحكومة ترى أن الطريق الأفضل لإنجاح أهدافها الاقتصادية يمر عبر السيطرة على الاقتصاد غير الرسمي، ما يمكنها من الحصول على إيرادات أعلى، وإيصال خدماتها ومظلتها لشرائح أوسع. وكانت أخر خطوات الشمول المالي المُعلنة تخصيص باب كامل عن كيفية ضم الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصاد الرسمي، بقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الذى تم الانتهاء منه مؤخرا وتم إحالته إلى مجلس الوزراء للمناقشة.

على العكس، لا ترى الحكومة ضرورة لزيادة أعباء القطاع الرسمي، وفيما يخص الضرائب ترفض الحكومة المبالغة في التصاعدية، فأعلى شريحة للضرائب على الدخل في مصر 22.5%، ويلتزم بها كل من يتجاوز دخله 200 ألف جنيه سنويا (16.7 ألف جنيه شهريا)، ما يعني أن كبار الموظفين والمهنيين يتساوون في معدل الضرائب مع المليارديرات.

ولكن الخبير الاقتصادي الأمريكي الشهير د.جون رومر، يرى أن تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة مرتبط بما يمكن أن نطلق عليه “الشمول المالي الرأسي” أي أن تصل سياسات الدولة الاقتصادية لكامل دخل المواطن، عبر المساواة في الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية على مستوى الدخول.

وضرب البروفيسور الأمريكي مثالا بأن أفضل الدول من حيث مؤشرات التنمية البشرية هي الدول الاسكندنافية، التي تفرض ضرائب شديدة الارتفاع، ومقابل ذلك تخصص نسب مرتفعة من الإنفاق للتعليم والصحة. ونصح رومر المسؤولين في مصر بزيادة معدلات الضرائب على دخول أغنى ١٠٪ من المصريين، الذين يحصلون على ٥٠٪ من الدخول، بينما يحصل الأفراد الأشد فقرًا على أقل من دولارين يوميا.

وكشف أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة ييل الأمريكية في نقاشه أمس الأول، بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، مع الدكتور راجي أسعد، أستاذ الاقتصاد الزائر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن إعادة توزيع الدخول عبر الضرائب هو الحل السريع للتنمية في مصر.

ونوه الخبير أيضا إلى أن الدول قبل أن تبدأ في توزيع الدخول بشكل عادل لابد أن تبدأ بتوزيع الموارد بشكل عادل، لافتا إلى أن توزيع فرص العمل في كافة المواقع لابد أن يكون بشكل عادل، ففي مصر والعديد من البلدان النامية تنعكس ظروف الآباء على الأبناء.

وكلما انخفض، على سبيل المثال، مستوى تعليم الآباء انخفض معدل الدخل الخاص بأبنائهم بالمقارنة مع أبناء الآباء المتعلمين تعليما جيداً، بينما من المفترض أن يرتبط الدخل بالجهود لا الظروف الاستثنائية، مشيراً إلى ضرورة أن تقوم الحكومة المصرية بتعويض الفارق، والوصول إلى المساواة في الفرص التعليمية والصحية، وهكذا يتحقق الشمول المالي في كل ما يخص حياة المواطن وهذه هي العبرة، وليس عدد المواطنين الذين تصل خدمات الدولة إليهم، فالعبرة دائما بالكيف وليس الكم.