التماسيح النيلية في مرمى الاقتصاد المصري بخبرات فيتنامية
تطلق منتخبات كرة القدم الإفريقية على نفسها أسماء الحيوانات المنتشرة في دولها، فالتوانسة نسور قرطاج، والمغاربة أسود الأطلسي، والبوركينيون أحصنة، والأوغنديون طيور الكركي النادرة، والمصريون تماسيح النيل.
وعلى الرغم من الشهرة الواسعة لتماسيح النيل، وخاصة السابحة ببحيرة ناصر، التي تشتهر بجلدها الغالي وطولها الشديد وقوتها المميتة، إلا أن مصر اكتفت بالمكاسب السياحية الناتجة عن اهتمام بعض الجنسيات برؤية تماسيح النيل، دون تحقيق مردود اقتصادي يليق بالإمكانيات.
السبب في ذلك أن مصر موقعة على اتفاقية السايتس لحماية الحياة البرية، والتي تحظر صيد الحيوانات المُعرضة للانقراض، ولكن أخيرًا نجحت الدول الإفريقية في نقل التماسيح النيلية إلى الملحق “ب” باتفاقية “السايتس”، بدلا من الملحق “أ”، وهذا يعني جواز صيد وبيع التماسيح دون جور، بدلًا من المنع النهائي سابقًا.
ويصل سعر جلد التمساح الواحد بعد الدباغة إلى نحو 2500 دولار، بالإضافة إلى ما بين 50 إلى 70 دولار ثمن لحمه، المحبوب جدًا في جنوب شرق آسيا.
ولكن اتفاقية السايتس لم تكن العائق الوحيد أمام استغلال مصر لثروتها من تماسيح النيل، فهذه التماسيح التي يصل طولها إلى خمسة أمتار وتزن 750 كيلو جراما، هي حيوانات شديدة الشراسة والعدوانية تقتل المربين، كما أن المصريين يحظون بسمعة عالمية سيئة في مجال الصيد الجائر للحيوانات والأسماك.
وفي نفس الوقت فإن التماسيح، هذه الكائنات الشرسة، ضعيفة المناعة، وكثيرًا ما تصاب بالجدري مستحيل العلاج، وتؤدي صراعاتها سويًا إلى تدمير جلدها، ما ينتهي إلى انقضاء الغرض من تربيتها وهو الحصول على جلدها الثمين.
ولكن أثناء زيارة الوفد الرئاسي الفيتنامي إلى مصر حاليًا، قام المسئولون الفيتناميون بعرض تقديم خبراتهم في مجال مزارع التماسيح في مصر.
ولفيتنام، شبه الجزيرة التي يمر بها 39 نهرًا، خبرة كبيرة في كل ما يتعلق باستغلال المسطحات المائية، من مزارع سمكية، وزراعة الأرز بالغمر، ومزارع تربية التماسيح، الأمر الذي يوفر على مصر خطوات كبيرة في هذا الطريق، حيث يمكن الاستفادة من الخبرات الفيتنامية الكبيرة في توفير الأمن المهني للعاملين بمزارع التماسيح، والوقاية والعلاج للتماسيح، والانضباط التشريعي لمنع الصيد الجائر، وقبل كل ذلك فرص تسويقية كبيرة للمنتج المصري من جلود ولحوم التماسيح.
ورغم ضآلة العلاقات الاستثمارية والتجارية بين الدولتين، إلا أن الحكومات الذكية تستطيع الاستفادة من الميزة النسبية للدول الصديقة، بغض النظر عن تاريخ العلاقة، وفيتنام تمتلك ميزة نسبية هائلة لتكون الشريك المثالي لمصر للاستفادة من تماسيحها غير المستغلة.