دنيا ودين
رمضان شهر القرآن
إن القرآن الكريم أنزله الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر الكريم؛ قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185].
قال ابن كثير: (يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم) ((تفسير القرآن)) لابن كثير (1/501).
ونزول القرآن الكريم كان في ليلة مباركة هي خير من ألف شهر {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} [الدخان:3]، {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3].
تلاوة القرآن الكريم من أفضل العبادات، وأعظم القربات، وأجلّ الطاعات؛ خاصة عندما تكون في شهر رمضان الذي أُنزل فيه والذي فيه تضاعف الحسنات.
الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة:
قراءة القرآن, بالإضافة إلى الصيام فيهما خير كثير؛ حيث إنهما يشفعان للعبد يوم القيامة.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربِّ, منعته الطعام والشهوات بالنَّهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان) رواه أحمد (2/174) (6626)، والطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (3/184)..
الإكثار من قراءة القرآن وتلاوته اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم:
ينبغي على المسلم في هذا الشهر الكريم أن يغتنم أوقاته ويكثر فيه من قراءة القرآن؛ لأن لكثرة القراءة فيه مزية خاصة؛ فقد كان جبريل -عليه السلام- يعارض النَّبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن في رمضان كل سنة مرة، فلما كان العام الذي توفي فيه عارضه مرتين.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان يعرض على النَّبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض..)) وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (5203)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (3882)، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (10/118).
وقد كان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في شهر رمضان, ومن الجود قراءة القرآن, والتزامه, ومدارسته.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كان النَّبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة)) رواه البخاري (4997)، ومسلم (2308).
قال النووي رحمه الله: (وفي هذا الحديث فوائد منها: بيان عظم جوده صلى الله عليه وسلم, ومنها استحباب إكثار الجود في رمضان, ومنها زيادة الجود والخير عند ملاقاة الصالحين, وعقب فراقهم؛ للتأثر بلقائهم, ومنها استحباب مدارسة القرآن) ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (15/69).
وقال ابن حجر رحمه الله: (الحكمة فيه أن مدارسة القرآن تجدد له العهد بمزيد غنى النفس، والغنى سبب الجود) ((فتح الباري)) لابن حجر (1/31).
فخير ما يشغل الصائم به نفسه تلاوة القرآن, وتدبر معانيه؛ تأسياً بالحبيب صلى الله عليه وسلم.