fbpx
الأخبارعربي وعالمي

إيران وقف التعهدات النووية

اوضح عدد من الكتاب والمحللين الإيرانيين ان قرار إيران بوقف بعض تعهداتها النووية وفقًا للاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى العالمية كرد على تعاظم آثار العقوبات الأمريكية على اقتصادها، وأبرز تداعيات هذا القرار على المستوى الداخلى والخارجي لحكومة حسن روحاني.

وتناول الكاتب الإيراني، فرامرز دافر، في مقال نشره موقع ”ايران واير“، اليوم الخميس، يحمل عنوان: ”إيران توقف تنفيذ اثنين من تعهداتها في الأتفاق النووي؛ فما أبرزالتداعيات التي تنتظر إيران جراء هذا القرار على المستوى الدولي؟.

بدأ دافر مقاله بإعادة التذكير بأهم النقاط حول البندين اللذين أعلنت إيران أمس الأربعاء رسميًّا عن وقف العمل بهما في الاتفاق النووي؛ وهما تخصيب اليورانيوم والماء الثقيل واللذان يعتبران أهم العوامل الداخلة في إنتاج وإعداد الأسلحة النووية.

فقدان المشترين

ولفت إلى أن إيران ملزمة وفقًا للاتفاق النووي بحفظ 300 كغم كحد أقصى من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67% داخل أراضيها، فيما تتقيد ببيع ما يزيد عن هذا الكم في الأسواق العالمية، منوهًا بأن روسيا كانت المشتري الرئيس من إيران لمبيعات اليورانيوم المخصب مقابل إرسال مواد خام أولية كأحجار اليورانيوم لطهران.

وأضاف أن إيران تعهدت كذلك أن تحفظ معدل مدخراتها من الماء الثقيل (وهي مادة تُعنى بتخفيف وتبريد وطأة حرارة المفاعلات النووية) لأقل من 130 طن، فيما تعمل كذلك على بيع ما يزيد عن هذا السقف المحدد.

وكشف أن إيران بعد عدم إيجادها مشتريًا للماء الثقيل الفائض اتفقت مع سلطنة عُمان على تخزين كميات من الماء الثقيل في أحد الموانئ العمانية، بل ووصل الأمر إلى أن الولايات المتحدة أقدمت في خطوة غير مسبوقة في علاقات البلدين منذ أحداث الثورة الإيرانية عام 1979 على شراء 32 طنًّا من الماء الثقيل من إيران خلال ثلاث السنوات والنصف الماضية من عمر الاتفاق النووي الموقع عام 2015.

وأوضح الكاتب الإيراني أن أسباب تحديد هذه النسب والكميات سواء من اليورانيوم المخصب والماء الثقيل لإيران هو عدم السماح لها بإمكانية تصنيع القنبلة النووية والتأكيد على حتمية استخدام هذه المواد بهذه النسب والكميات المحددة في الأغراض السلمية كإنتاج الطاقة الكهربائية وغيرها.

وحول قرار إيران وقف العمل على هذين التعهدين في الاتفاق النووي وتأكيد المسؤولين في طهران  أن هذا القرار لا ينتهك الاتفاق، قال دافر: ”إن أي تقليل بالعمل في مفاد الاتفاق النووي ليُعد انتهاكًا لهذا الاتفاق، أو بعبارة أخرى فإن تقليل إيران لتعهداتها يُشبه انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي ولا يفرق شيئًا عن انتهاك هذا الاتفاق“. على حد تعبيره.

خطوات نحو مجلس الأمن

ونوه إلى أن قرار إيران بوقف العمل بتعهداتها النووية سوف تستقبله الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل رسمي بعد تدوينه في تقرير، حيث ستقوم بتسليمه للدول أعضاء مجلس حكام الوكالة الذرية المؤلف من 35 دولة والتي تُعد الولايات المتحدة عضوًا دائمًا فيه.

وأكد أن مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية سوف يُرسل تقريرًا رسميًّا لمجلس الأمن يفيد بوقف إيران تعهداتها النووية، لافتًا إلى أن هذا التقرير سيخضع لمناقشة دول أعضاء مجلس الأمن في غضون ثلاثة أشهر للبت في تداعياته واتخاذ قرار دولي ردًا على هذه الخطوة من إيران.

وفي مقال تحليلي آخر تناول قرار الحكومة الإيرانية بوقف تعهداتها النووية، رأى الكاتب الإيراني، جمشيد برزغر، في مقاله المنشور على موقع الإذاعة الألمانية في نسختها الفارسية والذي عنوانه: ”فشل الاتفاق النووي لروحاني، نهاية التدبير وبداية اليأس“ أن هذا القرار لن يضع الاتفاق النووي على حافة الانهيار فحسب، بل يعني على المستوى الداخلي نهاية الحقبة التي أعلنت عنها إيران منذ رئاسة حسن روحاني تحت شعار ”الاعتدال، التدبير والأمل“.

وأكد برزغر أن شعارات حكومة روحاني سواء على المستوى الداخلي أو السياسة الخارجية لإيران رغم ما أنتجته من الاتفاق النووي بعد أعوام طويلة من التكهنات وجولات المفاوضات تارة سرية وتارة مباشرة إلا أن هذه الحكومة ناقضت صراحًة ما كانت تدعو له منذ اليوم الأول لها بإعلانها وقف التعهدات النووية بل وزيادة معدل تخصيب اليورانيوم وحفظه داخل الأراضي الإيرانية.

ضغط من أجل اتفاق جديد

أما عن إمهال روحاني الدول الأوروبية 60 يومًا لما سمّاه تعديل مواقفها تجاه تعهداتها في الاتفاق النووي ومساندة طهران في وجه العقوبات الأمريكية، فاعتبر الكاتب الإيراني أن روحاني يأمل من هذا أن يحصل على اتفاق جديد بأن يفرض ضغطًا على الأوروبيين اعتمادًا على أداة التهديد باستئناف تخصيب اليورانيوم وبهدف إيجاد حل يخلصه من العقوبات النفطية والمصرفية الأمريكية المفروضة على بلاده.

وتابع ”بعد ست سنوات من مساعي إلغاء العقوبات الاقتصادية، فإن إيران لم تعان من عقوبات أشد صرامة مما كان في السابق فحسب، بل أنها تشعر بخطر المواجهة العسكرية أكثر من أي وقت مضى“.

التفاوض مع ’الشيطان الأعظم’

وبخصوص مدى إمكانية لجوء إيران إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة كأحد الحلول للخلاص من أزمتها السياسية والاقتصادية غير المسبوقة، اعتبر الكاتب والمحلل الإيراني، علي ايزدي، أن إيران أثبتت طوال الأربعة عقود الماضية (أي منذ تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية) أنها لا تمتلك دبلوماسية صحيحة، ولهذا ليس من المتوقع أن تنجح على طاولة المفاوضات.

ورأى ايزدي في مقاله المنشور على موقع تليفزيون ”إيران إنترناشونال“ تحت عنوان: ”هل تستمر الخصومة أو المصالحة مع أمريكا؟“، أن الاتفاق النووي لم يكن سوى استثناء على إمكانية حصول إيران على تقدم في ملف المفاوضات مع القوى العالمية، بل أن هذا الاتفاق فشل بعد مرور أقل من أربع سنوات على توقيعه أي ما يعادل ربع ما استغرقه من مفاوضات ومباحثات منذ عام 2003.

وبيّن ايزدي، أن الجمهورية الإسلامية تقع الآن تحت وقع تهديدات غير مسبوقة من قبيل استمرارية شرعية نظامها وقبوله على الساحة، والأزمة الاقتصادية الجدية التي تعانيها الآن نتيجة العقوبات الأمريكية خاصًة بعد إلغاء إعفاء الستة أشهر لشراء النفط الإيراني فضلًا عن حظر قوات الحرس الثوري وإدراجه ضمن المنظمات الإرهابية هو ومؤسساته الاقتصادية.

وعلق الكاتب الإيراني على استشهاده السابق بتعدد الأزمات الاقتصادية والسياسية لإيران قائلًا: ”مع الأخذ في الاعتبار هذا الوضع المتأزم الحالي، فإن الحل الوحيد لبقاء الجمهورية الإسلامية هو التفاوض مع ’الشيطان الأعظم’ (كناية عن وصف مسؤولي النظام الإيراني المتشددين للحكومة الأمريكية)، في حين أنها (إيران) لن تتمكن من تحديد سقف لهذه المفاوضات أو خطوط حمراء، بل أنها ستقبل جزءًا من شروط الأمريكيين كالشروط الاثني عشر التي أعلن عنها وزير الخارجية، مايك بومبيو، بعد أقل من أسبوعين على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي“.

وأعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أمس الأربعاء، تعليق العمل ببعض فقرات وبنود الاتفاق النووي، إذ قال في بيان رسمي ”إن طهران ستبدأ من اليوم تعليق تنفيذ بعض الإجراءات بإطار الاتفاق النووي، فيما لن نتعهد حاليًّا بمراعاة المحددات المرتبطة باحتياطات اليورانيوم المخصب“، ردًّا على عدم قيام الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق بالوقوف بوجه القرارات الأمريكية ضد إيران.

وتأتي خطوة تهديد إيران بوقف تعهداتها النووية في هذا التوقيت تزامنًا مع الذكرى السنوية الأولى لانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي (8 أيار/ مايو 2018)، حيث أكدت واشنطن أن قرار انسحابها جاء بعد ثبوت تورط طهران في مواصلة الأنشطة النووية وخرقها بنود الاتفاق.

بواسطة
نهلة الوزير
زر الذهاب إلى الأعلى