fbpx
الرأي

رندة تقي الدين يكتب : أهمية التعاون النفطي السعودي – الروسي

كانت الثقة مفقودة لسنوات بين السعودية وروسيا على الصعيد النفطي. فماضي «أوبك» يظهر أن روسيا لم تلتزم يوماً التعاون في خفض الإنتاج مع شركائها في المنظمة. حتى انخفضت أسعار النفط إلى 30 و40 دولار، وأدى ذلك إلى إدراك روسي أن التعاون الحقيقي مع السعودية أكبر منتج في أوبك، هو السبيل الوحيد لتحسين العائدات المالية في بلد نفطي ضخم. وقد نشأت علاقة مستجدة بين العملاقين النفطيين أطلقها العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان رئيس المجلس الاقتصادي السعودي، ونفذها وزيرا الطاقة خالد الفالح ووزير الدولة لشؤون الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان.

الزيارة التي قام بها الملك سلمان إلى موسكو حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين في تشرين الأول (أكتوبر) من السنة الماضية، مثلت نقطة انطلاقة جدية لتعاون نفطي واقتصادي، وأدت إلى منع انخفاض أسعار النفط إلى مستويات خطيرة لاقتصاد الدول النفطية. ومنذ ذلك الوقت حرص الفالح الإبقاء على تعاون وثيق مع وزير النفط الروسي ألكسندر نوفاك من أجل الحفاظ على الاستمرار في خفض إنتاج أكبر دولتين منتجتين للنفط في العالم كي يتحسن السعر ويرتفع.

فالآن يبلغ سعر برميل البرنت أكثر من 62 دولاراً، وهناك توجه أعلن عنه الفالح الأسبوع الماضي في الرياض وهو ضرورة الاستمرار في تخفيض الإنتاج طيلة السنة حتى ولو حدث بعض النقص.

فتخفيض الإنتاج الروسي والسعودي والتعاون بين 24 دولة من أوبك وخارجها أدى إلى مضاعفة سعر برميل النفط خلال سنتين. وكان دور بوتين ووزيره نوفاك أساسياً في إقناع عدد من شركات النفط الروسية بعدم الخروج من اتفاق خفض الإنتاج، علماً أن بعض هذه الشركات تخوف من خسارة حصته من أسواق النفط لصالح النفط الأميركي، كما أن البعض في وزارة الاقتصاد الروسية يرى أن ارتفاع أسعار النفط يدفع إلى رفع قيمة العملة الروسية الروبل ما يؤدي إلى تقليص القوة التنافسية الروسية لتصدير باقي السلع كون اقتصاد روسيا ليس معتمداً كلياً على النفط مثل دول أوبك. والملفت أن التاريخ يظهر أن أول بلد أقام علاقة دبلوماسية مع السعودية آنذاك مملكة الحجاز ونجد حتى 1932 كان الاتحاد السوفييتي، لكن بعد 1938 قطعت السعودية علاقاتها مع موسكو حتى عادت العلاقات بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. والآن ينمو التعاون النفطي بين البلدين برغبة استثمارات سعودية في قطاع النفط والغاز في روسيا. وفي نيسان (إبريل) 2017 قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لصحيفة «واشنطن بوست» إن السعودية تنسق سياستها النفطية مع موسكو لإقناع روسيا أن العلاقة مع الرياض رهان أفضل لهم من علاقتهم مع طهران «فالتعاون النفطي بين السعودية وروسيا أسفر عن نتائج كبرى»، خصوصاً أن الأخيرة التزمت للمرة الأولى مع أوبك التزاماً جدياً وفعالاً بتخفيض إنتاجها. ويجمع وزراء أوبك في الأيام الأخيرة في طليعتهم رئيسها وزير النفط الإماراتي سهيل المزروعي وأمينها العام محمد بركندو إلى القول إن الفائض في المخزون العالمي قيد الزوال أسرع مما كان متوقعاً بعد أربع سنوات من استمرار الفائض.

لكن في المقابل تتزايد حفارات آبار النفط في أميركا بشكل سريع جداً، وكذلك الإنتاج الأميركي من النفط مع كل الحوافز التي أعطاها الرئيس دونالد ترامب لاستثمارات الشركات العالمية في أميركا. وأصبحت أميركا مصدرة للنفط وللغاز، وهذا أمر مستجد له تأثير على سوق النفط العالمية، حتى أن الإمارات العربية استوردت أخيراً بعض الكميات من النفط الأميركي.

والسعودية مدركة لتطور عامل النفط الأميركي في الأسواق لذا تنظر أكثر فأكثر إلى أسواق آسيا، وتستثمر في قطاع النفط والتكرير في الصين، إضافة إلى تطلعاتها للاستثمار في روسيا. لكن زيادة النفط الأميركي في شكل سريع خبر غير سار عموماً لمجموعة الدول الـ24 في أوبك وخارجها التي استطاعت تنظيم الأسواق بالتزام صارم بالتخفيض.

نقلا عن صحيفة الحياة

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى