بقلم د. علاء جراد
لا أتصور أن هناك كائن من الكائنات التي خلقها الله عزوجل يسعى بسرعة الصوت في تدمير نفسه مثلما يسعى الإنسان، حيث يسابق الزمن في الإضرار بنفسه وبالأجيال القادمة، كما لو أن الأمراض والكوارث الطبيعية ليست بكافية حتى يخلق البشر أدوات تدمير بأنفسهم. من أدوات الدمار التي تبيد القيم والأخلاق، والتي باتت كالسرطان الذي يتغلغل الى داخل بيوتنا وكل ركن في حياتنا سرطان الإباحية وانتشار صور الاباحية والانحلال الجنسي بشتى السبل، عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والتي باتت كأنها وسائل دمار القيم الاجتماعية.
موقع “جست وان كليك أواي” وهو منصة جادة وموثقة خاصة بالجوانب الدينية والاخلاقية قام بنشر حقائق صادمة ملخصها أن 25% من عمليات البحث عبر الانترنت هي بحث عن مواد إباحية، وفي كل ثانية يقوم 30,000 شخص بالبحث عن مواد إباحية، متوسط العمر لمن يروا مواد إباحية للمرة الأولى هو 9 سنوات، نعم أطفال عمرهم 9 سنوات يطلعون على مواد جنسية، كما أن 90% من الأطفال ما بين 9 الى 16 سنة قد اطلعوا بالفعل على مواد إباحية، كما انه كل يوم يتم ارسال 2.5 مليار ايميل و5 مليار رسالة نصية تحتوي على مواد اباحية، ومن 20 الى 30% من مشاهدي المواد الاباحية على الانترنت هم من الأطفال، أدت مشاهدة المواد الاباحية لزيادة حالات الخيانة الزوجية بنسبة 300%، كما أن 68% من حالات الطلاق كان أحد الزوجين مدمن مشاهدة المواد الاباحية. الدراسة مركزة على الولايات المتحدة الأمريكية، ولا أدري ان كان هناك دراسات مشابهة في عالمنا العربي، لكننا لسنا بمعزل عن العالم، وما يحدث هناك قد يحدث هنا، فهل يتم مناقشة هذه القضية بطريقة عملية مع وضع التشريعات والاجراءات المناسبة من الناحية التقنية لتقليل فرص وصول تلك المواد المسرطنة لأطفالنا وللجميع، فحتى رجال الدين في الولايات المتحدة يشاهد 30% منهم تلك المواد الهدامة (التقرير متاح اونلاين لمن يرغب في الاطلاع على التفاصيل)، هل نتكاتف جميعاً وباشتراك كافة الأطراف من العلماء والمفكرين والأباء والأطفال لتدارس الأمر والوقوف على طرق العلاج والوقاية الملائمة. إن استعادة القيم الأخلاقية والتشبث بتعاليم الدين والخوف من الله عز وجل هم السبيل للخروج من تلك المآزق التي تمر بها البشرية، ولكن الكلام النظري والخطب الرنانة لا تكفي، لابد من دراسات على أسس علمية ولابد من سن قوانين وإجراءات وأساليب للوقاية. لازال هناك أمل ولكن الوقت يمر، وجيل الآباء الحالي قد يكون آخر الأجيال التي لديها قدر من الحكمة والرصانة والصبر في معالجة الأمور، فالأجيال القادمة لديها أكواماً من المشكلات والتحديات، سواء التحديات الأخلاقية أو حتى تحديات الوجود ذاته، فالكوكب يعاني الأمرين من التغير المناخي وندرة الموارد.
لا أريد أن أعطي صورة قاتمة أو متشائمة ولكن التفاؤل فقط ليس هو الحل، نعم التفاؤل مطلوب ولكن مقروناً بالعمل الجاد مع استشراف المستقبل وتحدياته والتعامل معها بحكمة وجدية وبطرق علمية فعالة. فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَٰفِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّٰحِمِينَ..