وفاة صاحب أشهر صورة على الجبهة خلال حرب أكتوبر في سوهاج
توفى البطل عبدالرحمن أحمد عبدالله القاضي، بمسقط رأسه بمدينة المراغة شمال سوهاج، أمس، وهو أحد أبطال حرب أكتوبر 1973، صاحب أشهر صورة على الجبهة، ويظهر فيها ممسكا بسلاحه باليد اليمنى، رافعا علامة النصر بيده اليسرى، صارخا بأعلى صوته فرحا بعبور قناة السويس وما تحقق من نصر.
و”القاضي” كان يعمل موجه مرحلة ابتدائية بالتربية والتعليم، مُحال على المعاش، وكان أحد أبطال الكتيبة 212 دبابات في الفرقة 19 مشاة، التحق بالتجنيد 4 أكتوبر 1967 بسلاح المدرعات، ثم أنضم للكتيبة 212 الفرقة 19 مشاة، التي كان مقرها الكيلو 16 بطريق “القاهرة – السويس”، حيث عايش حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيد، وله خمسة أبناء: “صفاء وعلي وإيمان وعلياء وزهراء”.
روى “القاضي” في أحاديث صحفية سابقة عن معارك النصر، قائلا: “كنا تقريبا بشكل يومي نتعرض لقصف بالطائرات أو المدفعية أو كلاهما لمدة 16 ساعة، وكان العدو يزيد من شراسة القصف يوم الجمعة من كل أسبوع، يستمر لفترة أطول قد تصل إلى 20 ساعة، ورغم ذلك كنا نمارس حياتنا بشكل عادي، وكنا نغسل ملابسنا وننشرها على الرمال، ونصلى فرادى أو جماعة، نتوضأ أو نتيمم تبعا لما تقتضيه الظروف”.
القاضي كان دوره “جندي اتصالات”، يتولى مسؤولية اتصالات الكتيبة، ومد خطوط الاتصالات اللا سلكية.
وعن يوم العبور، قال: “كنت أتعجب من رسائل اللا سلكي، وتلك المعلومات التى تنقل، رغم أن العدو يتنصت، ولكنى عرفت بعد ذلك أنها كانت من أساليب الخداع، ووصلنا لساعة الصفر وهي الساعة 2 ظهرا، من تخطيط اللواء عبدالغنى الجمسي، الذى كان اسمه يساوى لدينا الحرب”.
وتابع: “لم نعبر نحن إلا بعد إنشاء الكبارى وفتح ثغرات الساتر الترابي، إلا أن المشهد الذى كان يجعل الدموع تنهمر من عيوننا ويجعلنا نتشوق للعبور في هذه اللحظة، مشهد علم مصر المرفوع والمرفرف على الجبهة الشرقية أمامنا، لقد اعتدنا رؤية علم إسرائيل أمامنا طوال السنوات الماضية، ولك أن تتخيل شعورنا حينما أصبح علم مصر، هو المرفوع أمامنا، شعور لا يوصف”.
وتابع: “عبرنا في اليوم التالي لبداية الحرب، صباح 7 أكتوبر، حين عبرنا كان موجود على الضفة الشرقية مراسلين حربيين يرتدون زيا مدنيًا ومعهم كاميرات، لقد تعجبنا من وجودهم قبلنا، وكيف عبروا في أتون الحرب المشتعل، ولقد التقطوا العديد من الصور لنا فور عبورنا، ورصدوا مشاهد فرحتنا بالعبور وتحمسنا لما هو آت من قتال”.
وقال: “تحركنا إلى داخل أرض سيناء الحبيبة، وتوجهنا بدباباتنا الى منطقة تسمى (الجباسات)، و لم نمكث هناك ساعات، إلا وجاءت لنا الأوامر بالتحرك إلى نقطة (عيون موسى) شديدة التحصين، يصل سمك سقفها إلى 9 أمتار، وتعمل أبوابها الحصينة بتحكم كهربائى، وكانت تحتوى حتى على سينما للترفيه عن جنود العد، عندما وصلنا (عيون موسى) وتمركزنا فيها، كنا محافظين على صيامنا رغبة في الموت صائمين، حيث كان كل منا يعتبر نفسه ميتا ما لم يثبت العكس”.
وأضاف: “لقد عبرت كتيبتي في 33 دبابة، ورجعنا 33 دبابة، لقد استشهد من كتيبتي اثنان فقط من الضباط واثنان من الجنود بالإضافة لجندي واحد مفقود”.