fbpx
الرأي

حسن المنياوي يكتب _ فى العشرين وخمسً

فى العشرين وخمس من عمرك ولكنك قد بغلت من الكبر عتيا أصابك يأس وبؤس وخوف وحيرة وضمور وتكالبت عليك الحياة تخطفك عملًا تسرق منك عمرًا تقطع منك نفس وتنقص منك أجلًا وتزداد من سنك عمرًا، وأنت لا زلت تحلم ولا تزال تقاتل وما زالت تجاهد وتفنى وتتفانى وتعمل وتعمل وتعمل حتى إنك نسيت من أين بدأت وأين أنت.
فى العشرين وخمس ولا زالت تشتاق كثيرًا إلى أمك التى تعيش معك فى نفس المنزل ولا تستطيع أن ترها الا سويعات قد تعود من العمل متاخرًا وهى نائمة وتستيقظ وهى لا زالت تراود ذاكرتها، لقد ولدت قبل عشرين وخمس طفلًا أنا لا اجده ولا أراه ولا أعلم كيف يبدو، وتشدو بفكرها لتقول ولسان حالها يقول الأن بدلت الحياة ملامحه وراكمت الهموم شعرًا كثيفًا على رأسه لتخفى ملامح طفلى، طفلى التى أصبحت رأسه التى كنت أحملها بين قدمى كى ينام رأسًا مُحملة بالشكوى والفكر والخوف.
فى العشرين وخمس ولا زلت تحتاج إلى من يدخل على قلبك الفرح بلعبة لم نستطع أن تمارسها وأنت صغير، أو حتى يشدو بك فى شارع كله زحام يعزف فيه الناس أفراحهم وتتعالى فيه أصوات فرحهم ممزوجة بضحكات فتاة عالية لا ترى غير نفسها فى الشارع.
فى العشرين وخمس وأصبحت نبحث عن حبوب المهدئات والاكتئاب ولا أبالغ أن قلت حبوب الضغط والسكر، لقد حُملت يا صديقى بما حمله العجائز من سنك أبائك والأطفال من سن أحفادهم فأنت خليط لإنسان عمره لا يعرف حياته وسنه لا يسأل عن عمره والكل منهم يعيش فى دوامته حياته العمل وعمره العقل وسنه الفكر.
لا تقسو على رجل يعمل حتى يعمل فيتعب ويبحث عن عمل حتى يعمل فيشقى ويحافظ على عمل فيعمل حتى يمرض، ولا أحد يسأل كم عمر ذلك الفتى ولكن فى الحقيقة أن سالته كم عمرك سيقول لك أنا فى العشرين وخمسَ ولا تسالنى كيف!!

زر الذهاب إلى الأعلى