fbpx
الرأي

سيد العبيدي يكتب..لماذا خرجوا على القذافي؟

 

كان الوضع الاقتصادي السيئ ضمن عوامل كثيرة قامت علي إثرها ثورات الربيع العربي،التي بدأت شرارتها الأولى من تونس وانتقلت سريعاً الي مصر وما إن لبثت حتي وصلت الي ليبيا ثم اليمن وسوريا.

في ذلك التوقيت كان العالم كله مشغول بمناقشة أسباب هذا الحراك الذي يتمدد وينتقل من بلد الي أخر، وخصصت وسائل الإعلام بتوجهاتها المختلفة مساحات واسعة لأستطلاع  اراء الكتاب والصحفيين والسياسيين والأقتصاديين والعسكريين حول تداعيات المشهد القائم آنذاك والذي لم تتعافي منه بعض الدول حتي اليوم.

ودفع المحللين والأكاديميين وأصحاب الرأي بالعديد من التفسيرات المختلفة لكشف الصورة الكاملة عن الأحداث التي أختلطت بين نظرية المؤمراة الخارجية من جهة ،والفساد وزيادة معدلات البطالة والفقر ومصادرة الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير وعلاقة رجل الأمن بالمواطن العادي من جهة ثانية، ليبقي الوضع الأقتصادي هو العامل الرئيسي وراء نزول المحتجين الي الشارع والمطالبة بتغيير الأنظمة الحاكمة.

ووسط كل هذا الزخم المحتدم نتيجة لتطور الأحداث ،برزت بالتزامن مع اندلاع الإحتجاجات الليبية أصوات من جميع بلدان العالم تستنكر وبقوة قيام ثورة في ليبيا،حيث الأختلاف الواضح للوضع الأقتصادي بين تلك الدول وبعضها،ففي تونس ومصر كان الأقتصاد يشهد وقتها تراجع من سيئ الي أسواء بعكس ليبيا التي كان أقتصادها حاضر وبقوة في الشمال الأفريقي حتي أن زعيمها القذافي كان يجوب الدول الأفريقية حاملا لقب ملك ملوكها،هذا فضلا عن كونها بلد صغير من حيث التعداد السكاني مقارنة بالجارتين مصر وتونس ويتمتع شعبها برغد العيش والحياة الكريمة متنقلا بجواز سفرة بين دول العالم دون تأشيرة دخول علي عكس المواطنين في الدول الأخرى .

ليس هذا كل شيء بل كان المواطن الليبي يتلقي تعليمه في أفضل الجامعات الأجنبية اذا مارغب في ذلك وتوفر له الدولة الدعم اللازم،ايضا كانت أموال النفط تقسم على المواطنين والرواتب تصل الي الجمي والسلع الإستراتيجية متوفرة وبأقل الأسعار ،حتي الراغبين في الزواج كانت تتكفل الدولة بتوفير المسكن الملائم لهم، كما لم نشاهد قبل أحداث فبراير مواطنا ليبيا يعمل في أي دولة بالعالم فربما صادفت مواطن ليبي قبل 2011 في أي من الدول ستكتشف ان وجوده سيكون من أجل السياحة أو التعليم أو العلاج لكن لن يكون وجوده نهائيا للعمل.

قبل أن تصل عدوي الثورة الي ليبيا كان هناك قرابة 7 مليون مواطن من مختلف دول العالم يعملون في ليبيا التي فتحت ذراعيها للجميع دون تمييز أو تأشيرة دخول ولم تفرض رسوم علي العمالة المقيمة علي أراضيها،كل هذه كانت دوافع المستنكرين للاحتجاجات الليبية ضد نظام القذافي والتي ظهر عليها طابع المؤمراة من اليوم الأول والتدخل الغربي الفرنسي والبريطاني والأمريكي واستدعاء قوات الناتو التي شنت حرب بلا هواده على الشعب الليبي دون إعطاء فرصة للحل سياسي للخروج من الأزمة.

أن استدعاء أحداث 17 فبراير لعام 2011 اليوم له الكثير من الدلالات خاصة والدولة الليبية مقبلة علي أنتخابات رئاسية وتشريعية تحتاج الي المخلصين من أبناءها للاصطفاف وإنقاذ مايمكن إنقاذه بعد سنوات الدمار والتخبط السياسي والانفلات الأمني وتشريد المواطنين، لماذا لم ينظر الساسة الليبيين الذين يجلسون علي هرم السلطة حولهم ليروا العالم بنظرة أخرى تتغلب المصلحة العامة علي الخاصة وتذهب بصغائر الأمور الي تتطلعات الشعب الذي يعاني وتحقق المصالحة الوطنية وتعود بالدولة الي ريادتها.

سيظل سؤالي حول أسباب خروج الليبيين علي نظام معمر القذافي قائم ولن ينتهي الي أن أجد إجابة شافية ومقنعة لما حدث ويحدث حتي اليوم من دمار وخراب وصراع على سلطة ليست موجودة، ودولة تذهب الي الهاوية بفعل مؤامرة وتقليد أعمي لدول أختلف وضعها الاقتصادي عن الوضع في ليبيا قبل سقوط النظام الجماهيري.

أرى أن فرصة تصحيح خطأ الخروج الغير مبرر علي القذافي متاحة اليوم  في ظل تحركات شعبية واسعة تؤيد خوض الإبن الثاني للعقيد الليبي رئاسة ليبيا وتوليه زمام الأمور باعتباره يمتلك أدوات الحل والتوافق الوطني وإعادة البناء وتصحيح المسار الذي انحرف بفعل الغافلين.

زر الذهاب إلى الأعلى