سيد العبيدى يكتب..ما يقع على الأحزاب والحكومة
لا شك أن الأحزاب السياسية المصرية تعمل جميعها لمصلحة الوطن، وتسعى لأن تكون مؤثرة فى الحياة السياسية، ومساهمة فى صناعة القرار الوطنى، بغاية الوصول إلى السلطة بطريقة سليمة، وفق نصوص الدستور الذى منحها هذا الحق، والذى يعد من صميم عملها وواجبها تجاه قضايا أمتها.
وإن كنا نحمد لبعض الأحزاب التى مازالت صامدة أمام حالة التخبط الناتجة عن دعوات الدمج وتوحيد الصفوف، وسعيها لخلق آلية توافقية لإعلان وثيقة عمل مشترك، تُعلى من قيمة الأحزاب وتوحدها وتجعلها قادرة على الـتأثير فى المشهد السياسى، فمن الواجب تذكيرها بأن تظل محافظة علي ثوابتها ومرجعيتها وأيدلوجيتها ولاتحيد عنها، كى تستمر محل تقدير المواطن المصرى ، ولاتسقط فريسة للصراعات والمصالح الشخصية.
منذ قرابة الشهر، وفى ضوء دعوة دمج الأحزاب السياسية وسعي ائتلاف الأغلبية البرلمانية “دعم مصر” للانتقال إلى حزب سياسى، ونحن نشاهد ونقرأ يومياً تصريحات لشخصيات حزبية وبرلمانية متضاربة، وأخبار يتم نفيها وتحركات غريبة لا نعلم من يقف خلفها، ولا نعلم لمصلحة من هذا التخبط الغير محسوم، والذى قد يكون مقصود الله وأعلم.
فجأة وبدون أسباب واضحه قرر النائب علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، تقديم استقالته من حزب المصريين الاحرار بعد ثلاث سنوات أمضاها داخل جدران الحزب، ترأس خلالها الهيئة البرلمانية له وعمل بشكل متواصل من أجل مستقبل الحزب.
استقالة “عابد” جرت خلفها استقالات أخرى كثيرة لعدد كبير من نواب الحزب الذى كان يحتل المركز الأول فى قائمة الاحزاب المشاركة فى البرلمان بواقع 65 نائباً ، الأمر الذى دفع رجل الأعمال المصرى نجيب ساويرس مؤسس الحزب، إلى التعليق على الحالة التى وصل إليها حزبه قائلاً “مأساة.. للأسف أتحمل المسؤولية، لكن الخيانة واردة من أيام يهوذا”،مواصلاً الرد على متابعينه على “تويتر” حول حالة الحزب قائلا ” زعلان لأن مصلحة البلد كانت في وجود حزب قوي مستقل“.
الحالة التى وصل إليها حزب المصرييين الأحرار، وقبله حزب الدستور، وغيرهما من الأحزاب التى تتصارع كوادرها على المناصب، قد لاتكون الأولى على مستوى الأحزاب وربما لاتكون الأخيرة، طالما أن هناك بعض الشخصيات ترى أن فكرة الدمج الحزبى مصلحة وليس عمل وطنى، وترى أن التخلى عن المبادئ والأهداف والأفكار التى اكتسبتها وتعلمتها وتربت عليها طوال سنوات بين أروقة الحزب أمر سهل يمكن الاستغناء عنه بسهوله لمجرد أنه يتلقى عرض أفضل فى مكان آخر على غرار لاعب الكورة المحترف.
إن كانت مصر بها أكثر من مائة حزب سياسيى، فإن فرنسا بها أكثر من أربعمائة حزب وأنجلتر وتركيا والمانيا وأيطاليا ودول كثيرة بها عشرات الاحزاب التى تعمل وفق رؤي وأفكار ومرجعيات وأجندات خاصة بها وتراها الأفضل فى تحسين الوضع الأقتصادى والسياسى لبلادها ،كما الدستور المصرى الحالى فى المادة الخامسة ينص على أن “يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية..إلخ”، لذا لامشكلة من كثرة الأحزاب، ومن وجهة نظرى فإن المشكلة الحقيقية تنحصر فى إنعدام الثقة ونسيان الواجبات والبحث عن المصلحة.
إن كانت غايتنا من دمج الأحزاب خلق كيانات قوية تعمل تحت مظلة واحدة ، قادرة على إفراز كوارد حقيقية تنافس بها فى الاستحقاقات الانتخابية سواء كانت رئاسية –برلمانية –محلية”، وقادرة على مواصلة وترسيخ العمل الحزبى وبناء قاعدة شعبية جماهيرية تساند الحزب انتخابياً ليشعر المواطن البسيط بأهمية الأنضمام إلى حزب سياسيى وتأييده يجب أن يعى كل طرف واجباته ويلتزم بها.
ولا أعتقد أن مبادرة رئيس الجمهورية الداعية للتوافق بين الأحزاب ذات المرجعية الواحدة، تعنى أن هناك دعم رئاسي لحزب بعينه!، حتى تتصارع بعض الكوادر الحزبية لحجز أماكنها فى أحزاب أخرى تروج إعلاميا إنها ستصبح حزب الرئيس.
أعود لأُذكّر بالواجبات التى يجب مراعتها للنهوض بالعمل الحزبى والأطراف التى يقع على عاتقها تنفيذ تلك الواجبات، أو إن شئت قل الالتزامات، وأعني بالأطراف “الحكومة والأحزاب”، أما الواجبات تتجسد فى “خلق مناخ ملائم يوفر الطمأنينة لممارسة العمل الحزبى دون إدنى قيود، ضمان مشاركة حقيقة للجميع فى العمل السياسى بحرية دون التحيز لأى طرف، دعم الأحزاب من قبل الحكومة تنظيم لقاءات وندوات دورية بمشاركة الشباب ورؤساء الأحزاب وممثلى الحكومة لنقل نبض الجماهير للمسئولين، وضع آلية جادة لتخفيف العبء عن كاهل المواطن من خلال خطة محكمة تنفذ بإشراف لجنة مشتركة من الحكومة والأحزاب، العمل على دراسة الحالة الاجتماعية للموطن فى كافة المحافظات والقرى والنجوع والمناطق النائية.
من الواجبات أيضاً لايصح أن تعمل الحكومة فى وادى والأحزاب فى وادى آخر، كما لايجب أن تكون العلاقة بين الطرفين مجرد مقاعد فى البرلمان أو فوز ائتلاف الأغلبية فى الانتخابات، فيهدر حق الآخرين، ما يجب أن يكون هو خلق دائرة واحد وربط مشترك بين الحكومة والأحزاب والجمهور وهذا يقع على عاتق الحكومة.
وما يقع على عاتق الأحزاب، هو تدريب وتأهيل الشباب لممارسة العمل الحزبى والسياسى المنظم ، بالإضافة إلى تكوين وإعداد كوادر شبابية لخوض الانتخابات ،بناء قواعد شعبية فى كافة المحافظات تلتحم مع الجماهير وتعمل على حل مشاكل الناس، تفعيل دور اللجان العامة للاحزاب ولجان المحافظات، وعلى الاحزاب أن تعمل وفق برامج وافكار جديدة للخروج من حالة النمطية وفكرة الانضمام للحزب لخدمة غرض شخصى أو السعى للحصول على منفعه خاصة، إذا استطاع كل منا معرفة واجباته واختصاصاته قد لانحتاج إلى كل هذا التخبط والقلق على مستقبل العمل الحزبى والسياسى فى مصر.. وللحديث بقية .