fbpx
دنيا ودين

الإمام الأكبر: الهجرة النبوية كانت تدبيرا إلهيا أسهم في انتشار الإسلام بشكل عجيب

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن الهجرة النبوية الشريفة دائما ما تُعرض في إطار أنها منحة للنبي صلى الله عليه وسلم للتسرية عنه بعدما فقد نصيره في المجتمع المكي وهو عمه أبو طالب ونصيره في البيت وهي السيدة خديجة رضي الله عنها، لكن في الحقيقة فإن الهجرة كانت نقلة إلى مرحلة جديدة أشق وأقسى؛ فالهجرة النبوية كانت نوعا من أنواع التدبير الإلهي العجيب الذي أسهم في انتشار الإسلام بشكل عجيب.
وأضاف فضيلته، خلال حلقة خاصة تذاع اليوم الثلاثاء على الفضائية المصرية بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية، أن النبي صلى الله عليه وسلم نزلت عليه الرسالة وهو في سن الأربعين وهو في المجتمع المكي، ودعوته في السنوات الثلاث الأولى كانت سِرَّية محصورة في  عشيرته الأقربين؛ لإنشاء جماعة مؤمنة تقوم بنشر الدعوة بين الناس بعد ذلك، مبيناً أن هذه السنوات الثلاث تعلمنا كيف نباشر أمورنا الكبرى، حيث لا بد من تكوين نواة تتمحور إلى أن تصبح قادرة على الانتشار خارج نطاق الأسرة، وهذا هو السبب في أن هذه السنوات الثلاث كانت سِرَّية إلى حد بعيد.
وأوضح فضيلة الإمام الأكبر، أن عمر الدعوة الجهرية في مكة بلغ عشر سنوات، لاقى فيها النبي صلى الله عليه وسلم من المعاناة، والاضطهاد، والمقاومة الشديدة ما وصل إلى حدِّ التعذيب، ثم بعد ذلك وصلت إلى ما يشبه اليأس من أن الإسلام لن يثمر ثمرته المرجوة في المجتمع المكي، لافتًا إلى أنَّ العداوة التي لاقاها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانت بسبب أن الإسلام، ممثلًا في جماعة قليلة العدد، واجه العرب كلهم في عقائدهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، وأعرافهم، ومعاملاتهم الاقتصادية، بما يهدم جاهلية المجتمع المكي.
وأشار فضيلته، إلى أن الجماعة القليلة التي استجابت لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم كانت غالبيتهم من الطبقة غير ذات الشأن في المجتمع المكي، أما طبقة الأقوياء والأثرياء فقد رأوا في هذه الدعوة نوعا من الفوضى وقلب نظام المجتمع رأسًا على عقب، لذا لم يكن مستغربا أن يكون موقفهم من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، غاية في السلبية والعناد والمقاومة.
وبيَّن فضيلته أن مقاومة قريش للدين الجديد جرت على مرحلتين؛ في الأولى لجأت قريش إلى المهادنة والإغراء ومطالبة النبي صلى الله عليه وسلم ببعض المعجزات الحسية التي تدلل على نبوته، ثم في المرحلة الثانية انتقلت قريش إلى المواجهة والضغط الشديد على أتباع النبي صلى الله عليه وسلم لدرجة التعذيب، وهنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من أصحابه بالهجرة إلى الحبشة.
واختتم فضيلة الإمام الأكبر حديثه، بأن قريش عندما رأت أن هذا الدين بدأ يتنامى بشكل مطَّرد، وأن مجموعة من أقوياء القرشيين دخلوا في الإسلام مثل عمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب، اجتمعوا وكتبوا فيما بينهم كتابا أو وثيقة نصت على محاصرة  النبي صلى الله عليه وسلم ومعه قومه من بني هاشم ومن بني المطلب في مكان خارج مكة يسمى “شِعب أبي طالب”، موضحاً أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحي إليه بأن حشرة الأرضة أو العُثَّة أكلت تلك الوثيقة ما عدا الجزء المكتوب فيه “بسم الله”، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عمه أبي طالب بهذا الأمر وطلب منه أن يخبر قريشًا بذلك، وعندما تأكدوا من صدق النبي صلى الله عليه وسلم، أصبح الأمر واضحا وكانت حجة علي قريش فلم يسعهم إلا التراجع عن هذا القرار وفك الحصار بعد أن أَمْضَى فيه النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه ثلاث سنوات كاملة.
بواسطة
احمد عبدالوهاب 
زر الذهاب إلى الأعلى