fbpx
الرأي

دكتور شريف بهجت يكتب : الطريق الي النهضة ٥ التسامح وتجديد الخطاب الديني

الجزء الثاني الفرق الاسلاميه بين التأويل والاختلاف.

منذ انتهاء عهد الخليفة عمر ابن الخطاب وهو الخليفة العادل الذي كان يخاف الشيطان من فرط عدله ومراقبته لله في جميع افعاله و احواله، بدأت تظهر الفرق الإسلامية وبدا يظهر الاختلاف بين المسلمين .ولو راجعنا سيره هذا الرجل لانتابنا الذهول والإعجاب احيانا والاحساس بالخزي والضالة احيانا اخري .فكيف لرجل واحد ان يجمع بين القوه والعدل والرأفة ومواجهه النفس والاعتراف بالخطأ والخوف من الله في ان واحد . وكيف له أن يكون أول واقوي المجددين في الدين في بدأيه انتشار الإسلام في تعطيل حدود شرعيه في اكثر من موقف وفي ظروف محدده وتأويله لتلك الحدود بما يناسب ظروف مجتمعه ، وهو احرص الناس علي الدين وهو الصحابي الذي نطق القران بكلماته وهو ما يعتبر درسا ومنهاجا تحتاج اليه الامه الان اشد الاحتياج. والخليفة عمر بن الخطاب تولي الحكم بعد الصديق ابو بكر الذي قضي الفترة القصيرة التي تولي فيها الخلافة يحارب المرتدين ويلملم شتات المسلمين بعد وفاه النبي صلي الله عليه وسلم .وينتقل رضي الله عنه بعد توليته عمر بن الخطاب خليفه من بعده وعندما سأله الناس عن سبب اختياره لعمر لخوفهم من شدته ، اعتدل الصديق وكان علي فراش المرض وقال” اذا لقيت الله وسألني سأقول له اني قد استخلفت عليهم خيرهم . ” وتولي عمر ليرسي دعائم دوله طالت قرون من الزمان ويرسم الدواوين ويدخل بلاد الفرس والروم ويطبق عدلا لم يري بعد ذلك وتسير علي دربه الامه الإسلامية كلها حتي الان . ويذهب عمر شهيدا ولا يقبل بتعيين ابنه عبد الله بن عمر من بعده وهو الفقيه المحدث والذي لا يختلف عليه احد ،وانما تركها للشوري والاختيار من بين سته من كبار الصحابة ووضع مده للاختيار فيما بينهم بتحكيم عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمر في هذا الاختيار . ويتولى ذو النوريين عثمان بن عفان الخلافة وقد يختلف البعض في سنوات حكمه وسياسته وانما لا يختلف احد في ورعه وتقواه. كيف؟ وهو الصحابي المبشر بالجنة والذي بذل المال لتقويه الاسلام والمسلمين. وينتهي عهد الخليفة عثمان وتبدأ بوادر الفتنه والفرقة، ويختلف المسلمون بين فريقين .فريق يطالب بدم عثمان بقياده معاوية بن سفيان الذي لا يبايع علي بن ابي طالب ويشترط المبايعة بالقصاص اولا ،وتشتعل الفتنه ويتحارب المسلمين وتظهر الخوارج ويحاربهم علي وتظهر شيعه علي ويستشهد على يد الخوارج ويبدا عهد الامويين ثم العباسيين وتزداد الفرق الإسلامية بدأ وتظهر المعتزلة ثم الأشعرية ولا شك ان الفرقتين من اكثر الفرق المتنورة في الإسلام وكل منهم اجتهد لإعلاء رايته . وجدير بالذكر ان الخلاف بين الفرق الإسلامية لم يكن ابدا في العقائد ولا اصول الدين وانما كانت في امور معظمها غيبيه نقبلها كما وردت بالقران ونسلم بها كما ارادها الله عز وجل ولا يقطع بها احد ،كالاستواء علي العرش والذات الصفات والتي وردت في بعض آيات القران الكريم كقوله جل شأنه في سوره الاعراف” إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ “صدق الله العظيم . وفي سوره الفتح “إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ”صدق الله العظيم . فهل يجب علينا ان نعرف كيفيه الاستواء علي العرش او ان كان لله يد ام تعبير مجازي وهل هذا من اصول الايمان وأركانه .لقد قال الله لينهي كل انواع الاختلاف في ذلك انه ليس كمثله شيء لكي لا يفكر احد او يأخذه خياله فوق ادراكه .وان كان الله قد امرنا بالتدبر في آياته فليس في تلك الامور التي يستحيل علي العقل البشري ادراكها ،وكل اجتهادات المفسرين فيها هي تأويلات ولهم اجرهم فيها بنص القران أيضا، ولكن لا يستطيع احد ان يجزم بتأويله لتلك الآيات وقد قال الله تعالى “في سوره آل عمران ” هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ” صدق الله العظيم . ان تأويل آيات القران المتشابهة هي رحمه من عند الله واتساع ورحابه، فلماذا نضيق نحن علي انفسنا، حتي ان فتنه خلق القران التي اثارها المعتزلة في عهد المأمون اضاعت اكثر مما اكسبت وعمقت الاختلاف بين المسلمين فظهر علم الكلام والأشعرية للرد عليهم وتركنا اصل الدين وتشددنا فيه ولو عملت هذه الفرق والتي تعتبر اكثر فرقتين متنورتين في تاريخ الإسلام علي توضيح الأحكام وتأويل الآيات للتبسيط والتيسير علي الامه دون الخوض في مثل تلك الأمور الغيبية لصلحوا واصلحوا. ثم تظهر القدريه والجهميه والجبريه والمعطله للحديث في والقضاء والقدر والتسيير والتخيير وهو امر لا يحتاج الي اختلاف بين المسلمين، فأن لم يكن الانسان مخير في افعاله فكيف يكون الحساب والجنة والنار. ومن ناحيه اخري ،ان لم يكن الله يعرف الافعال قبل ان تحدث فكيف يكون هو العليم وكيف لعلمه ان يكون ازليا .وكيف أيضا يتحدث بعض الفلاسفة المسلمين في وحده الوجود ونحن مسلمون ونعرف ان الله خالق كل شيء وهو الاول والاخر الظاهر والباطن ثم ما اهميه كل ذلك بجوار اصل العقيدة وهي الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والجنة والنار. لقد ضيع علماء الامه كثير من الوقت في امور لن يتيقنوا منها مهما حاولوا، وليس مطلوب من المسلم البسيط العامي ان يعرف كل تلك الامور كي يكتمل دينه وليس معني ذلك ان يتوقف المسلم المؤهل عن البحث .البحث لزياده العلم وليس للاختلاف السلبي المحرض علي الكراهية والتكفير. وللحديث بقيه ……

دكتور شريف بهجت
دكتوراه إدارة الاعمال – جامعه القاهره

زر الذهاب إلى الأعلى