fbpx
الرأي

الشباب ومشاركتهم في الحياة السياسية والعامة.

الدكتور عادل عامر

أن الاعتراف بالكرامة المتأصلة وبالحقوق المتساوية والثابتة لجميع أفراد الأسرة البشرية هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم. فانه من باب أولى الاعتراف بحق الشباب في المشاركة السياسية وفي المساهمة في اتخاذ القرار السياسي من داخل الأحزاب السياسية بإتاحة الفرصة للشباب للوصول إلى مراكز قيادية داخل الأحزاب السياسية ومن جهة أخرى تشجيع الشباب على المشاركة السياسية من داخل الأحزاب السياسية بسن قوانين الأحزاب السياسية التي تحدد نسبة تمثيلية للشباب في أعلى الهرم القيادي.

فالشباب عموما هم ثروة الشعوب الحقيقية، فهم الحاضر والمستقبل، هم الأمل والطموح لكل تقدم وتنمية أكانت سياسية أم اجتماعية أم اقتصادية أم ثقافية ولذلك يجب صون كرامة الشباب بإعادة الاعتبار لدورهم في المجتمع ومشاركتهم في الحياة السياسية والعامة. مشاركة الشباب السياسية تفتقد الإرادة لتحقيقها تبط قضية تعزيز المشاركة السياسية في مصر بتدعيم قيم ثقافة الديموقراطية والتي تتسم بغلبة الثقافة السياسية المشاركة والتي يتميز فيها المواطنون بدرجة عالية من المشاركة السياسية من خلال قدرتهم على التعبير عن أنفسهم ومصالحهم والمشاركة في صنع القرار

ومن هنا تثور الحاجة الى اهمية ايجاد ثقافة سياسية جديدة تحسم الصراع لصالح قوى المستقبل. وهي ثقافة تقوم فيها مؤسسات التنشئة السياسية بدور أساسي في تعضيد المشاركة السياسية وبما يخلق بيئة مواتية لدعم التطور الديموقراطي في مصر

لذا فإن اندماج الشباب في مسيرة الإصلاح السياسي مهم جداً وضروري في الوقت عينه وذلك لأنه كما ذكرنا فالشباب يشكلون ثروة وطاقة بشرية لكل بلد. والإيمان بقدرة الشباب في المساهمة بالزحف نحو مستقبل زاھر اقتصاديا ومستقر سياسيا يعتبر أساسا للعدالة الاجتماعية. فالمشاركة السياسية للشباب ھي عنصر من عناصر الديمقراطية لذلك يجب خلق فرص وبرامج تھتم بھم. ويتوجب على الأحزاب السياسية الأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن يساھم به الشباب في السياسة.

وتميزت الحركة الطلابية بوصفها جزءً حيوياً من قطاع الشباب بروح المبادرة والانتماء للمسيرة السياسية الوطنية واكتساب التجربة والخبرة بالعمل الاجتماعي، كما تساهم الحركات والتنظيمات الطلابية بتكريس الطابع السياسي الديمقراطي عند فئة الشباب من خلال الانتخابات الدورية التي تجرى لاختيار المجالس الطلابية في الجامعات وندوات التوعية والتثقيف والنقاشات الهادفة لاغناء الفكر على المستوى كافة المستويات.

لكن وبسبب الواقع السياسي الحالي في لبنان بات الشباب في ظل الثقافة السائدة ثقافة الفئوية والحزبية والذاتية وقوداً للاحتقان والتوتر والصراع، بوصفهم ضحايا التقهقر الاقتصادي والتنموي والاستقطاب الحزبي والطائفي والمذهبي الحاد. ولكن إجراء هذا التغيير القانوني بحاجة إلى أن يترافق مع تغير بالثقافة والمفاهيم بحيث يتم إقناع الأحزاب السياسية بأن تضع الأولوية لمشاركة الشباب على رأس قوائمها الانتخابية، وكذلك إجراء تعديلات هيكلية في البنية التنظيمية بحيث تعزز من مشاركة الشباب في المستويات السياسية العليا والمقررة كما من الضروري التفكير بتخفيض سن الترشح للانتخابات النيابية ليصبح 21 عاماً ليتسنى لجيل الشباب أن يتبوأ المراكز القيادية بالمستويات القانونية والسياسية.

إن إعادة صياغة المعادلة عبر تعزيز مكانة الشباب في صناعة القرار تكتسب أهمية خاصة بالمجتمع المصري الذي يتميز بكونه شاباً، الأمر الذي سيساعد عبر قيادة الشباب المساهمة في معالجة العديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية القائمة.

لقد سادت العديد من الشوائب بالفترة السابقة جراء سياسة الفئوية والاستقطابات الحادة وانعكس ذلك على كافة قطاعات المجتمع بما في ذلك قطاع الشباب، وإذا كانت الأجيال غير الشابة انخرطت بحكم قناعاتها أو مصالحها في بنية تنسجم مع الحالة الفئوية السائدة فإنه يعلق على الشباب الكثير لتجاوز ذلك عبر الشروع باستنهاض كافة الطاقات والقدرات وإعادة صياغة المعادلة على أسس جديدة

والتي يجب أن تبدأ باعتماد الثقافة الوطنية والديمقراطية وتلبية الاحتياجات على أساس الحاجة ومبدأ المواطنة المتساوية والمتكافئة وليس على أساس الانتماء السياسي أو الحزبي، وذلك باتجاه إعادة بناء المجتمع على أسس جديدة تعتمد معايير الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير كأحد معايير التنمية الإنسانية المباشرة.

إن مبادرات الشباب باتجاه ضمان حرية الرأي والتعبير والحق بإنشاء الجمعيات وبناء المؤسسات وصيانة مبدأ التعددية السياسية يساعد بالضرورة على ضمان حقوق الشباب على المستوى الخاص لأنه لا يمكن تحقيق أياً من الحقوق في ظل الشرذمة والكبت والانقضاض على المكتسبات الديمقراطية والقانونية والتي تم تحقيقها عبر سني كفاح طويلة.

فعند انتماء الشاب إلى أي حزب عموما، يجد أمامه ترسانة من “المناضلين” والقيادات التاريخية المستحوذة على مقدرات الحزب المادية والمعنوية ينظرون إليه نظرة الشيخ لتلاميذه الصبيان حيث يريدون من الشاب تحفيظه جملا كلاسيكية عفي عليها الزمن ويهيئونه ليخوض نيابة عنهم معاركهم. بينما تلهف روح الشاب إلى قضايا عصره ومشاكل أقرانه وهو الذي يعيش في زمن تطورت فيه وسائل التكنولوجيا تطورا سريعا،

وتغيرت ملامح المجتمعات العربية بفضل تطور وسائل الإنتاج الحديثة وظهور مشاكل وتحديات جديدة أهمها البطالة والأزمات المالية الخانقة والإرهاب والهجرة السرية والمخدرات ومشاكل البيئة والمحيط.

فيجد نفسه في صراع أجيال حامي الوطيس من أجل فرض وجوده ورؤيته صراع يستنزف قدراته النفسية والبدنية. والنتيجة، غياب الشباب كهدف ووسيلة في برامج الأحزاب حيث يقتصر الحديث عنه في المناسبات السياسية كالانتخابات والنظر إليه خزانا انتخابيا وجب تشجيعه فقط على الانتخاب وليس الترشح مثلا من أجل مشهد انتخابي أكثر شرعية. تعتبر الدولة الحديثة صاحبة التأثير الكبير والجوهري على التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويتبلور دورها بدقة عبر منظومة شاملة من القرارات والتشريعات والبرامج والخطط والتدخلات المباشرة وغير المباشرة في مختلف جوانب الحياة العامة، ولعلنا في هذا المجال نميل إلى مفهوم الدولة المدنية التي تحكمها دساتير وقوانين وأنظمة تضمن الحريات الفردية، كما حريات كافة مكونات المجتمع، وهي الدولة التي يشكل دستورها المظلة الأوسع للناس وتمارس تحت كنفها كافة الحريات والفكر بحيث لا تفرض أو تهيمن فئة على أخرى ولا يتغول فيها أحد على الآخر، وهي دولة قانون ومؤسسات يتم فيها تطوير السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية وصولاً إلى نظام من الفصل والتوازن

ويلعب القانون فيها الدور السائد على الجميع بغض النظر عن مكانتهم وأصولهم ونفوذهم ومناصبهم وإمكانياتهم مؤكدين في الوقت ذاته أن الإشارة للدولة المدنية يستوجب إقرانها بالدولة الديمقراطية أيضاً والتي تعني سيادة القانون واحترام الحريات وتداول السلطة والاحتفاء بالتعددية الفكرية والجندرية وبتوفير كافة المساحات للمشاركة الفاعلة لمختلف قطاعات المجتمع وشرائحه. إن ما ورد في هذا المجال من الإشارة إلى مفهوم الدولة النموذج يشكل القاعدة والركيزة الأساسية لقياس مدى توفر البيئة اللازمة للمشاركة الفاعلة في الحياة العامة من قبل كافة قطاعات المجتمع وشرائحه وخاصة الشباب.

وشهدت السياسات العامة تطوراً في العقدين الأخيرين سواء من حيث تعريفها ومداخل صنعها وطرق تحليلها، وهذا ناجم عن التحول الكبير في وظائف الدولة وتعاظمها لأجل تنظيم وتنسيق شؤون المجتمع وخدمة مصالحه ورعايته، وبرغم كل التعقيدات والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية، فقد تغير مفهوم السياسة العامة بحيث أصبحت أكثر تعبيراً عن مصالح واحتياجات أفراد المجتمع وأكثر تجسيداً لمحصلة التفاعل والتكامل والتمازج القائم بين النشاطات المختلفة لكافة اللاعبين الرسميين وغير الرسمين في المجتمع.

زر الذهاب إلى الأعلى