fbpx
الرأي

ريتز كارلتون مصري للقضاء على “الحرامية”

بقلم الكاتب الصحفي
صبري الديب

هل كم الأموال غير المشروعة، والثروات غير الطبيعية، وكم قضايا الفساد غير المسبوقة التي نجحت الرقابة الإدارية في ضبطها خلال السنوات الأخيرة، تحتاج من النظام في مصر، الإقدام على إجراء مماثل لما فعله ولي العهد السعودي، مع عدد من الأمراء وكبار المسئولين بالمملكة في العام قبل الماضي، للقضاء على “أصحاب الأموال المشبوهة ولصوص المال العام” واستعادة أموال الشعب المنهوبة لصالح الدولة؟

ففي نوفمبر من العام قبل الماضي، أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حملة ضخمة لمكافحة الفساد بالمملكة، حول خلالها فندق “ريتز كارلتون” الفخم بالرياض إلى “سجن” كبير، جمع فيه عشرات الأمراء، وكبار المسؤولين، ورجال أعمال بالمملكة، بعد تقارير أكدت تضخم ثرواتهم بشكل كبير، ووجود شبهات تتعلق بعمليات غسيل أموال، وجمع ثروات غير مشروعة، أضرت بالاقتصاد الوطني للبلاد.

وعلى الرغم من معارضة البعض داخل وخارج المملكة للحملة، التي رأى البعض أنها قد تضر بمناخ الاستثمار في المملكة، إلا أنها نجحت في استعادة أموال للخزينة العامة للدولة السعودية، تجاوزت الـ 400 مليار ريـال سعودي “أكثر من 100 مليار دولار أمريكي” تم جمعها بمعرفة لجنة عليا تم تكليفها بالتحقيق في “قضايا الفساد” بعد قبول التسوية مع 87 شخصا، أقروا جميعا بما نسب إليهم، في حين رفضت اللجنة قبول التسوية مع 56 شخصا، وإحالتهم إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيق معهم، لتورطهم في قضايا جنائية أخرى.

أعتقد أن المملكة العربية السعودية، عندما أقدمت على مثل هذه الخطوة، كانت تعي تماما مدى أبعادها، وأنها تستهدف القضاء على فساد، وأموال تم جمعها بشكل غير مشروع على حساب المواطن السعودي، وأنه لا علاقة لها بالاستثمار أو المستثمرين الشرفاء، أو رءوس الأموال الوطنية الشريفة.

الغريب، أن الإجراء السعودي يأتي في بلد يعيش الغالبية العظمى من شعبه في “ترف” في الوقت نصمت نحن على ما يعانيه “فقراء مصر” من كثرة “الأموال المشبوهة وغير الشرعية” التي تراكمت وما زالت تتراكم في أيدي شخصيات مجهولة، ومسئولين لا حيثية ولا كينونة لهم، دخلوا جميعا للمضاربة وغسل أموالهم في كل شيء، مما جعل كل المتطلبات الأساسية للفقراء تباع بأضعاف قيمتها الحقيقية.

وقد ظهر ذلك بشكل واضح على أسعار الأراضي والعقارات في كل أنحاء مصر، حيث لجأ كل هؤلاء إلى غسل أموالهم “غير المشروعة” مما وصل بسعر متر الأرض في مدن مجهولة في الأقاليم إلى ما يزيد على الـ100 ألف جنيه، ووصل في بعض عواصم المحافظات إلى ما يزيد على الـ200 ألف جنيها، وارتفع سعر قيراط الأرض في بعض القرى النائية ليصل إلى أكثر من مليون جنيه، ووصل بسعر الشقق السكنية المتوسطة الحال في المناطق الشعبية في مدن مجهولة إلى أسعار تجاوزت المليون جنيه، في عواصم المحافظات إلى أضعاف هذا الرقم.

وما يدعو للأسف هنا، أن تلك الأموال والثروات المجهولة التي تراكمت بشكل واضح وصريح لدى البعض، تأتي في الوقت الذي أكدت فيه الإحصاء الأخير الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن 27.8 في المائة من سكان مصر -نحو 28 مليون مصري- “فقراء” ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية، وأن نسبة الفقر في مناطق الحضر في الوجه البحرى تصل إلى 9.7 في المائة من نسبة السكان، في حين ترتفع هذه النسبة إلى 19.7 في المائة في المناطق الريفية، وتصل إلى 27.4 في المائة في المناطق الحضرية بالوجه القبلى، وترتفع إلى 57 في المائة من نسبة السكان في المناطق الريفية.

وأكدت ذات الإحصاءات الرسمية، أن 10.8 في المائة من المصريين، نحو “11.8 مليونا” لا يجدون حتى الحد الأدنى من قوت يومهم، ويقبعون في أدنى فئات الإنفاق بين المصريين، حيث لا يتعدى معدل إنفاق أي فرد منهم عن 4 آلاف جنيه سنويا “أقل من 333 جنيها شهريا”.

للأسف، أن “الأموال المشبوهة” في مصر أصبحت بمثابة “كارثة” وأن إهمالها قد يؤدي إلى عواقب أكثر “كارثية” وأن الأمر أصبح في حاجة إلى تدخل سريع من الأجهزة المعنية لإعادة كل هذه الأمور غير الطبيعية إلى وضعها الحقيقي، والقضاء على “حرمية المال العام” وأصحاب “الأموال المشبوهة” حتى وإن تطلب الأمر السير على ذات خطي السعودية، وجمع كل أصحاب المال الحرام في”ريتز كارلتون مصري” لمكافحة الفساد.

زر الذهاب إلى الأعلى