كريم عادل يكتب_”نحو اقتصاد أقل عولمة”
بقلم الدكتور كريم عادل
الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية
العولمة في نظر منتقديها هي المسؤولة عن المضاربين الماليين العالميين الذين يمكن أن يشلوا اقتصاديات دول بأكملها وهي أيضاً المسؤولة عن المشكلات الصحية والبيئية والفقر وسيطرة الثقافة الأمريكية، في حين يرى المدافعون عن العولمة والمؤيدين لها أنها استطاعت رفع مستوى المعيشة لكثير من سكان العالم من خلال تحريرها للتجارة والاقتصاد .
إلى أن جاءت جائحة فيروس كورونا فعمقت من انقسامات وزادت من توترات كانت موجودة من قبل، إلا أنه لازال اليقين بأن التراجع عن الاعتماد الاقتصادي المتبادل ليس سهلًا ولا بدون تكلفة على كل الدول المنخرطة في هذه المنظومة العالمية .
فإن كان من المستبعد أن تكون الأزمة سبباً في تغييرات جذرية بالنظام الدولي، لكن من المتوقع انقسام النظام العالمي إلى “مجالات نفوذ اقتصادي”، يهيمن على كل منها إحدى القوى الكبرى، وتتميز بكثافة العلاقات الاقتصادية والتجارية بداخلها، بينما تقل أو تنقطع الأواصر بين هذه “المجالات الحيوية” وبعضها، حيث تسود بينها علاقات قائمة على عدم الثقة والتنافس، كما هو الحال بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين .
فمن المرجح أن يكون اقتصاد ما بعد كورونا أقل عولمة وهو ما سيمهد تدريجياً إلى نهاية نظام العولمة.
إلا أنه وبرغم الدرجة العالية من التشابك والتأثير المتبادل الذي يجسده الواقع العالمي الحالي، ومدى تضرر اقتصادات الدول النامية من فك هذا التشابك والارتباط بصورة أكبر من اقتصادات الدول الكبرى، إلا أن ما ستتخذه كل دولة من سياسات وإجراءات سيظل بمثابة خط الدفاع الأول أمام المخاطر العابرة للحدود، وترتبط كفاءة جهودها في مواجهة مثل هذه الأزمات بقوة البنية التحتية، والخبرات العلمية، والقدرات الحكومية المتاحة لها، لا سيما وأن الدول الأقل تضرراً هي تلك التي ستستطيع توفير سلاسل تصنيع وإمداد مستقلة لها، وتحويل اقتصادها إلى اقتصاد مستقل متنوع الدخل والمصادر.