فورين بوليسي: تأجيل المباحثات المصرية السودانية حول «سد النهضة»
الخلاف الدبلوماسي الذي نشب بين مصر والسودان مؤخرا ينعكس سلبا على النزاع القائم منذ فترة طويلة حول سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق وتعتبره القاهرة تهديدا وجوديا لحصتها من مياه النيل.
هكذا استهلت مجلة ” فورين بوليسي” الأمريكية تقريرا مطولا سلطت فيه الضوء على التراشق الإعلامي الذي وقع بين مصر والسودان، البلدين العربيين، في الآونة الأخيرة والذي تطور ،أمس الخميس، بعدما حذرت الخرطوم من مغبة التهديدات التي تواجهها حدودها الشرقية جراء احتشاد القوات المصرية والإريترية.
وذكر التقرير أن السودان وفي خطوة مفاجئة قامت باستدعاء سفيرها من مصر، في أحدث فصول التوترات التي بدأت الصيف الماضي بمقاطعات تجارية، وذلك قبل أن تتطور وتزداد حدتها في الأسابيع الأخيرة.
وأضاف التقرير، أن السودان يعد جزء من صراع إقليمي أوسع يضم مصر والمملكة العربية السعودية ودول أخرى ضد ما تراه تلك الدول أنه تدخل من قبل تركيا في المنطقة، مشيرا إلى أن أنقرا دعمت دولة قطر في معركتها الدبلوماسية مع الدول الخليجية الأخرى، وذلك قبل أن تصنع لنفسها وجودا قويا في البحر الأحمر، وهو ما يمثل باعث قلق شديد للقاهرة.
وأوضح التقرير أن القاهرة شعرت بالانزعاج من الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السودان في ديسمبر من العام 2017، وحصوله على حقوق انتفاع بشأن جزيرة سواكن الواقعة على البحر الأحمر، ما يثير مخاوف مصر من إمكانية أن تبني أنقرا قاعدة عسكرية هناك.
ولفت التقرير إلى أن التوتر الدبلوماسي بين مصر والسودان يزيد من صعوبة تعامل القاهرة مع معضلة آخرى خطيرة: دعم السودان لـ إثيوبيا في بنائها سد النهضة البالغ كلفته 5 مليارات دولار على النيل الأزرق والذي من الممكن أن يخنق إمدادات المياه الحيوية لدول المصب، قائلة إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وصف السد الإثيوبي بأنه “مسألة حياة أو موت.”
وأوضحت كيلسلي ليلي، المديرة المساعدة في مركز إفريقيا للمجلس الأطلسي إن كل المتنافسين الإقليميين حول البحر الأحمر متشابكة، مضيفة:” لكن السد نفسها باعث قلق شديد بين الدول.”
وقال ستيفن كوك، الخبير المتخصص في الشئون الشرق أوسطية وشمال إفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية”، التوترات خطيرة وحقيقية وأشد مما كانت عليه في أي وقت مضى،” مردفا:”الأحداث بدأت في الفوران.”
ولفت التقرير إلى أن النزاع الواسع قد أسهم في تجميد المباحثات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول كيفية إدارة تأثيرا السد، حتى في ظل استمرار أديس أبابا في عملية البناء، موضحا أن الجانب الإثيوبي انتهى بالفعل من بناء 60% من السد، ومن الممكن أن يبدأ في ملء الخزان بالمياه الصيف المقبل، وهو ما سيجعل مسألة إيجاد حلول عملية بالغة التعقيد.
وأكدت آنا كاسكاو، خبيرة في مجال السياسة المائية للأنهار والتي كتبت مقالات عديدة حول سد النهضة الإثيوبي:” إذا ما خسرت مصر السودان- البلد الوحيد الذي تجمعه اتفاقية توزيع مياه مع القاهرة، وأيضا البلد الوحيد في دول حوض النيل الذي يستطيع أن يمثل تهديدات خطيرا للمياه الواصلة إلى مصر بسبب قدراته العالية في مجال الري- سيكون هذا أمرا بالغ الخطورة على مصر.”