fbpx
الرأي

أحمد صبري يكتب : كورونا‎

في السنوات الأخيرة أصبحنا نسمع عن أمراض فيروسية عديدة مثل إنفلونزا الطيور و إنفلونزا الخنازير و سارس و أخرها في ٢٠٢٠ فوجئنا بمرض يسببه فيرس يسمي ( كورونا ) في الصين .
ما هو فيرس ( كورونا ) و كيف إنتشر و ما هي تداعيات انتشاره و ما هي أعراضه و كيفية الوقاية منه و لماذا تظهر الأمراض الفيروسية الوبائية دائما في الصين؟
الفيروس هو ميكروب غير قابل للتكاثر إلا داخل خلية حية و تتكون الفيروسات أساسا من حمض نووي إما DNA أو RNA يحيطه من الخارج غلاف من البروتين.
الفيروسات تعيش ضمن صورتين او مرحلتين .
الصورة الأولي عندما يكون خارج الخلية او بمعني أخر خارج جسم العائل او المضيف الذي يكون أي كائن حي و يسمي الفيروس وقتها جزيء فيروسي .
أما الصورة الثانية فتكون داخل الخلية الحية التي يصيبها الفيروس و وقتها يكتسب الفيروس القدرة علي التكاثر و نسخ نفسه ملايين المرات بل إنه يسيطر علي الخلية الحية سيطرة كاملة .
الفيروسات أصابت الإنسان من ملايين السنين و يقول العلماء أن ١٠% من المحتوي الوراثي للإنسان من أصل فيروسي بمعني ان الفيروسات التي أصابت الإنسان أصبحت أجزاء من المحتوي الوراثي الخاص بها و التي فقدت قدرتها علي التسبب في حدوث المرض داخل جسم الإنسان و من ثم تم توريثها للأجيال المتعاقبة و الكثير من الأمراض في وقتنا الحالي و منها أمراض شائعة سببها الفيروسات مثل الإيدز و الإلتهاب الكبدي الفيروسي و الإنفلونزا و شلل الأطفال و داء الكلب و غيرها .
و بالنسبة لفيروس كورونا الذي جعل الصين تعيش في خالة شبيهة بالأفلام فهو ينتمي إلي فصيلة الفيروسات التاجية و التي إتخذت إسمها منالكلمة اللاتينية ( كورونا ) و التي تعني ( الهالة ) كون الفيروس يتخذ شكل كرة تحيط بها خيوط تشبه هالة الشمس .
و الفيروسات التاجية بشكل عام تهاجم الجهاز التنفسي و القناة الهضمية للثدييات و الطيور و يوجد من أربع إلي خمس سلالات مختلفة من الفيروسات التاجية المعروفة حاليا تصيب البشر أشهرها الفيروس المسئول حاليا عن الإصابة بالإلتهاب الرئوي الحاد ( سارس ) الذي ظهر بالصين و هونج كونج عام ٢٠٠٢ و تسبب في اصابة ٨٠٠٠ شخص و وفاة ٨٠٠ شخص .
و فيروس كورونا المتسبب في متلازمة الشرق الأوسط التنفسية تم إكتشافه لأول مرة في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في سبتمبر عام ٢٠١٢ و في سنة ٢٠١٣ أكدت منظمة الصحة العالمية تشخيص ١٧ حالة عالميا معظمها في دول الخليج العربي توفي منهم ١١ .
و سبب ظهور هذه الفيروسات الجديدة التي يسميها العلماء بالفيروسات المنبثقة نتيجة لتكيفها مع ظروف غير الظروف المعتادة لنموها اي انها تتحور و يحدث لها طفرة و هناك أسباب خاصة بفيروسات كورونا أولها أن معدلات ظهور الطفرات في هذا النوع من الفيروسات عالية جدا لأن إنزيم التكاثر فيها بفتقر لخاصية تصحيح الأخطاء في تسلسل قواعد الDNA أثناء التكاثر .
السبب الثاني يرجع لظاهرة وراثية تغرف بإسم ( معاودة الإرتباط ) حيث يندمج جزء من جين معين مع جزء من جين أخر وقت تكاثر الفيروس و هذا يتسبب في ظهور سلالات جديدة من الفيروس و يكون لها خصائص جديدة بالإضافة إلي وجود عوامل محفزة لظهور سلالة فيروسية جديدة مثل سفر الإنسان إلي مناطق بعيدة مثلا و التجول بين البلدان و نقل المواشي من و إلي البلدان البعيدة و قطع اشجار الغابات و تغير الظروف المناخية .
و الفيروس الذي ظهر في أوروبا و كوريا الجنوبية و اليابان تم إكتشافه لأول مرة في سوق للمنتجات البحرية في مدينة ( وهان) الصينية في ديسمبر ٢٠١٩ و هذا السوق يعتبر مرمز لبيع الفئران و الثعابين و الخفافيش التي يعتقد إنها لها علاقة وثيقة بنقل الفيروس للإنسان .
و مع إرتفاع عدد الإصابات الذي وصل حتي كتابة هذا المقال إلي ٨٣٠ حالة توفي منهم ٢٦ حالة حسب تصريحات و بيانات الحكومة الصينية و التي يشكك في أرقامها بعض الخبراء لإنعدام الشفافية و يقولون أن عدد الإصابات ممكن أن يكون وصل إلي ٤٥٠٠ و الذي يؤكد هذا مساعي الحكومة الصينية الخارقة لبناء مستشفي جديدة خلال ٦ أيام بسعة ١٠٠٠ سرير كما قررت الحكومة الصينية اغلاق و توقيف جميع وسائل النقل الجماعي في المدينة و مع تطور إنتشار الخالة قررت إغلاق المدينة بشكل كامل و أعلن فرض غلق صحي للمدينة يوم الخميس ٢٣ يناير ٢٠٢٠ و منع دخول أو خروج السكان منها و امتد العزل ليشمل أكثر من عشر مدن في محيط مركز ( وهان) .
أعراض المرض شبيهه بأعراض الإنفلونزا مثل الأعراض التفسية و الحمي و السعال و الرشح و ضيق و صعوبة التنفس و في الحالات الأشد إلتهاب رئوي و فشل كلوي و الوفاة .
و المشكلة أن هذا الفيروس ليس له علاج و أقصي ما يمكن أن يفعله الأطباء هي الرعاية الفائقة للمريض و التي تعتبر مفيدة في حالات كثيرة و الخسائر لم تصبح خسائر بشرية فقط و لكن إنتشار المرض تسبب في خسائر كبيرة للإقتصاد الصيني فبعد إكتشاف الفيروس أعلنت مدينة بكين إلغاء الإحتفالات الشعبية برأس السنة القمرية و التي كانت بدايتها يوم الجمعة ٢٤ يناير ٢٠٢٠ و تستمر أسبوع كامل و المفارقة أن هذه السنة الصينية بالذات تسمي عام الفأر و الفأر من الحيوانات المشتبه في نقلهم المرض للإنسان .
و الغي الصينين رحلاتهم السياحية و اغلقت المولات التجارية و دور السينيما و الأسواق و سور الصين العظيم المعلم الأهم للصين و المبيعات الوحيدة في هذا العيد تتمثل في لعبة كمبيوتر تحاكي الإصابة بالفيروس و كانت أيضا الخسائر فادحة لمنتجي الأفلام و التي تم إيقافها جميعا و تعطلت السياحة و ألغيت رحلات السياح و تحولت المدن الصينية حرفيا لمدن أشباح .
كل هذه الخسائر ستصبح بسيطة جدا في حال إنتشار الوباء لمناطق أكبى لأنه بهذا سوف تتعطل حركة التجارة العالمية كون الصين من أهم المنتجين و المصدرين في العالم و مع إعلا منظمة الصحة العالمية أن الوقت مازال مبكرا جدا أن نعتبر الفيروس و باء و تفرض حالة طواريء صحية عامة علي نطاق دولي لإنه مازال ليس هناك دليل علي إنتقال العدوي من إنسان لإنسان إلا في الصين و بدات دول كثيرة تأخذ احتياطتها في جميع منافذها الحدودية مثل الامارات و تركيا و مصر و بدات فحص المسافرين طبيا و بالكاميرات الحرارية و بعض الدول رفضت دخول مسافرين قادمين من الصين إلي أراضيها لإشتباه إصابتهم بالمرض .
الوقاية من المرض تشمل الاهتمام بالنظافة العامة و غسل اليدين بإستمرار و إستخدام الصابون و المطهرات و البعد عن التجمعات و الاماكن المزدحمة و المغلقة و تحنب عادة القبل و الأحضان و تناول الأكل الصحي من مصادر أمنة و تجنب لمس العين و الفم و إستخدام المناديل عند السعال و العطس و التخلص منها و عند الحاجة يحب إستخدام الكمامة الطبية .
و لكن يبقي السؤال الأهم لماذا الفيروسات القاتلة مثل كورونا و سارس و إنفلونزا الطيور و غيرها تنتشر في الصين؟ الحقيقة ان انتشار اي وباء يعتمد علي عدة عوامل منها شدة المرض الذي يسببه الفيروس و سهولة إنتقاله و إنتشاره بين البشر و الذي يعتمد علي الكثافة السكانية المرتفعة و التي تتميز بها الصين و التطور السريع خاصة تطور وسائل النقل الجماعي و بالتالي سهل جدا انتشاره مع حركة المسافرين و البضائع و كلنا نعلم وضع الصين كأكبر مركز إقتصادي عالمي و يشهد حركة كبيرة جدا لنقل المسافرين و البضائع ناهيك عن عادات الأكل الغريبة للصينين و العلماء يربطوا بين هذا المرض و طبق شوربة الخفافيش التي يتناولها الصينين حيث ان الوطواط حامل لهذا الفيروس المميت و يجب أن نعلم ان الصين ليست الوحيدة التي ظهرت بها فيروسات وبائية حيث ظهر مثلا فيروس ( زيكا) بأمريكا الجنوبية و (ايبولا) في أفريقيا و الانفلونزا الاسبانية بأوروبا.
و نسأل الله سبحانه و تعالي ان يعافينا و يعافيكم .
أما بالنسبة لمواجهة مصر للفيروس و تصريحات السيدة وزيرة الصحة المصرية عن مواجهة هذا الوباء الذي مازال العالم لا يعرف علاج له و يخاف منه إلا معاليها و خطتها الحكيمة المتفردة لمواجهته و رسائل تطمين المواطنين و……….لا تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى