إثيوبيا تلعب بالنار
بقلم الكاتب الصحفي
صبري الديب
أقل من 90 يوما فقط تفصل “إثيوبيا” عن بدء الدفع ب 4.9 مليار متر مكعب من مياة نهر النيل، في خزان “سد النهضة” بعد أن انتهت من تشيد نحو 72.4% من انشاءاته، غير مبالية بالموقف المصري، أو مصير المفاوضات، أو حتى موقف الوسطاء الدوليين، فهل سيكون لمصر رأى مغاير خلال الأيام القادمة؟.
اثيوبيا استغلت انشغال العالم بأثرة في أزمة “كورونا” وسارعت من وتيرة العمل في بناء السد، وبدأت في حملة دبلوماسية للتصعيد ضد الموقف المصري، وأعلنت “أديس أبابا” على لسان رئيس وزرائها “آبي أحمد” منذ أيام، عزمها البدء في ملء الخزان الكبير بسد النهضة، مع بداية موسم الأمطار في يوليو القادم.
في الوقت الذي بدأ فيه أعضاء فريق التفاوض الإثيوبى في ملف السد، في شن حرب اعلامية شعواء ضد مصر، وتحريض دول منابع النيل عليها، وصلت إلى حد اتهام مصر بالسعي لإحياء رغبتها الاستعمارية القديمة، ووضع دول المنبع تحت إرادتها، وتغيير هدف المفاوضات لإعادة إحياء اتفاقية عام 1959.
وإدعى فريق التفاوض الإثيوبى، انه لا سبيل للخلاص من الاطماع المصرية، سوي بالتعاون بين دول حوض النيل، وفرض موقف سياسي موحد ضد القاهرة، يقضي إلى تقاسم وتوزيع حصص المياة بشكل عادل، وعدم القبول بالأجندة المصرية الرامية للتخفيف من آثار الجفاف على حساب أوجاع إثيوبيا، وتقاسم المياه على عكس اتفاقية الإطار التعاوني.
كما اعتبر الفريق الإثيوبى اتفاقية 1959 غير مقبولة، لأنها تترك إثيوبيا بحصة صفرية من المياه على نهر النيل، وأن مصر تريد الحفاظ على حق إستخدام المياه الحالي، وفرض الاتفاقية بشكل استعماري.
الغريب أن التصعيد الإثيوبى ضد مصر، والذي يعد بمثابة “اللعب بالنار” جاء مواكبا لتصريحات خطيرة، ادلي بها خبير السدود المائية السوداني، وعضو اللجنة الدولية لتقييم سد النهضة، المهندس “دياب حسين دياب” كشف خلالها ولأول مرة، أن السد أقيم دون وجود دراسات للآثار الجانبية المترتبه عن انشائه، وأن اللجنة الدولية التي كانت مهمتها الأولى تقييم تلك الدراسات، لم تجد دراسات لتقيمها، َوانه على مدار السنوات الماضية لم تقم إثيوبيا بتلك الدراسات، مما يهدد أمن السد، وأمن كلا من مصر والسودان.
وأكد الخبير السوداني، أن إثيوبيا اتبعت في بناء السد، التعاقد بنظام “تسليم مفتاح” مما جعلها لا تقوم بالدراسات المطلوبة، واكتفاء بإلقاء المسؤولية على المقاول، مما دفع اللجنة الدولية إلى تكليف لجنة جانبية لمراجعة الأساسات والحفر، كشفت عن وجود قصور في ترسيب الصخور والحشو في “السد الرئيسي، في حين وجد أن الاساسات غير ثابتة” والصخور هشة وبها كهوف غير معروفة المدى، ويجب ازالتها في “السد المساعد”.
وكشف الخبير السوداني، عن وجود إختلاف بين الخبراء حول وجود فوالق في منطقة إقامة السد، لا يمكن حسمها سوي بعمل مسح مائي، وهو ما لم تقم به إثيوبيا، في الوقت الذي لا يستبعد فريق من العلماء، وجود فوالق داخل البحيرة على بعد 100 كيلو، مما يعني وجود احتمال كبير بوجود اخطار على السد، وبالتالي على كلا من مصر والسودان.
وشدد الخبير السوداني، على أن التقديرات الإثيوبية لكميات الطمي المنجرفة من الهضبة والتي تقدر بنحو 270 مليون متر مكعب “خاطئة” وقد تضر كثير بمصر والسودان
للأسف هكذا بدا الموقف الإثيوبى خلال الأيام الماضية، وهكذا سيكون الوضع خلال أقل من 90 يوما، عندما يصبح السد “أمرا واقعا” لا يمكن المساس به، مع البدء في تجميع نحو 5 مليارات متر مكعب من المياة بداخله، قد يؤدي قوة انهدارها في حالة انهيار السد، إلى محو دولتي جنوب السودان والسودان ومعهما عدد من المحافظات المصرية من الوجود.