بقلم/ الشيخ رسمي عجلان
عضو الرابطة العالمية لخريجي الأزهر الشريف
رداً على من يتهمون المناهج الأزهرية بالتطرف والارهاب وتطاولهم على شيخ الأزهر فضيلة العلامة الزاهد التقي الورع دكتور أحمد الطيب الذي رزقه الله تعالى نصيباً موفوراً من اسمه ومن لقبه وكان من أسباب التطاول على الأزهر ومناهجه الدراسية وشيخه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر موقفع من العلمانية والحداثة وما بعد الحداثة ودافعه عن هوية مصر الإسلامية وموقفه من الارهاب الإسرائيلي وموقفه من بابا الفاتيكان وتطاوله على الإسلام وموقفه المد الشيعي في المجتمعات السنية وموقفه من الطلاق الشفوي، وهذا كله حفاظ على الهوية المصرية الإسلامية:
والشخصية الأزهرية معتدلة المزاج وسطية التدين لا تمل إلى الإفراط أو إلى التفريط بفضل الله تعالى ثم الأزهر والمناهج الدراسية التي درسوها فيه وهذه هي المناهج الدراسية المفتري عليها:
*** أولاً: الأزهر الشريف كان ولا يزال معبد الأنوار المنيف، حيث أنه للعلوم بيتاً مشيداً وللشريعة ركناً وطيداً، وللوسطية والاعتدال منهجاً فريداً، إذ شرف كل مكان بما يحتويه، وكل إناء ينضح بما فيه، والجامع الأزهر له السبق في شرف العلم والحق، فهو الجامع بين النقل والعقل والبيان، وهو من ضربت من أجله أكباد الإبل والركبان، فهو كعبة العلوم ومنهل الفنون، تخرج منه النبغاء وانتشر في العالم من أبناءه العلماء والأدباء، وبرز منه رجال عظماء وفقهاء، انتهت إليهم الأستاذية في جميع العلوم الشرعية والعربية، فستنار من علمه الأمصار، وشرفت به مصر على جميع الأقطار، ولما لا وهو قلعة العلم والإيمان وحصن للشخصية المصرية المعتدلة السوية المتميزة بالفهم الصحيح لمعنى الوسطية، فليس كل إنسان يحمل هذه الصفة السائدة للأزهرين المتمثلة في الفهم الصحيح للإسلام، فكل من يحاول تشويه الأزهريون يقوم بتسليط الضوء على بعض الشخصيات الذين لا يحملون من الأزهر إلا اسمه، ولم يتأدبوا بآدابه وأهله، ولم يستفيدوا من علم علماءه وشيخه، وهذه حالات فردية، ولكل قاعدة شواذ، فمن يذكر العيوب ويترك المحاسن فقد ظلم، ومن يكتفي بذكر الخلل ولا يرشدنا لطرق العلاج فليس هذا بمصلح ولا يبغي الإصلاح بل يبغي الشوشرة، فالأزهر وضع الركائز الأساسية للإصلاح العام والتي صنعت الشخصية الأزهرية المتميزة بالوسطية والاعتدال في المناهج الدراسية والتربوية (خاصة) وفي الخطاب الديني بوجه (عام).
*** ثانياً المناهج الدراسية الأزهرية المفترى عليها وتتمثل فيما يلي:
(1): تدريس عقيدة أهل السنة (عقيدة السلف الصالح): وهي العقيدة الصافية التي قال عنها (صلى الله عليه وسلم): (ما أنا عليه وأصحابي)، وهي التي لم يدخلها شوائب ولا تشويش الشيعة أو المعتزلة أو القدرية أو المعطلة والمشبهة وغيرهم من الفرق المخطئة فكرياً وعقائدياً، العقيدة التي لم يصبها إفراط ولا تفريط، فلا تغالي في المعتقد فترفعه عن قدره ولا تتهاون به فتبخسه حقه، إن عقيدة أهل السنة قعد لها الأئمة في التصنيف والتأليف كالعقيدة الأشعرية لأبي الحسن الأشعري، والوسطية لابن تيمية، والطحاوية لأبي جعفر الطحاوي، وهم من أئمة أهل السنة في عصرهم وإن اختلفوا مع غيرهم من الأئمة في بعض الفروع أو تأويل بعض الصفات، وهي تدرس كلها بالأزهر الشريف وتأثر بها الطلاب والعوام سواء، ومعلوم أن بدأ تدريس العقيدة السنية في الأزهر على يد الناصر صلاح الدين الأيوبي عندما أغلق الأزهر لمدة سبعة سنوات لوقف نشر وتدريس العقيدة الشيعية الإمامية في الديار المصرية، وأنشأ المدارس بجوار الجامع الأزهر لتدريس العقيدة السنية واستجلب علماء أهل السنة من الديار الشامية للتدريس بالأزهر وألف كتاب في عقيدة أهل السنة ليدرس للطلاب، ثم فتح الجامع الأزهر بعد ذلك عندما رسخ تدريس عقيدة أهل السنة ومذهبهم الأربعة، وكل من درس بالأزهر لا ينسى أبداً القصيدة المعروفة بقصيدة (العقيدة الصلاحية) التي نظمها صلاح الدين الأيوبي (رحمه الله) والتي كانت تقرأ في الأسواق وفي المساجد وفي الجامع الأزهر على الطلاب والحضور، وما في هذه القصيدة الصلاحية هو ما يحتويه مناهج العقيدة السنية التي تدرس لطلاب الأزهر الشريف من يومها حتى الآن، وهو ما يقرب من تسعمائة عام وسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
(2): تدريس فقه أهل السنة (المذاهب الفقهية الأربعة): الأزهر الشريف له السبق في تدريس الفقه على المذاهب الأربعة (أبو حنيفة ومالك والشافعي والحنبلي)، فجمع بين مذهب أهل الرأي والعقل والنص والمناظرة والاجتهاد والتأويل الذي لا تخالف أصل في الدين أو فعل لأصحاب سيد المرسلين، وهم من أكابر أئمة أهل السنة والجماعة عقيدة وفقهاً وفتوى، إن تبنى تدريس هذه المذاهب الفقهية السنية الأربعة بالأزهر والاعتماد عليها دليل قطعي على أن الأزهر سني العقيدة والهوى وأنه يتبع منهج أهل السنة في الأصول والفروع، كما أنه أسس دار الإفتاء على مذهب أهل السنة والجماعة، وأن الفتوى منوطة بكبار العلماء العاملين بدار الإفتاء، ولذا لم تتعرض البلاد لفوضى الإفتاء الذي نشاهده الآن، لأن المرجعية كانت ثابتة عند علماء الفتوى، وهي مدارس أهل السنة الفقهية وليست التوجهات الفكرية والعصبية والحزبية والمذهبية.
(3): التربية الروحية (الزهد): ونعني بالتربية الروحية هنا بتزكية النفس وتنقية الروح والترقي بها من الجانب المادي إلى الجانب الروحي، أي تهذيب النفس من شره الدنيا والجمع لها بين الحسنيين كما قال الله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص:77)، وهذا هو منهج الوسطية والاعتدال كما قال علي بن أبي طالب: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، وعمل لآخرتك كأنك تموت غداً)، وهذه الركائز الثلاثة هي التي كونت الشخصية الأزهرية الصحيحة والتي تصح أن تنتسب إلى الأزهر الشريف نسبة حقيقية منهجية وتربوية، أما من كان من خريجي الأزهر الشريف ولكن هواه حزبي أو له توجهات مخالفة لمنهج الوسطية والاعتدال فلا يعبر عن الأزهر بأي حال من الأحوال، ولو كان ممن يرتدي اللباس الأزهري أو حتى يعمل بالأزهر، وإننا نتعشم في شيخنا الطيب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أن يعمل على توحيد صف الأزهر أفراداً وفكراً وتنقية المناهج الدراسية مما علق بها من بعض الشوائب، وتقويم بعض نقاط الضعف التي علقة بها، لمواجهة من يقولون أن الأزهر على منهج غير رشيد في العقائد والأحكام والسلوك والتربية،
(4): مواقف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب للحفاظ على الهوية المصرية:
1- من المواقف المشرفة للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر دفاعه عن هوية مصر الإسلامية: لقد أكد الدكتور أحمد الطيب أن مصر دولة إسلامية بشهادة الواقع وبنص الدستور، مؤكداً أن طبيعة الدولة الإسلامية هي طبيعة مدنية وليست طائفية على النحو الذي عرفته أوربا في القرون الوسطى، وقال: (أن كون مصر دولة إسلامية لا يعني أي إهدار لحقوق الطوائف والديانات الأخرى، بل الإسلام مَعنِي بالدفاع عن تلك الحقوق للآخرين، وحفظ أنفسهم وممتلكاتهم وحماية دور عبادتهم بموجب أحكام القرآن الكريم ذاته، وبنفس القدر الذي نحمي به مساجدنا)، وقال في معرض إجابته على سؤال عن النص الدستوري الذي يثير البعض حوله الجدل من أن مصر دولة إسلامية: (طبعاً دولة إسلامية، وهل هي غير ذلك، وإذا لم تكن مصر إسلامية فماذا تسميها، ويجب أن تفرق بين الدولة الإسلامية المدنية وبين الدولة الدينية الثيوقراطية التي لا يعرفها تاريخ الإسلام والمسلمين)، وأضاف قائلاً: (هناك دساتير أوربية عديدة تنص على أن المسيحية دين الدولة، والنص الدستوري على أن مصر دولة إسلامية تعبير عن هوية مجتمع، وهوية دولة لها ثقل في المنطقة، والمنطقة منطقة إسلامية)، وأعاد تأكيده بصورة استنكارية رداً على التحرش بإسلامية مصر فقال من جديد مكرراً كلامه: (إذا لم تكن مصر عربية إسلامية فماذا تكون ؟ وماذا يحدث لدورها في العالم العربي والإسلامي؟ إنك إذا أسقطت عن مصر الإسلام والعروبة فكأنك تنزع عنها جلدها وأصلها)، وقال: أن هناك مفكرين وقانونيين أقباط درسوا هذه المسألة وأكدوا على أن الشريعة الإسلامية لا تمثل أي مساس بحقوق الأقليات أو الطوائف الأخرى، وبالتالي فكون مصر دولة إسلامية وتطبيق الشريعة لا يمس أبداً بحقوق إخواننا الأقباط، ثم قال: أنا هنا أكرر ما قاله أحد كبار رجال الدين المسيحي الذي قال: (أنا تحميني الشريعة الإسلامية والأزهر أكثر مما يحميني أي دستور مكتوب)، وأضاف قائلاً: (إن المسلمين في مصر لا يقبلون أن يرجعوا في تنظيم حياتهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية، وإذا أهدرنا أحكام الشريعة فهل تريدونا مثلاً أن نستورد من الغرب أحكام الميراث والزواج والطلاق والعدة وغير ذلك، هذا أُسميه عبثاً بهويتنا، وأحب أن أقول أن كبار رجال القانون من الإخوة الأقباط كانوا مشاركين في صياغة دساتير مصر جميعاً، منذ دستور1923م وحتى الآن، وجميعهم قبلوا النص على أن دين الدولة هو الإسلام)، وأكد الشيخ أحمد الطيب في حواره المهم الذي نشرته مجلة المصور: (أن الأخوة بين المسلمين والأقباط في مصر هي واجب ديني وضرورة حياة، وهي عميقة وراسخة عبر التاريخ والعيش تحت ظل وطن واحد، مشيراً إلى أن الانفعالات والأحداث الطائفية التي تقع هنا أو هناك هي عارضة ومنبعها الجهل، مشيراً إلى أن العلاقات بين القيادات الدينية في الكنيسة والأزهر علاقات طيبة تحفها الأخوة والاحترام المتبادل)( ). مقال للدكتور سليم نجيب رئيس الهيئة القبطية الكندية جريدة الأهرام الجديدة الكندية 20/3/2013م.
2- ومن المواقف المشرفة للشيخ الطيب: تجميد الحوار مع الفاتيكان في 20 يناير 2011 إلى أجل غير مسمى بسبب ما اعتبره تهجماً متكرراً من البابا بنديكت السادس عشر على الإسلام ومطالبته بـحماية المسيحيين في مصر بعد حادث تفجير كنيسة (القديسين) بمدينة الإسكندرية، وقال فضيلة الشيخ أحمد الطيب: أن حماية المسيحيين شأن داخلي تتولاه الحكومات باعتبار المسيحيين مواطنين مثل غيرهم من الطوائف الأخرى، ورفض شيخ الأزهر إعادة العلاقات مع الفاتيكان إلا بعد اعتذار صريح من البابا بنديكيت السادس عشر لمصر الأزهر رسمياً.
3- ومن مواقفه المشرفة: أنه رفض مصافحة شيمون بيريز أو التواجد معه في مكان واحد؛ وقال فضيلة الشيخ أحمد الطيب معلقاً: (بأن مصافحته ستحقق مكسباً لإسرائيل، لأن معنى أن شيخ الأزهر صافح شيمون بيريز رئيس إسرائيل، سيكون ذلك خَصماً من رصيدي، وخَصماً من رصيد الأزهر؛ لأن المصافحة تعني القبول بتطبيع العلاقات، وهو أمر لا أقرّه إلى أن تعيد إسرائيل للفلسطينيين حقوقهم المشروعة كاملة).
4- موقف الشيخ الطيب من المد الشيعي: كان موقف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب للمد الشيعي والتدخل في دول الخليج موقفاً مشرفاً، وقال شيخ الأزهر خلال استقباله السيد علي فضل الله رئيس مؤسسة المبرات الخيرية ببيروت، والوفد المرافق له: (إنه لا يمل من تكرار مطالب الأزهر التي هي مطالب أهل السنة، ويرجو من السيد علي فضل الله أن يبلغها إلى المراجع الدينية في العراق إيران، والتي تتلخص في النقاط التالية: ضرورة حث أصحاب القرار على حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، وعلى رأسها البحرين وسائر دول الخليج، فحسن الجوار هو القاعدة التي يجب أن تسود علاقاتنا جميعا وبخاصة في منطقة الخليج التي يتخذها البعض بابا للتدخل في الشؤون الدول الإسلامية، وإثارة الإحن فيما بينها، ونحن في غنى عن هذه المشكلات كلها، لنتفرغ لمشكلاتنا الحقيقية)، وقد تضمن اللقاء بين شيخ الأزهر والسيد فضل الله طرح الإشكالات التي تعوق مسيرة التفاهم بين السنة والشيعة، وأوضح الشيخ الطيب أن الأزهر الشريف باعتباره القلعة الحصينة لأهل السنة، والمحافظ على ثوابت الأمة من التحريف والتغيير، فإنه لا يكلّ ولا يملّ من تذكير ودعوة المسلمين في كل العالم الإسلامي إلى التمسك بصحيح الاعتقاد في القول والعمل، والمأثور عن أئمة أهل السنة والجماعة على مر العصور والأجيال، واستطرد الشيخ الطيب قائلا: نحن الآن أحوج ما نكون إلى إشاعة ثقافة التسامح، ومكافحة ثقافة الحقد والطعن وسبّ خيار هذه الأمة، وقد آلمني وأحزنني كثيرًا ما نراه في بعض الفضائيات الشيعية المشبوهة التي أُنشئَت من أجل بث الفرقة والنزاع، وإيجاد حالة من البلبلة الفكرية لدى جماهير الأمة، مما يزيد من حالة البلبلة إيغالًا وضراوة. والأزهر قادر بإذن الله أن يتصدى لكل هذه المحاولات البائسة، بنشر الوعي الإسلامي الصحيح، الذي يحفظ للأمة الثقة وعقائدها مبرأة من الحقد والحيف والشطط، وأضاف قائلا: إن الأمر الجلَل الذي يجب التركيز عليه هو مسألة الاختراق الشيعي للبلاد السنية، فمصر مثلاً كانت ولازالت معقلاً لأهل السنة والجماعة، والأزهر يرفض رفضًا قاطعًا هذا الاختراق من الشيعة، ولا نحب لشباب مصر وأهلها أن يتشيَّعوا، وهذا ينطبق على باقي العالم العربي والإسلامي، هذا يهدد وحدة النسيج الوطني والثقافي والاجتماعي في المجتمعات السنية، فتصدير المذهبيات من مجتمع إلى آخر، جهود وأنشطة عَبَثِيَّة ينبغي علينا جميعاً أن ندينها ونوقِفَها( ).مقال بجريدة الرياض بتاريخ 20/4/2013م.
5- كما أكد الشيخ الطيب موقف الأزهر الثابت من قضية التشيع في بلاد أهل السنة، ورفض استخدام ورقة الشيعة في الدول العربية، معتبراً أن الأزهر ليس مؤسسة مصرية بل مؤسسة عربية وإسلامية وعالمية ودوره تاريخي مضى عليه أكثر من ألف وخمسين عاماً فهو الحارس الأمين للأمة واعتدال هذا الدين الكريم، وسيظل كذلك، لأنه يعمل دائما لمصلحة الإسلام والمسلمين، ولفت الدكتور محمد عبد السلام مستشار شيخ الأزهر: إلى أن شيخ الأزهر التقى أيضاً بوفد يمثل مسيحيي دولة الإمارات، الذين أكدوا له أن الأزهر ليس حصناً للمسلمين في العالم العربي، بل هو حصن أيضا للمسيحيين وحقوقهم( ).مقال بجريدة المصري اليوم بتاريخ 29/4/2013م.
6- أما موقف فضيلة الشيخ الطيب وهو يخاطب رئيس إيران أحمدي نجاد فهذا من نفح الطيب: فاستحضر قلبك ولا تغيب: وهذه التحية قالها الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام لمنظمة للإيسيسكو لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة الإسلامية الثاني عشر بالقاهرة: (بيض الله وجهك كما بيضت وجوهنا وأثلج صدرك كما أثلجت صدورنا وانتصرت لأهل السنة جميعاً)، ثم قال: وأنا هنا أود أن أسجل شكري واحترامي واعتزازي لأزهرنا الشريف شيخاً وجامعاً وجامعةً، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، فتحية حب وإجلال لفضيلة الإمام شيخ الأزهر على موقفه الرائد والمشرف – لكل مصري وعربي ومسلم – وهو يخاطب الرئيس الإيراني أحمدي نجاد خلال زيارته له في مقر المشيخة محذراً إياه من المد الشيعي في مصر وفي بلاد أهل السنة والجماعة، وطالبه بعدم تدخل إيران في الشئون الداخلية لبعض الدول العربية وزعزعة الأمن والاستقرار بها كالبحرين وغيرها، وطالبه بالتدخل الفوري لوقف الدماء السورية ووقف تسليحها والخروج بها لبر الأمان، كما طالبه بضرورة إعطاء أهل السنة والجماعة في إيران حقهم الكامل وخاصة أهل إقليم الأهواز كما تنص الشريعة الإسلامية وكافة القوانين والأعراف الدولية، ولم يكتف الشيخ الجليل بذلك بل أسمع رئيس إيران ما لم يكن متوقعه فقال له: (أرجو ألا أكون خارجاً على واجب الضيافة فأقول: إن جل مؤتمرات التقريب كانت تصب كلها في مصلحة الشيعة الإمامية على حساب أهل السنة وعقائد أهل السنة ورموزها، وهذا يفقد هذه المؤتمرات ما نرجوه، وإننا نأسف مما نسمعه دائماً من سب الصحابة وأمهات المؤمنين وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، وإننا نسمع ذلك على مضض إلا أننا نضبط أنفسنا حتى لا نجر الأزهر إلى معركة كلنا في غنى عنها) ثم طالبه باستصدار فتاوى من المراجع الشيعية الكبرى تحرم سب الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وأم المؤمنين عائشة وحفصة رضى الله عنهم حتى يمكن لمسيرة التفاهم أن تنطلق، لقد قال الشيخ الجليل هذا الكلام من باب المصارحة والمكاشفة والشفافية فلا يمكن أن يقام تقارب بين البلدين إلا بعد وضع النقاط على الحروف وعلى أساس من الاحترام المتبادل للمعتقدات الدينية والأخلاقية، ثم يأتي بعد ذلك التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري وغيره، لقد بين وأوضح شيخ الأزهر هوية مصر وشعبها فقال للرئيس الإيراني: (مصر كانت ولازالت معقلاً لأهل السنة والجماعة، ونحن نرفض رفضاً قاطعاً هذا الاختراق الشيعي ولا نحب لشباب مصر وأهلها أن يتشيعوا)، علماً أننا كمصريين نحب أهل البيت والصحابة حباً جماً ولا نفرط ولا نغالي في أحد منهم فكلهم عدول وحبهم قربة إلى رب العالمين، ولا أعلم لماذا تصر إيران مطالبة العالم الإسلامي وبخاصة مصر الانفتاح عليها والنهل من ثقافاتها؟ وفي نفس الوقت تفعل ما يثير الريبة والشك في حسن نواياها، فمثلاً: تنفق ببذخ على طباعة الكتب الشيعية وتوزيعها مجاناً – أو بثمن بخس دراهم معدودات – في مجتمعات أهل السنة، غير الولائم والحفلات الفاخرة والمغرية في أوساط أهل السنة الفقراء، كما أنهم قاموا بإنشاء جامعة في دولة النيجر على غرار جامعة المصطفى بقم – مدينة بإيران – بل قل هي امتداد لها لنشر المذهب الشيعي في النيجر ذات المذهب السني والفقه المالكي، كما أنها اخترقت دولة المغرب السنية المالكية وأصبح بها حسينيات التي يقام فيها الندب والعويل وشق الجيوب ولطم الصدر والخدود على الحسين في يوم عاشوراء، وإن كانت إيران صادقة وتريد التقريب بين مذهب أهل السنة ومذهب الشيعة، فعليها تنفيذ طلبات الإمام الأكبر شيخ الأزهر (حفظه الله)، وكذلك تتوقف عن البعثات الاغرائية لدول إفريقيا واستقطاب أبناءهم – بسبب الفقر والجهل والمرض – لتعليمهم في مدينة قم وتوفر لهم كل سبل الراحة وتغدق عليهم بسخاء مفرط ليعودوا لنشر المذهب الشيعي في إفريقيا السنية المذهب والهوى، وإن كانت إيران صادقة الوعد فلترفع أيديها عن الدول العربية والإسلامية ولتنشر مذهبها الشيعي في بلاد عبدة النار والبقر والأشجار والملحدين والدهرين، كما أنه ليس من الحكمة أن نجلس على مائدة التحاور دون مكاشفة ومصالحة.
هذه بعض المواقف الرائعة لشيخ الأزهر الهمام التقي الورع، ومن المؤسف أن يتعاون المأجورون على طمسها وإخفائها، وإذا كان منهم من يريد أن يطفئ نور الله، فالله متم نوره، ولو كره المغرضون.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل