«الدب الروسي» ومؤشرات وساطة جديدة لحل الأزمة اليمنية
بعد تعليق التمثيل الدبلوماسي في صنعاء..
الديوان – منارة جمال
تواجد “الدب الروسي” في المنطقة العربية أضحى أكثر تأثيرًا في الأزمات التي تمر بها الدول العربية بداية من الأزمة السورية، ونهاية بالأزمة اليمنية، حيث بدأت مؤشرات قوية تؤكد النية الروسية للوساطة في الأزمة اليمنية وما تواجهه من انتهاكات حوثية خاصة في العاصمة صنعاء، بعد أن اغتالت الرئيس اليمني السابق علي عبد صالح حليف الثلاث سنوات والذي انقلب عليهم مؤخرًا، هل قررت روسيا التدخل في تلك الأزمة، بعد أن قررت تعليق تمثيلها الدبلوماسي في صنعاء وانتقالها إلى الرياض منذ ساعات.
ففي خطوة حاسمة اتخذت روسيا قرارا ونفذته في الوقت ذاته حيث أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن موسكو علقت الوجود الدبلوماسي في اليمن وأن أفراد بعثتها غادروا البلاد بسبب الوضع في العاصمة صنعاء، وأعلنت أن السفير الروسي لدى اليمن وبعض الدبلوماسيين سيعملون من الرياض بصورة مؤقتة.
وبهذا القرار، يكون إعلان رسمي من روسيا بالتضامن مع تواجد التحالف العربي في اليمن، وجاء هذا القرار بعد يوم من إعلان روسيا سحب قواتها من سوريا بعد تهدئة الأوضاع وإثباتها فشل التدخل والوساطة الأمريكية في حل الأزمة ، وجاء أيضا بعد يوم من توقيع اتفاق الضبعة في القاهرة خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر أمس، جميع هذه الأحداث المتزامنة تؤكد التواجد الروسي إلى جانب المنطقة العربية ونجاح وساطته في الأزمات.. وما ننتظره الآن كيف ستكون الوساطة الروسية في اليمن بعاد سحب بعثتها الدبلوماسية؟!!.
الحل العسكري مرفوض
وفي محاولة لتسليط الضوء على المواقف الروسية تجاه الأزمة اليمنية، نجد أنها رافضة لأي حل عسكري على الأراضي اليمنية، وجاء ذلك على لسان القائم بأعمال سفارة روسيا الاتحادية أندريه تشرنوفول، نهاية الشهر الماضي، معتبرًا أن الحل للأزمة في اليمن يتمثل في الحل السياسي لإحلال سلام حقيقي يتيح للشعب اليمني الحصول على الاستقرار الذي ينشده.
وفي عرض مؤكد للوساطة، أكد تشرنوفول أن الحل السياسي لن يتم إلا بتجاوب جميع الأطراف مع كافة الأفكار والمقترحات التي تفضي إلى إيقاف الحرب والدخول في تسوية سلمية، مبديًا استعداد روسيا العمل مع مختلف الأطراف اليمنية في تقديم المقترحات الهادفة لإعادة المسار السياسي والتسوية السياسية، مشيرًا إلى الدور الروسي الداعم إلى اليمن في المحافل الدولية لإيقاف الحرب وبدء مفاوضات جادة هدفها السلام والاستقرار.
وكان الترحيب اليمني على هذا العرض كبيرًا، حيث أعرب القائم بأعمال رئيس مجلس الشورى اليمني محمد حسين العيدروس، عن الأمل في تفعيل دور روسيا في سبيل إيقاف العدوان على اليمن وكسر الحصار بما فيه فتح مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، مشيدً بدور روسيا النزيه في المنطقة والتي كان آخرها اللقاء الأخير للرئيس الروسي مع الرئيس السوري، ما يؤكد أن روسيا هي الشريك الفاعل الراعي للحوار والتسامح والاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط.
وكان هذا العرض قبل أيام من اغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على يد الحوثيين، والذي انقلب عليهم مؤخرًا، وعاد إلى شعبه مبديا ندمه على تحالف مع تلك المليشيات، مما زاد الأوضاع سوءا في اليمن بين الانتهاكات والاعتقالات وخاصة في صنعاء، وكأن هذا هو سبب القرار الروسي اليوم بسحب تمثيلها الدبلوماسي في صنعاء.
صنعاء العروبة تنتفض
وفي تساؤل جديد حول هذا القرار الروسي، هل له علاقة بإعلان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قبل أيام عن ترتيبات مكثفة لعملية عسكرية كبرى عنونها “صنعاء العروبة تنتفض”، تستهدف تحرير العاصمة من سيطرة الحوثيين عبر تطويقها من عدة مداخل، خاصة الجنوبي الشرقي من جهة صرواح، والشمالي الشرقي من جهة نهم.
وفي هذا رأى محللون في الشأن اليمني – بحسب موقع المشهد اليمني – أن خطوة سحب البعثة الروسية من صنعاء ترجّح بشكل كبير توافقاً دولياً على ضرورة انطلاق عملية عسكرية يقودها التحالف العربي صوب صنعاء، غير مستبعدين أن تبدأ مقاتلات التحالف في الأيام القادمة بتكثيف تواجدها في أجواء العاصمة، وشن سلسلة غارات متلاحقة على عدد من مواقع الحوثيين بها.
رسائل غير مباشرة
وقام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين” بزيارة مفاجئة إلى سوريا الاثنين، تعد الأولى منذ عام 2011، أمر خلالها القوات الروسية بالانسحاب من سوريا، ليعلن أن مهمة موسكو هناك قد تم إنجازها.
وزيارة بوتين أمس وجهت عدة رسائل غير مباشره للعالم أجمع، أول رسالة عن طريق زيارته المفاجئة ليكون أول رئيس يزور سوريا منذ انطلاق الربيع العربي في مارس 2011، وثاني رسالة كانت بتوجهه إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا مباشرة وليس أي مكان آخر ليؤكد تحديد أهدافه، حيث هنأ العسكريين الروس بنجاح مهمتهم في محاربة الإرهاب بسوريا، وشكرهم على سُلُوك الخدمة.
وكانت الرسالة الثالثة والأهم، هي إعلانه شخصيًا بهذا القرار أمام قواته، والتي تعد دعما لهم وانتصارا سياسيا، بعد الفشل الأمريكي في الوساطة في هذه الأزمة.
وكانت المحطة التالية في أجندة زياراته هي مصر، حيث أنهى بها مرحلة من الجفاف السياسي بعد توتر العلاقات في 2015 إثر سقوط الطائرة الروسية في مصر، وبدأ صفحة جديدة من العلاقات المصرية الروسية، وتم التوقيع على اتفاق محطة الضبعة النووي، ليؤكد بهذا مساعيه لإنهاء كافة التوترات وتحسين الدور الروسي في الشرق الأوسط.
وأخيرًا نتساءل هل هناك علاقة بين القرار الروسي أمس، بسحب قواتها من سوريا، وقرار اليوم سحب دبلوماسييها من اليمن، هل هي مؤشر لبدء مرحلة جديدة من الوساطة خاصة وأن هناك تقارب في العلاقات “الروسية – الإيرانية”.
والآن هل ستتمكن روسيا من العودة إلى الدور الريادي الذي سحبته منها الولايات المتحدة الأمريكية فترة كبيرة من الزمن.. خاصة وأن أمريكا تواجه العزلة السياسية بعد قرارها الأخرق بشأن القدس واعتراف دونالد ترامب بأن القدس عاصمة لدولة الاحتلال وهو القرار المخالف لكافة القوانين الدولية، والذي بموجبه فقدت أمريكا أي دور وساطة في الشرق الأوسط؟!!!.