دكتوره هبة إسماعيل تكتب: السوشيال ميديا و تشكيل الصورة الذهنية بين المهنية و التسرع

في ظل التحوّلات الرقمية المتسارعة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة فعّالة ومؤثرة في تشكيل الصورة الذهنية للمؤسسات والقيادات، سواء بالإيجاب أو السلب. وبينما تحقق بعض الجهات الرسمية نتائج مبهرة من خلال استخدام واعٍ ومدروس لهذه المنصات، تقع جهات أخرى في فخ الاستخدام العشوائي، ما يؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا.
وزارة الداخلية.. نموذج يحتذى في التوظيف الذكي للسوشيال ميديا
برزت وزارة الداخلية كمثال يُحتذى به في الاستخدام الأمثل للسوشيال ميديا. فقد تمكنت من توظيف هذه الوسائل لعرض جهودها الأمنية والخدمية بشفافية ومهنية، ما ساهم في بناء صورة ذهنية إيجابية، وزيادة ثقة المجتمع في أدائها.
هذه الاستراتيجية الإعلامية لم تعتمد على الترويج الفردي، بل ركّزت على العمل المؤسسي وروح الفريق، مما عزز حضور الوزارة في الوعي العام، وأكد قدرتها على التواصل الفعّال مع المواطنين.
في المقابل، برزت بعض القيادات التي استخدمت السوشيال ميديا كمنصة لاستعراض “بطولات” فردية على حساب موظفيها. بدلاً من تمكين الفريق وتحفيزه، اختارت هذه القيادات توجيه النقد العلني، وربما الإهانة، عبر منصات عامة، مما أدى إلى تشويه الصورة الذهنية للمؤسسة وخلق بيئة عمل سلبية وغير صحية.
هذا النمط من الاستخدام لا يكشف فقط عن ضعف في مهارات القيادة، بل يُظهر أيضًا فقرًا في الرؤية الاستراتيجية،
فإبراز الذات عبر التقليل من الآخرين، خاصة أمام الجمهور، يضرّ أكثر مما ينفع.
الصورة الذهنية القوية لا تُبنى من خلال الأنا الفردية، بل عبر تسليط الضوء على الجهود الجماعية والنجاحات المشتركة. فالمؤسسات التي تحترم موظفيها وتقدّر دور كل فرد في الفريق، تنجح في تكوين انطباع إيجابي ومستدام لدى الجمهور.
إن السوشيال ميديا، إذا ما استُخدمت باحترافية، يمكن أن تكون جسرًا للتواصل البنّاء، ووسيلة لتعزيز ثقافة التقدير والتحفيز، بدلاً من أن تكون أداة للانتقاد أو التصغير من شأن العاملين.
على كل قائد أن يتذكّر: كل منشور هو رسالة، إما أن تبني بها صورة مشرّفة، أو تهدم بها جهود مؤسسة بأكملها