سمر صبرى تكتب: أموات على قيد الحياة

في زحمة الأيام، وبين ضجيج الحياة، تمشي في الشوارع فترى أجسادًا تتحرك، تتحدث، تبتسم أحيانًا… لكنها ميتة من الداخل. لا حلم، لا شغف، لا ملامح حقيقية للحياة. كأن أرواحهم تركت الجسد منذ زمن، ولم يبقَ إلا القالب الخارجي يكرر الروتين كل يوم.
نعم… هناك كثيرون بيننا “أموات على قيد الحياة”.
يمرون بك، وربما يجلسون معك كل يوم، لكنك حين تنظر في أعينهم لا ترى بريق الأمل، لا ترى دفء الأحلام، ولا حتى قلق الطريق. ترى فقط نظرات زجاجية، خاوية، كأنها تنظر من نافذة الحياة ولا تشارك فيها.
الوظيفة التي تسرق العمر
أحدهم يعمل في وظيفة يكرهها، ينهض كل صباح مثقلًا وكأنه يحمل نعشه، يبتسم للمدير مجاملة، ويضحك لزملائه بلا روح. ليس لأنه ضعيف، بل لأنه فقد الشغف، ضيّع الطريق، وانحنى تحت وطأة “اللا خيار”.
العلاقات التي تقتل في صمت
وآخر يعيش في علاقة خالية من الحب، فقط صوت في الخلفية اسمه “الواجب”، لا دفء، لا حديث حقيقي، لا عناق ينقذ القلب من الغرق. يستيقظ ويخلد للنوم كل ليلة بجانب شخص يشعر بالغربة معه أكثر مما يشعر بها مع الغرباء.
أحلام مؤجلة حتى إشعارٍ غير معلوم
وهناك من كان يحلم بأن يكون كاتبًا، فنانًا، مسافرًا يبحث عن روحه، لكنه دفن الحلم تحت ركام “العقلانية”، وتحت شعار “الظروف مش سامحة”. وما إن تمر السنوات، حتى يكتشف أن الظروف لم تكن السبب، بل هو من تنازل عن نفسه بإرادته.
الفرق بين أن تعيش… وأن تُوجد فقط
الحياة ليست مجرد نبض في العروق، ولا وجبة في اليوم، ولا ساعة من الضحك المصطنع مع من لا يفهمك. الحياة أن تشعر، أن تحلم، أن تتألم بصدق، أن تخسر وتنهض، أن تضحك من قلبك وتبكي دون خجل.
أن تكون حيًا يعني أن تمتلك روحًا تقاتل، وقلبًا ينبض لما تحب، ووعيًا يرفض أن يُسجن في قفص “العادي والمقبول”.
أن تكون حيًا… يعني أن ترفض أن تتحول إلى نسخة مستنسخة، تتحرك وتتكلم… لكنها ميتة من الداخل.
الاختيار دائمًا بيدك
نعم، قد نُجبر على ظروف، لكننا لا نُجبر على أن نموت داخليًا. من لا يملك خيار الهروب، يملك دائمًا خيار التغيير.
نحتاج فقط إلى شجاعة. شجاعة أن نقول “لا” لما يقتلنا ببطء، وشجاعة أن نبدأ من جديد، حتى لو كنا نحبو.
وأنت؟
هل أنت حي بحق؟
ولا مجرد جسد بيتحرك في الحياة… ميت من جواه؟
لو حسّيت إن الكلام لمسك… متسكتش. لأن أول خطوة للنجاة، إنك تعترف إنك محتاج تنقذ نفسك.
ومتنساش:
اللي بيعيشوا نص حياة… بيموتوا مرتين.