د.رشا صبحى أبوشقرة تكتب:جنوب السودان بين الصراع القبلى والسياسي
جنوب السودان هي الدولة الأصغر عمرا” فى العالم عاصمتها جوبا ومساحتها 644 ألف كم وعدد سكانها 10 ملايين فى الريف بنسبة 83% ,72% منهم دون سن الثلاثين ونسبة الأمية مرتفعة جدا تصل الى 73% ويعيش 51% من سكانها تحت خط الفقر,تعود أصول قبائلها الى ثلاث مجموعات رئيسية أكبرها المجموعة النيلية التى تمثل 65% وتضم القبائل الكبرى حيث تمثل الدنكا 40% وتتبعها النوير 20% ويشكلان أكبر قبيلتين فى الجنوب والذين يمثلان طرفي النزاع حول السلطة حيث ينتمى سيلفا كير رئيس جنوب السودان الى الدنكا بينما رياك مشار زعيم المعارضة ينتمى الى قبيلة النوير الا أن هذه الصراعات ليست بالجديدة على مجتمع جنوب السودان فجنوب السودان ليس مجموعة متجانسة.. فكل قبيلة تتكون من جماعات عرقية معتده بذاتها وتتمحور حول نفسها لها أرضها وكيانها العشائرى وسياستها التى تحكم بها ونسق العادات والتقاليد الخاصة بها ويكون الانتماء والولاء للقبيلة أولا لذلك فإن أسباب النزاعات التي تحدث تتسم في أغلب الأحيان بالعداءات العشائرية على مصادر الماء والمرعى والتى لم تأخذ طابعا سياسيا وأحيانا تكون النزاعات ذات طابع عائلى مثل نزاعات الزواج حيث يوجد نوع من التمييز ضد أعضاء مجموعات عرقية معينة أيضا هناك نزاعات بين الجماعات القبلية حول مصادر صيد الأسماك هذا فضلا عن الانقسامات الداخلية داخل النزاعات السياسية التى أدت في أغلب الأحيان إلى العنف…إلا أن أهم النزاعات الجنوبية هي التى تتمحور حول الارض والماشية ,فالخلافات والنزاعات الجنوبية ليست جديدة على المجتمع الجنوبي وانما تواجدت فى كل المراحل التاريخية للدولة السودانية فالعديد من المجموعات العرقية كثيرا ما تحدث بينها تنافسات خاصة بين الجاليات الرعوية مثل الدادينجا فى مواجهة التوبوسا والدنكا فى مواجهه النوير أو المورلى حيث تتفجر العداءات المحدودة من حين لآخر بسبب المنافسة حول ملكية الأرض ,الماشية، أو المرعى وعلى الرغم من وجود آليات وطرق تقليدية تقوم بحل هذا النوع من النزاعات إلا أنها تنفجر دائما من وقت لآخر كما أن هذه العداءات تتزايد في الوقت الحالى أكثر فأكثر وتأخذ طابعاً جديداً وهو التنافس حول المناصب السياسية وهو ما يدعوا للقلق على مستقبل الجنوب فالنزاعات الجنوبية لم تهدأ عبر المراحل التاريخية وأشهرها صراع الدنكا والنوير الذى وصف بأنه أحد أسوأ النزاعات وأكثرها دموية فى تاريخ الجنوب بين عامى 1991ـــــــ 1995 ولفترة قصيرة جمعت بينهم علاقات الود أثناء النضال ثم انتهت بعد عامين من اجراء استفتاء تقرير المصير ,حيث انفردت الدنكا بمقاليد الأمور فى الجنوب مما أثار غضب العرقيات الاخرى خاصة النوير.. فعلى الرغم من أن الدنكا تعد الأكثر انتشارا إلا أن النوير هم الأكثر قوة والتركيبة القبلية للجنوب تقوم على تكريس الإحساس القبلى الذى يدفع مختلف القبائل إلى تعظيم ذاتها وتحقير غيرها حتى أن النزاعات الأخيرة التى حدثت بعد استقلال السودان والتى تصاعدت إلى حرب أهلية فى ديسمبر 2013 وأدت الى أزمة إنسانية قد اكتسب بعداً قبليا بين الدنكا بزعامة سيلفا كير والنوير بزعامة رياك مشار ظهرت فيها أعمال قتالية وتطهير عرقى من الدنكا ضد النوير وأيضاً أعمالاً انتقامية على يد رجال الجيش الأبيض ” شباب من قبيلة النوير يغطون أجسادهم بالرماد الأبيض” حيث قاموا بذبح 20 مسؤلاً من قبيلة الدنكا وتجدد الاقتتال أكثر فى 8 يوليو 2016 حينما حاول قادة الجيش الشعبى نزع سلاح ضباط النوير فى القصر الجمهورى مما أدى إلى إنهاء حياة 300 شخص وهروب مقاتلين موالين لمشار من جوبا وفى الوقت الحالى ظهرت مجموعة تمرد جديدة فى جنوب السودان لإزالة نظام الحركة الشعبية برئاسة سيلفا كير واصفين إياه بالفاشل والغير شرعى وهى مكونه من أبناء وبنات إقليم الاستوائية.
جنوب السودان مهدد بالتفتت والتشرذم اذا لم يتم استيعاب كافه الاثنيات والعمل على تقاسم السلطة بحيث يكون نظام اتحاد الولايات وهو افضل نموذج للحكم فى ظل هذا الزخم القبلى خاصه مع عوده اندلاع القتال ديسمبر 2017.