مشاري الذايدي يكتب : فيلم مصرياً سينمائياً عن مرسي والسيسي ومصر
من دون ضجيج كبير، عرفنا أن فيلماً مصرياً سينمائياً سيعرض في مايو (أيار) المقبل يتناول تفاصيل العلاقة بين جماعة الإخوان والجيش المصري، وما بينهما من أحداث ثورتين هزّتا بلاد الكنانة، وكل الأحوال الهائلة التي مرّت بها المحروسة من يناير (كانون الثاني) 2011 حتى يونيو (حزيران) 2013.
الفيلم كان يحمل اسم «أيام الغضب والثورة»، ثم صار يحمل عنوان «سري للغاية»، والأسماء التي صنعته ليست هيّنة، بداية من السيناريست المحترف وحيد حامد، صاحب تحفة مسلسل الجماعة بجزأيه، ورصيد كبير من الأفلام، ولدينا سلسلة نجوم مثل محمود حميدة وأحمد السقا ومحمد رمضان وخالد الصاوي ونبيل الحلفاوي وأحمد رزق وعبد العزيز مخيون. ينتجه رجل الأعمال والإعلام أحمد أبو هشيمة مع كامل أبو ذكري.
شخصيات الرئيس «الحالي» عبد الفتاح السيسي، ومخطِط التمكين الإخواني خيرت الشاطر، ستجسد في الفيلم، كما رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي، وطبعاً الرئيس المعزول محمد مرسي، حائط مبكى الإخوان. هل الوقت مبّكر لأن يعالج فيلم أحداثاً ما زلنا في حرارتها بعد، لم تصبح بعيدة في الماضي، يمكن تناولها ورؤيتها دون أن تغشى أشعتها الساطعة حالياً، في عيون المتأمل؟
ربما… لكن من قال إن الحدث يجب أن يصبر عليه سنين عدداً حتى يتجسد على شكل رواية أو فيلم؟
درجت العادة أن الكتابات المحايثة للأحداث الكبرى يغلب عليها الحرارة والذاتية، ثم تبرد تلك الدوافع متيحة فسحة للدراسات الأكثر تمهلاً وأناة، وهكذا… كلما بعد الزمن عن عين الحدث زادت الموضوعية، وقلّ الانفعال لصالح التأمل الرصين. لكن هذا ليس قانوناً ثابتاً لا مثنوية فيه، فنحن أمام سيل دائم من الكتابات الانفعالية، اليوم، عن حقبة عبد الناصر، مع وضد، رغم مرور نحو نصف قرن على وفاة الرجل، والأمر كذلك في شخصيات مؤثرة مثل «الزعيم» عبد الكريم قاسم ونوري السعيد بالعراق. يحفظ للإبداع المصري، الحق يقال، هذا الثراء بالمكتبة السينمائية والدرامية عن التاريخ السياسي والاجتماعي والفني بمصر، وتجد عشرات الأعمال الفنية عن الشخصيات الكبرى، ليس بالسياسة فقط، بل في الفن والشأن العام، ومثلاً فن السير، كانت مصر سباقة بعمل مسلسلات عن شخصيات مثل طه حسين وجمال الدين الأفغاني.
بينما بقية العرب، خاصة في الجزيرة العربية، لا يوجد لديهم، ليس فقط على صعيد العمل الدرامي والمسرحي – حيث لا سينما حقيقية – روايات إبداعية عن الشخصيات التاريخية، إلا قلة، مثل عمل الروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل عن الشاعر الشهير محمد بن لعبون.
تظل مصر دوماً صاحبة الريادة في هذا المضمار.
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط