ذكرى ميلاد الرسول محمد … نبي الرحمة المهداة للعالمين

بقلم _ عنتر أحمد

تتجدد الذكريات وتتجدد معاها الإرادة والطموح والأمل والعزيمة والتحدي بذكرى ميلاد خير الأنام معلمنا وقدوتنا سيدنا محمد ﷺ، حيث تعيش أمتنا الاسلامية في شتى بقاع الارض هذه الأيام ذكرى ميلاد الهادي البشير، مخرج البشرية من الظلمات الى النور، خاتم الانبياء والمرسلين، صاحب رسالة الدين الإسلامي الخاتم، النبي العظيم الذي اضاء بمولده الكون بعد ان اطبق عليه الظلام، واستفحل الباطل، واستأسد الضلال، وباتت الدنيا لا تعرف للنور طريقا، ولا للحق سبيلا، ولا للعدل مخرجا، وكان الناس يعيشون في جاهلية تلاشت امام سطوتها القيم الانسانية النبيلة، وانحصرت في مواجهتها الفطرة، واحتجبت العقول عن التفكير واستسلمت للهوى والرغبة، الي ان نزل الانسان من عليائه وسجد وعبد الحجر والشجر والدواب..

لذلك كان مولد النبي ﷺ منة عظيمة من الله تعالى على الناس، كما قال تعالى (لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة

إن ذكرى ميلاد النبي ﷺ ذكرى عطرة عزيزة على قلوب كل المسلمين ، لأنها ذكرى مولد فخر الكائنات، نبي الأمة والرحمة المهداة للبشرية جمعاء، فهي ليست مجرد مناسبة لمولد (إنسان عظيم) فحسب، بل إنها ذكرى (مولد أمة) فبولادته ﷺ ولدت أمة العرب من جديد، لتقود العالم وتنشر الفضيلة والعدل والسلام، وتحارب الظلم والطغيان، أمة لا تفرق ولا تظلم ولا تضطهد، وماهي إلا عقود قليلة من ولادة المصطفى حتى ارتفعت راية الإسلام راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله ) في أرجاء الجزيرة العربية وفوق بلاد فارس وعلى تخوم الروم وفي شمال أفريقيا ..

ودخلت الناس أفواجا في دين الإسلام طواعية وعن رضا واقتناع في الدين الإنساني الجديد الذي رفع شعار ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ )
ومن سماحة الدين الإسلامي ورسالة الرسول محمد ﷺ هي الاعتراف بالاديان السموية الآخري واعطاء المرء حرية اختيار الدين والعبادة، بقوله تعالي((لكم دينكم ولي دين))

إن ذكري مولد الحبيب المصطفى ﷺ لهي مناسبة عزيزة وذكري قيمة لمراجعة الذات والنظر في واقع الأمة الحالي، من اجل استشراف المستقبل لنا بعد ان ضللنا الطريق واصحبنا أمة حائرة وعاجزة وتائه فوق الأرض، ولذلك فهي فرصة عظيمة للرجوع الي صوابنا والتعرف على أمة الاسلام وأمراضها، ومحاولة إيجاد الأدوية النافعة، والحلول الناجعة لحل مشكلاتها العويصة التي تتخبط فيها، ولذلك وجب علينا أن تكون هذه الذكرى موعظة لكل منا يرى فيها حال المسلمين والعرب اليوم، الذين تداعى عليهم الأعداء والكارهون، حتي باتوا اليوم غثاءً كغثاء السيل، لا تغني عنهم كثرتهم العددية ولا ثرواتهم الطائلة، ماداموا بعيدين عن منهج الحق الذي جاء به صاحب الذكرى العطرة سيدنا محمد ﷺ

وما أحوجنا الْيَوْمَ إلى أن نعود إلى سيرة رسول الله ﷺ وننظر فيها بتمعن وتدبر لاخذ الدروس والعبر من الظروف الصعبة الذي تمر به الأمة لإيجاد الحلول الشافية لكل الأمراض والعلل، بسلك الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف ولا ضرر ولا ضراره، ولتكون ذاكرها محطة نقف عندها كثيرا لنستحضر كل المواقف والمعاني والدروس والعبر والمواعظ وكمال وجمال وعظمة الرسول في كل حياته بل حتي مماته بالتقرب إلي دين الله ونهج سنة رسول الله ﷺ ..

فعندما نقول نحن المسلمون إن محمدا ﷺ مجدنا الأعظم وفخرنا الأكبر وإن النبي هو أعظم إنسان على الإطلاق فليست كلمة عاطفية أو عبارة مجازية غير محسوبة، فها هم فلاسفة الدنيا والمستشرقين ومفكرو العالم شهدوا بأن محمدا ﷺ هو أعظم إنسان على وجه البسيطة عبر التاريخ الإنساني العريق، وسجلوا أعجبهم الشديد بشخصية الرسول العظيم ﷺ، مع كونهم لم يرتدوا عباءة الإسلام ولكنهم قالوا كلمة حق سطرها التاريخ على ألسنتهم وفي كتبهم وتراثهم..

فإن الرقي الشخصي والأخلاقي والحضاري لسيرة وشخصية الرسول محمد ﷺ جعلت من هؤلاء العلماء والفلاسفة ، مايكل هارت مؤلف كتاب 100 شخص في التاريخ والذي اختار محمدا ﷺ ليكون أهم وأعظم رجل في التاريخ وكذلك المؤلف الإنجليزي جورج برنادو شو، والأديب الروسي ليو تولستوي والذي قال إن النبي محمدا ﷺ حظي باحترام اعدائه مما جعلهم يدخلون الإسلام ، وكذلك توماس كاربل المؤلف الاستكلندي، وغيرهم الكثير، ومنهم صاحب المعني الادق الفيلسوف الإنجليزي براتراند راسل الذي وصف تعاليمه السمحة بانها جعلت من وجود الإنسان معنى ”

فيا من تحبون سيرته ويا من تتمنون شفاعته، صلوا على أعظم نبي وأفضل رسول، وأهم شخصية ورجل في التاريخ على قمة مصاف الرجال الذين يجب أن يتبعوا، صلوا عليه وسلموا تسليما..