رجب هلال حميدة يكتب مستقبل الشرق الاوسط في ظل عودة دونالد ترامب
مع عودة دونالد ترامب إلى الساحة السياسية أو حتى التفكير في ذلك، تطرح تساؤلات حول مستقبل الشرق الأوسط في ظل سياسته “الحازمة” والمتأثرة برؤية أنجلوسكسونية وإنجيلية تدعم إسرائيل بشكل مباشر. ترامب، كرجل أعمال يفضل الصفقات السريعة والنتائج الواضحة، قد يتبنى سياسات جديدة تجاه الشرق الأوسط تتميز بتركيز حاد على النفوذ الأمريكي دون إضاعة الكثير من الموارد أو التدخلات غير الضرورية، ولكن مع التركيز على تحالفات إستراتيجية ودعم لإسرائيل يعكس رؤيته العقائدية.
إسرائيل ستظل محور السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط في ظل إدارة ترامب، بل قد تتعزز العلاقة معها بشكل أكبر. فبالنسبة لترامب، إسرائيل ليست فقط حليفًا إستراتيجيًا، بل أداة لتحقيق مشروع يتماشى مع رؤيته الدينية والسياسية حول “إعادة أمريكا إلى عظمتها” وتعزيز قيمها الأنجلوكسونية. قد يسعى ترامب، عبر تحركات مثل تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية أو دعم مشروع بناء الهيكل الثالث، إلى خطوات تتحدى الوضع الراهن، وقد تزيد من تعقيد الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مما يدفع المنطقة إلى مزيد من التصعيد.
يتبنى ترامب فكرة تقليص التدخلات الخارجية الأمريكية المباشرة، خاصة في الشرق الأوسط، ولكن ذلك لا يعني تخليه عن فرض النفوذ. قد يعيد ترامب صياغة التحالفات مع دول المنطقة بناءً على قاعدة “أنت تدفع، نحن نحمي”، مثلما فعل في ولايته الأولى مع بعض الدول الخليجية. ويمكن أن يدفع هذا التوجه دول المنطقة إلى تحمل المزيد من الأعباء المالية والأمنية، الأمر الذي قد يُحدث توازنات جديدة، لكن يحمل معه خطر نشوء صراعات جديدة مع تصاعد التوترات الإقليمية.
تتضمن رؤية ترامب للشرق الأوسط تصورًا حازمًا تجاه إيران. ففي ظل مشروعه للحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، قد يلجأ إلى إعادة العقوبات الاقتصادية والضغوط القصوى، وربما دعم تحركات عسكرية إسرائيلية تستهدف مواقع إيرانية أو حلفائها في سوريا والعراق ولبنان. وقد يهدف ترامب إلى محاصرة النفوذ الإيراني بما يتماشى مع رؤيته الداعمة لإسرائيل، حيث يرى في إيران تهديدًا مباشرًا لنفوذ حلفائه وأمنهم.
يركز ترامب على توسيع نطاق التطبيع بين إسرائيل ودول عربية أخرى، إذ يرى أن هذه الصفقات تعزز الاستقرار الإقليمي وتحجم نفوذ إيران، وتفتح فرصًا اقتصادية هامة في المنطقة. يعكس نهجه، الذي اتبعه سابقًا عبر “اتفاقات أبراهام”، إيمانه بأن “التطبيع” هو بديل عن الحلول الدبلوماسية التقليدية للقضية الفلسطينية، وهو ما قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات الداخلية في المنطقة ورفض العديد من الشعوب لهذه التحالفات الجديدة.
قد يكون لترامب تأثير في تغيير مفهوم الإدارة الأمريكية حول تدخلاتها في الشرق الأوسط، بحيث يصبح التركيز على “إدارة الأزمات” بما يحقق مصالح قصيرة الأمد دون السعي إلى حلول جذرية أو بعيدة المدى. هذا التوجه يعني أن الولايات المتحدة قد تُبقي المنطقة في حالة من التوتر المستمر، ما يخدم رؤيتها للحفاظ على السيطرة دون تكبد تكاليف عسكرية وإنسانية باهظة.
ترامب، الذي ينظر إلى الصين وروسيا كأعداء إستراتيجيين، قد يستخدم الشرق الأوسط كساحة مواجهة غير مباشرة مع هذه القوى. يمكن أن يتخذ قرارات تعزز النفوذ الأمريكي في الدول الحليفة وتحد من التوسع الصيني والروسي، مما قد يؤدي إلى زيادة التوترات الإقليمية وإشعال الصراع على الموارد والنفوذ بين القوى العالمية.
في ظل سياسات ترامب، قد يستمر الشرق الأوسط في التورط بنزاعات ذات طابع إقليمي ودولي، مع غياب استراتيجيات شاملة لإحلال السلام. بالنسبة للشعوب العربية، يعني هذا المزيد من الأزمات التي تستنزف الموارد وتهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي، مع بقاء الصراعات الداخلية وغياب الحلول العادلة للقضايا الحاسمة كالقضية الفلسطينية.
في ظل عودة ترامب، يبدو أن الشرق الأوسط قد يواجه مرحلة جديدة من التصعيد والتحالفات غير التقليدية، مع تصاعد في الصراع بين القوى الإقليمية والدولية. ترامب قد يكون أقل انخراطًا عسكريًا، لكنه سيسعى إلى فرض النفوذ الأمريكي من خلال تعزيز التحالفات وتعزيز نفوذ إسرائيل، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات وزيادة الاحتقان في المنطقة.
لكن هل تمنح الاقدار الإلهيه ترامب عمراً يوازي تحقيق مخططاته، أم يغيبه الموت بالمرض والازمات القلبيه، أم تخطفه أيادي الإغتيال؟!
لكن الحقيقه المطلقه..
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لايعلمون…