مركز معلومات “الوزراء” يصدر كتابا عن التداعيات العالمية لفيروس كورونا المستجد
كتبت_نهلة الوزير
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار كتاباً حول التداعيات العالمية لفيروس كورونا المستجد (كوفيد ـ 19) تضمن موضوعات تتعلق بتداعيات الفيروس على كل من الحُكومات والأعمال، والاقتصاد الكُلي، والقطاعات الاقتصادية والتكنولوجيا، هذا بالإضافة إلى إلقاء الضوء على تجارب عدد من البُلدان في مواجهة الفيروس، واستعراض عدد من الكتب الأخرى ذات الصلة.
وأوضح أسامة الجوهري، مُساعد رئيس الوزراء، القائم بأعمال رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أن الكتاب استند على تقارير وتحليلات صادرة عن مُؤسسات دولية معتمدة، منها: مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، ووحدة أبحاث “الإيكونوميست”، و”بلومبرج”، وشركة “برايس ووتر هاوس كوبرز” (PWC)، وشركة “ماكينزي”، ومنظمة “الأنكتاد”، ومنظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي، ومؤسسة “جي بي مورجان”، ووكالة الطاقة العالمية، والمنتدى الاقتصادي العالمي.
ووجه رئيس مجلس الوزراء بتوزيع هذا الكتاب على الوزارات والمحافظات، في إطار الجهود التوعوية التي تقوم بها الحكومة بآثار فيروس كورونا، وسبل الوقاية منه والحد من انتشاره، وأفضل السياسات المُتبعة حول العالم في التعامل مع الوباء.
وقد أشار الكتاب إلى التوصيات التي نشرتها مجلة “الإيكونوميست” مؤخراً لاتباعها من جانب الحكومات في سبيل تعزيز جاهزيتها لمواجهة فيروس كورونا، والتي تضمنت التحلي بالشفافية في الإعلان عن الحالات المُصابة، والاستعداد من جانب الحكومات على المستويين المؤسسي والشعبي لمواجهة هذا الخطر الوشيك، فضلاً عن قيام الحكومات بإعداد خطط للتحرك والمواجهة من خلال تقليل وقت ومعدل الإصابة، للحد من الانتشار، ونشر الوعي المجتمعي الصحي وتغيير السلوك بما يلعب دوراً محورياً في تقليص عدد الحالات المُصابة.
وأضاف الكتاب أن منظمة الصحة العالمية أعلنت عن تفشي فيروس كورونا المستجد في كثير من بلدان العالم، بل واعتبرتها جائحة، لكونها حالة طارئة للصحة العامة تحظى باهتمام دولي، الأمر الذي يستدعي التعامل مع الموقف بمنطق إدارة الأزمة.
وتمت الإشارة إلى أن العالم يتبنى جهوداً حثيثة لاحتواء “كوفيد ـ 19” الأمر الذي قد يتحقق بنجاح في فترة زمنية قصيرة نسبياً، ولكن وحتى يتحقق سينتج عنه سلسلة طويلة من التأثيرات على الشركات والأعمال، بما يفرض تأثيرات اقتصادية لفيروس كورونا على مستوى العالم، خاصة مع تقييد حركة انتقال البضائع وتعليقها، وتعطل سلاسل التوريد، واحتمالية تأثر الموظفين وبيئات العمل، كما تشير التوقعات إلى انخفاض مُعدلات النمو الاقتصادي على مُستوى العالم بنقطتين على مدار هذا العام، وبالتالي انكماش الاقتصاد العالمي.
وطرح الكتاب إجراء الحد من التجمعات كخطوة هامة وفاعلة للحد من انتشار وتفشي “كوفيد ـ 19” باعتبار حدوثها يزيد فرص انتقال العدوى، كما ناقش الكتاب تأثير فيروس كورونا على مستقبل التعاون الدولي، لافتاً إلى أن هذه الازمة من المرجح أن تؤدي إلى الحد من الترابط بين دول العالم، في ظل توقف السفر والتجارة والتدفقات المالية والرقمية والبيانات، أو أن تؤدي الأزمة إلى زيادة التعاون الدولي، بالنظر لكون احتواء هذه الازمة يحقق منفعة عامة عالمية، ويتطلب نجاح ذلك زيادة التنسيق العالمي، ناهيك عن تكاتف المجتمع الدولي لمواجهة التغير المناخي الذي قد يعد محدداً لانتشار الفيروسات والأمراض.
وتطرق الكتاب إلى التأثيرات الاقتصادية المتوقعة جراء فيروس كورونا المستجد، والسيناريوهات المحتملة للنمو الاقتصادي العالمي، حيث توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفاض نمو الناتج المحلي الاجمالي العالمي بنسبة 0.5% لعام 2020، لاسيما في البُلدان المُرتبطة تجارياً واقتصادياً مع الصين، كما من المُتوقع أن تُعاني الاقتصادات الأوروبية الكبرى من اضطرابات حيث تتوقع الأمم المتحدة أن تنخفض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى ما بين 5 ـ 15% لتصل لأدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية عامي 2008 ـ 2009، كما سيؤدي التباطؤ الاقتصادي إلى انخفاض الطلب على الطاقة.
وأوضح الكتاب أن السياحة والصناعات المتربطة بالسفر هي الأشد تضرراً حيث تحذر الرابطة الدولية للنقل الجوي من أن فيروس كورونا المستجد قد يكلف شركات النقل الجوي العالمية ما بين 63 و 113 مليار دولار أمريكي، انخفاضاً في الايرادات خلال العام 2020، فضلاً عن تراجع أسهم الشركات الفندقية الكبرى. وقد قدرت منظمة السياحة العالمية انخفاض عدد السياح الدوليين بنسبة تتراوح بين 1 ـ 3% خلال العام الحالي 2020 على مستوى العالم، وهذا الانخفاض يؤدي الى خسائر تقدر بما يتراوح بين 30 ـ 50 مليار دولار أمريكي في انفاق الزوار الدوليين في الوجهات السياحية، وسيكون التأثير الأكبر على الشركات الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي يستدعي اتخاذ تدابير الدعم والانتعاش للسياحة في أكثر البلدان تضرراً.
وتناول الكتاب تأثير فيروس كورونا المستجد على حركة التجارة العالمية، ووضع قطاع التصنيع، حيث أصدرت شعبة التجارة الدولية والسلع الأساسية (الأونوكتاد) تقريراً أوضح أن الوضع سيكون له تأثيرات كبيرة على انخفاض الإنتاج في قطاع الصناعة وبالتالي في حجم الطلبيات الجديدة، وذلك نظراً لأهمية الصين المتزايدة في الاقتصاد العالمي كدولة مُصنعة ومصدرة للمنتجات، ومورداً رئيساً للمدخلات الوسيطة لشركات التصنيع في الخارج، وبالتالي فإنه من المتوقع أن تواجه بعض الشركات نقصاً في المكونات الأساسية لصناعتها، والصعوبة في الحصول على قطع الغيار اللازمة، بما يؤثر على القُدرات الإنتاجية، والصادرات الإجمالية للعديد من الشركات.
وأكد الكتاب أن انتشار فيروس كورونا أدى بالفعل إلى تعطيل عمليات التصنيع في جميع أنحاء العالم، حيث قامت الصين بإغلاق مصانعها، مما أثر بالسلب على سلاسل الإمداد العالمية، الأمر الذي قد يدفع شركات عالمية بحلول منتصف مارس إلى إغلاق منشآت التصنيع، وقد تمت الإشارة إلى أن فيروس كورونا قد انتشر في أكثر من 100 دولة حتى الآن، مما يجعل التأثير على سلاسل الإمداد غير واضح المعالم حتى الآن، ويجعل التخطيط للحلول أكثر صعوبة.
وأشار الكتاب إلى تطلع الكثيرين إلى دور الذكاء الاصطناعي في تخفيف حدة أزمة انتشار فيروس كورونا، وايجاد حل يتناسب مع القرن الحادي والعشرين في ظل ترابط العالم على المستويين المادي والرقمي، حيث تم التأكيد على ضرورة تغيير السياسات التي تتبناها الدول لتواكب حركة المواطنين المتزايدة مع كامل التأهب لمواجهة الأوبئة وأخطارها، فالعاملون في مجال الصحة العامة، وإن كانوا يُمثلون العامل الرئيس لمعالجة أزمة الفيروس، إلا انهم لن يتمكنوا من فعل ذلك بمفردهم، حيث يتعين على المجتمع بأكمله مساعدة جهود الحكومات والشركات ومنظمة الصحة العالمية في الحد من تفشي الوباء.
وتمت الإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن الاستفادة من أدواته في مسح المواطنين بسرعة للكشف عن أعراض الفيروس، وكذا استخدامها في كل خطوة من خطوات تطوير اللقاحات وتصنيعها وتسويقها، بالإضافة إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التحليل والكشف عن الاشارات المبكرة للأعراض التي قد تشير إلى وباء جديد محتمل.
وأكد الكتاب على أهمية تكاتف الجميع وإعلاء الجانب الوطني في سبيل مجابهة فيروس كورونا المستجد الذي يواجه العالم، حيث استعرض مقالا تحليليا صادرا عن مؤسسة (Business Insider) والذي أشار إلى أنه من الضرورة أن يدرك كل مواطن أننا نواجه محنة عالمية يكتنفها الغموض، وأفضل استجابة لذلك أن يقوم كل منا بواجبه الوطني، بما يعود عليه وعلى المُجتمع بالخير، حيث يقع على عاتق كل شخص يعيش على سطح هذا الكوكب واجبٌ مدني، يتمثلُ في التفكير في سلامته وسلامة الآخرين، حتى نشعر باليقين بأنا نؤدي كل ما في وسعنا للقضاء على هذه المحنة العالمية والحد من تبعاتها، فالسلوكيات التي يتم الترويج لها مثل غسل اليدين باستمرار وعدم الاقتراب من الاخرين لمسافة متر على الأقل نقوم بها لصالح أنفسنا، وسوف تنعكس بالإيجاب على الآخرين أيضاً.