اليوم.. ذكرى حكم الجنائية العليا بإعدام صدام حسين شنقًا في قضية الدجيل
كتب – محمد عيد:
قررت المحكمة الجنائية المختصة في العراق، تحديد يوم 19 أكتوبر 2005 ، لأولي جلسات المحاكمة، أي بعد 4 ايام من عملية الأقتراع على الدستور العراقي.
قام الإدعاء العام في المحكمة الجنائية المختصة في العراق بتوجيه تهمة قتل 148 شخصا من بلدة الدجيل بعد محاولة اغتيال فاشلة وقعت في 8 يوليو 1982 بتنظيم حزب الدعوة الإسلامية في العراق.
الدجيل هي بلدة صغيرة معظم ساكنيها من الشيعة العراقيين تقع 40 ميلا شمال بغداد ويبلغ عدد ساكنيها حوالي 10،000 نسمة وكانت المدينة تعتبر من أحد مراكز القوة لحزب الدعوة الإسلامية الذي كان حزبا محضورا في الثمانينيات أثناء وقوع عملية الأغتيال الفاشلة. في 8 يوليو 1982 قام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وفي خضم حرب الخليج الأولى بزيارة البلدة وأثناء مرور موكبه بالبلدة تعرض الموكب إلى إطلاقات نارية من قبل اعضاء في حزب الدعوة الإسلامية وتم تبادل لإطلاق النيران بين اعضاء الحزب وحماية صدام.
بعد عملية الأغتيال هذه وحسب افادة الشهود قامت قوات عسكرية وبامر من صدام حسين بعمليات قتل ودهم واعتقال وتفتيش واسعة النطاق في البلدة وقتل واعدم على اثرها 143 من سكان البلدة من بينهم وحسب افادة الشهود اطفال بعمر أقل من 13 سنة وتم حسب نفس الافادات والوثائق التي عرضها الأدعاء العام اعتقال 1،500 من سكان البلدة الذين تم نقلهم إلى سجون العاصمة بغداد، وبعد ذلك إلى معتقل “ليا” في صحراء محافظة المثنى وتعرضوا خلال هذه الفترة حسب شهاداتهم إلى أقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي. بعد ذلك اصدار قرار بتدمير وتجريف ما يقارب 1000 كم مربع من الأراضي الزراعية والبساتين المثمرة الواقعة في البلدة حسب الأدعاء العام. ومن الجدير بالذكر ان الحكومة العراقية قامت بدفع تعويضات شكلية عن البساتين والاراضي الزراعية المتضررة بعد 10 سنوات من هذه الحادثة.
في يوم الأحد الخامس من نوفمبر لعام 2006م حكم على صدام حضورياً في قضية الدجيل بالإعدام شنقاً حتى الموت بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية. وتمت محاكمة صدام حسين وعدد آخر من اعوانه في قضية أخرى هي تخطيط وتنفيذ حملة الانفال التي راح ضحيتها الآلاف من الاكراد.
في مارس 2006، وأمام المحكمة الجنائية العليا، وصف الرئيس العراقي الراحل صدام حسين محاكمته مع سبعة من أعوانه حول اعدام 148 شخصا في بلدة الدجيل عام 1982 بانها «مسرحية ملهاة».
واستهل صدام الذي ارتدى بزة غامقة وقميصا ابيض دون ربطة عنق كالمعتاد، حديثه واصفا المحاكمة في القضية بانها «مسرحية ملهاة لصدام حسين ورفاقه»، وقال بلهجة لا تخلو من التحدي انه « قائد الشعب العراقي ورئيس العراق والقائد الاعلى للقوات المسلحة وما زلت على العهد. انها مسؤولية اخلاقية وشرف وواجب تجاه الشعب والوطن وامتنا المجيدة».
ونفى برزان ابراهيم التكريتي الاخ غير الشقيق لصدام حسين خلال سرد اقواله اي مسؤولية له بحوادث القضية ومجرياتها.
وقال صدام حسين ان «شعبنا لا يغافله القول الزائف» داعيا الى «الوحدة بين المذاهب في العراق (…) لا فرق بين القوميات والاديان المذاهب ولا افرق بين احد منكم في ضميري ولساني الاسلام دين الدولة الرسمي وشعب العراق واحد»، معربًا عن عن «استنكاره» التوتر بين الشيعة والسنة اثر تفجير مرقد الامامين في سامراء.
واضاف صدام ان «نزيف الشعب لم يزده الا تصميما وجهادا لطرد الاجنبي بكل مسمياته (…) هناك جرائم نهب وقتل ابتداء بتفجير (مرقد) الامامين الهادي والعسكري (…) ليتوجهن لشعب ليقاتل الغزو واعوانه بدلا من ان يتقاتل».
وقال «لذا ادعو العراقيين نساء ورجالا الى الاقلاع عن تجريح انفسهم لكي لا يضيع الدرب من القتلة والسارقين اجانب ومحليين ومن فجر المرقدين مجرم وعار مهما كان دينه ولا اكون متطرفا ان قلت ان لا دين له»،الا ان القاضي قاطعه «انت متهم. دافع عن نفسك وهذا الدور انتهى الآن وما تقوله خطبة سياسية ونحن كمحكمة لا دخل لنا في السياسة» الا ان صدام اجابه «لولا السياسة ما الذي يأتي بي وبك الى هنا».
ودار سجال بين القاضي والرئيس العراقي السابق حول حق الاخير في ابداء ما يشاء من آراء. وقال «دعني اكمل ضمن فرصتي واذا كنت منزعجا فاجعلها تهمة اخرى».
وتوجه “صدام” الى العراقيين قائلا «انكم كبار في مواقفكم (…) ابقوا على صفاتكم حتى تذهب الغمة وما هو الا زمن وتبزغ الشمس (…) ما حصل في الايام الاخيرة اساءة بالغة للتراث والدين».
ثم تحدث عن برنامج «النفط مقابل الغذاء» وتحمل الشعب «قساوة» العقوبات الدولية رغم ان «سعر برميل النفط كان 18 دولاراً (…) اما الآن جاء المجرمون تحت ذريعة البحث عن اسحلة الدمار الشامل».
فرد القاضي «هذا صراع بينك وبين اميركا». وتدخل المدعي العام جعفر الموسوي طالبا من «المتهم الدخول في صلب القضية وليس في امور خارجية بعيدة عنها»، ورد صدام حسين «لا يحق لك التدخل وانا اوجه كلامي الى رئيس المحكمة».
وقال القاضي «هذه محكمة وليست فوضى» فاجاب صدام حسين هازئا «نعم انها محكمة، ولولا الاميركان لما استطعت لا انت ولا والدك احضاري الى هنا».
وجرت ملاسنة حادة بينهما قرر القاضي على اثرها تحويل الجلسة الى سرية ومغلقة.
وفي وقت سابق قال التكريتي في سياق الدفاع عن نفسه إن يديه نظيفتان كيدي موسى.
وأظهر التكريتي الذي كان الشعب العراقي يخشى جانبه اثناء حكم صدام ضبطا للنفس غير عادي خلال ادلائه بشهادته قائلا انه كان من حق الرئيس السابق معاقبة 148 شخصا حكم عليهم بالاعدام بعد ان حاولوا فيما يزعم اغتياله في بلدة الدجيل ذات الأغلبية الشيعية.
وتساءل في المحكمة عما اذا كانت هناك حكومة في العالم لا تعاقب المسؤولين عن محاولة اغتيال رئيس الدولة مشيرا الى محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في اديس ابابا في العام 1995م.
وكان صدام ذكر في أول شهادة له في الأول من مارس انه أمر بمحاكمة المتهمين باغتياله لكنه برر الأحكام بأنها قانونية تماما قائلا «أين الجريمة».
كما أقر باصدار امر بازالة مزارع حول الدجيل كان يملكها الذين حاولوا اغتياله.
ويأمل الادعاء ان تكون قضية الدجيل أكثر وضوحا من القضايا الأخرى الأكثر تعقيدا والتي تشمل اتهامات بارتكاب جرائم ابادة حيث يصعب بدرجة أكبر اثبات مسؤولية صدام.
وأعلنت في وقت المحكمة في وقت لاحق تأجيل الجلسات الى الخامس من ابريل المقبل.