fbpx
الرأي

ظاهرة عمل الأطفال بين المسموح والممنوع

كتب : ياسر بدري

ظاهرة عمل الأطفال من أحد الظواهر التي تنتشرفي دول العالم الثالث بشكل كبير، لاسيما مع بداية الأجازة الصيفية بعد انتهاء أطفالنا من الامتحانات، و يتساءل البعض كثيرا هل عمل الأطفال ممنوع بالكلية أم هناك ضوابط و معايير للسماح لبعضها، و في هذه السطور سوف نجيب على كل ما يدور في أذهان حضراتكم بشأن عمل الأطفال.

بداية ما هو السن الذي يُعتبر فيه الإنسان في مرحلة الطفولة؟
طبقا لما عرفته الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل والتى تم التوقيع عليها عام 1989 بأن الطفل هو كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره.
وتعتبر اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل الوسيلة الدولية الأولى الملزمة قانونيا التي تجسد كافة حقوق الطفل الكاملة المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وترعى تطور قدرات الطفل فى جو من الحرية والكرامة والعدالة.

هذا و من الأسباب التي دفعت بالعديد من دول العالم لإبرام هذه الإتفاقية:
 الأطفال ليس لديهم القدرة على حماية أنفسهم من الإساءة والاستغلال .
 الأطفال هم أكثر الفئات تهميشا و لذلك لهم حقوق محددة تم النص عليها و حمايتها. مثل التعليم – الصحة – المشاركة ….. و غيرها من الحقوق.
 يتوقف حصول الأطفال على حقوقهم على رغبة الوالدين او متولي الرعاية اوالحكومة فى حصول ابنائهم على هذه الحقوق و ليس الاطفال انفسهم كاصحاب حق.

هذا و قد نصت المادة ( 19 ) من الاتفاقية على الآتي “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو الإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال، بما فى ذلك الإساءة الجنسية، وهو فى رعاية الوالد (الوالدين) أو الوصي القانوني (الأوصياء القانونيين) عليه، أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته،”

و المقصود بمفهوم حماية الطفل هي التدابير والاجراءات التي يتم اتخاذها للقضاء علي العنف ضد الاطفال واستغلالهم أواهمالهم، ويرتبط هذا التعريف بحقوق الحماية المنصوص عليها فى اتفاقية حقوق الطفل وتتمثل حقوق الحماية فى حق الاطفال فى الحفاظ علي سلامتهم من أي اذى.

و في عام 1999 أي بعد إبرام الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل بعشرة أعوام قامت الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بالتوقيع على اتفاقية بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءت الفورية للقضاء عليها، والتي أخذت رقم 182 لسنة 1999 وبناءا على هذه الإتفاقية فقد دشنت منظمة العمل الدولية برنامجا خاصا للقضاء على عمل الأطفال (ايبك) وبدأت بالإحتفال باليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال في الثاني عشر من شهر يونيو من عام 2002 بغرض تركيز الاهتمام على مدى إنتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، والعمل على بذل الجهود اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة، و من وقتها و أصبح العالم كله فى هذا اليوم سنويا يجمع الحكومات ومؤسسات أرباب العمل والعمال والمجتمع المدني، بالإضافة إلى ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم لإلقاء الضوء على محنة الأطفال العاملين وكيفية مساعدتهم.

وكان القضاء على عمل الأطفال من أبرز الأهداف التي نصبتها منظمة العمل حيث يعمل اليوم، في جميع أنحاء العالم، ما يقارب من 218 مليون طفل، والعديد منهم بوقت كامل، الأمر الذي يمنعهم من الذهاب إلى المدرسة وليس لديهم أي وقت للعب، وكثير منهم لا يتلقون غذاء سليم أو أي نوع من أنواع الرعاية، وبذلك يحرمون من فرصة أن يكونوا أطفالا. ويتعرض أكثر من نصفهم لأسوأ أشكال عمل الأطفال مثل العمل في البيئات الخطرة أو الرق أو غيره من أشكال العمل القسري، والأنشطة غير المشروعة بما في ذلك الاتجار بالمخدرات والبغاء، فضلاً عن المشاركة في النزاعات المسلحة.

وأدى اعتماد منظمة العمل الدولي للاتفاقية رقم 182 إلى تعزيز توافق الآراء العالمي بشأن ضرورة القضاء على عمل الأطفال. كما سمح اعتماد هذه الاتفاقية بتسليط الأضواء على هذا الموضوع على النحو اللازم دون إغفال الهدف الشامل المحدد في الاتفاقية رقم 138 ألا وهو القضاء الفعلي على عمل الأطفال. إضافة إلى ذلك، فإن مفهوم أسوأ أشكال عمل الأطفال يسهم في تحديد الأولويات ويمكن استخدامه كنقطة انطلاق في معالجة مشكلة عمل الأطفال ككل. ويسهم المفهوم أيضا في توجيه الانتباه إلى أثر العمل على الأطفال فضلا عن العمل الذي يؤدونه.

و من خلال ما سبق ذكره من اتفاقيات وقعت عليها مصر، قامت الدولة المصرية تشريعات و قوانين من عباءة هذه الاتفاقيات بغرض تفعيل حماية الأطفال، فبالنسبة للدستور المصري كفل دستور 2014 الحماية الدستورية والقانونية لحقوق الطفل حيث جاء في سياق المادة (80 ) أنه “يحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسي، كما يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر.” و سن التعليم الأساسي هو نهاية المرحلة الإعدادية.

و يأتي حظر عمل الأطفال فى هذا السن بغرض إتاحة الفرصة كاملة لهم للتمتع بالحياة في مثل هذا السن الصغير، و إشباع رغباتهم من العب والمرح و إخراج طاقاتهم الطفولية
هذا و قد حدد القانون المصري للطفل وهو القانون 12 لسنة 1996 و المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 و اللائحة التنفيذية 2075 لسنة 2010 عدد من الضوابط و المعايير لعمل الأطفال، فعلى سبيل لمثال ذكر القانون بأنه :
يحظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم خمس عشرة سنة ميلادية كاملة، و يجوز تدريبهم متى بلغ ثلاث عشرة سنة ميلادية كاملة، بشرط ألا يكون متسرباً من التعليم الأساسي الإلزامي.
يحظر تشغيل الطفل في أى من أنواع الأعمال التى يمكن، بحكم طبيعتها أو ظروف القيام بها، أن تعرض صحة أو سلامة أو أخلاق الطفل للخطر، وفي جميع الأحوال يجب ألا يسبب العمل آلامًا أو أضرارًا بدنية أو نفسية للطفل، أو يحرمه من فرصته في الانتظام في التعليم والترويح وتنمية قدراته ومواهبه.
وقد حدد القانون بعض من الأعمال التي يحظر على الأطفال العمل بها وهي:
لا يجوز تشغيل الأطفال الذين تقل سنهم عن ست عشرة سنة في الأعمال والمهن والصناعات الآتية :
1- العمل أمام الأفران بالمخابز.
2- معامل تكرير البترول.
3- معامل الأسمنت.
4- محلات التبريد.
5- معامل الثلج.
6- صناعة عصير الزيوت بالطرق الميكانيكية.
7- صنع السماد ومعامل الحوامض المعدنية والحاصلات الكيماوية.
8- كبس القطن.
9- معامل تعبئة الاسطوانات بالغازات المضغوطة.
10- عمليات تبييض وصباغة وطبع المنسوجات.
11- حمل الأثقال أو جرها أو دفعها إذا زاد وزنها على الأوزان المذكورة فى الجدول.

كما لا يجوز تشغيل الأطفال الذين تقل سنهم عن سبع عشرة سنة في الأعمال والمهن والصناعات الآتية:
1- العمل تحت سطح الأرض في المناجم والمحاجر وجميع الأعمال المتعلقة باستخراج المعادن والأحجار.
2- العمل في الأفران المعدة لصهر المواد المعدنية أو تكريرها أو إنتاجها.
3- تفضيض المرايا بواسطة الزئبق.
4- صناعة المفرقعات والأعمال المتعلقة بها.
5- إذابة الزجاج وإنضاجه.
6- اللحام بالأكسوجين والأستيلين وبالكهرباء.
7- صنع الكحول والبوظة وكافة المشروبات الروحية.
8- الدهان بمادة الدوكو.
9- معالجة وتهيئة أو اختزان الرماد المحتوى على الرصاص واستخلاص الفضة من الرصاص.
10- صنع القصدير والمركبات المعدنية المحتوية على أكثر من (10%) من الرصاص.
11- صنع أول أكسيد الرصاص “المرتك الذهبي” أو أكسيد الرصاص الأصفر وثاني أكسيد الرصاص “السلقون” وكربونات الرصاص وأكسيد الرصاص البرتقالي وسلفات وكرومات وسيليكات الرصاص.
12- عمليات المزج والعجن في صناعة إصلاح البطارية الكهربائية.
13- تنظيف الورش التي تزاول الأعمال المرقومة 9، 10، 11، 12.
14- إدارة أو مراقبة الماكينات المحركة.
15- تصليح أو تنظيف الماكينات أثناء إدارتها.
16- صنع الإسفلت.
17- العمل في المدابغ.
18- العمل في مستودعات السماد المستخرج من المواد البرازية أو روث البهائم أو العظام أو الدماء.
19- سلخ وتقطيع الحيوانات وسمطها وإذابة شحمها.
20- صناعة الكاوتشوك.
21- نقل الركاب بطريق البر أو السكك الحديدية أو المياة الداخلية
22- شحن وتفريغ البضائع في الأحواض والأرصفة والمواني ومخازن الاستيداع.
23- تستيف بذرة القطن في عنابر السفن.
24- صناعة الفحم من عظام الحيوانات ما عدا عملية فرز العظام قبل حرقها.
25- العمل كمضيفين في الملاهي.
26- العمل في محال بيع أو شرب الخمور “البارات”.
كما أجاز القانون للوزير المختص بالقوى العاملة إضافة أية أعمال أخرى داخل نطاق الحظر إذا رأى عدم ملائمة اشتغال الأطفال بها.
و في حالة ما إذا التحق الطفل بفرصة عمل بعيدة عما تم ذكره من أعمال مخالفة له فعلى جهة العمل الإلتزام بالآتي:
• على صاحب العمل الذي يستخدم أطفالا إجراء الفحص الطبي الابتدائي عليهم قبل التحاقهم بالعمل للتأكد من سلامتهم ولياقتهم الصحية تبعا لنوع العمل الذي يسند إليهم.
• يحظر على صاحب العمل الذي يستخدم طفلا أو أكثر تشغيله أكثر من ست ساعات في اليوم تتخللها فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة لا تقل في مجموعها عن ساعة واحدة، وبحيث لا يشتغل الطفل أكثر من أربع ساعات متصلة.
• ولا يجوز تشغيل الأطفال ساعات عمل إضافية أو في أيام الراحة الأسبوعية أو العطلات الرسمية.
• كما لا يجوز تشغيلهم فيما بين الساعة السابعة مساءً والسابعة صباحاً.
• يجب على كل صاحب عمل يستخدم طفلا دون السادسة عشرة أن يمنحه بطاقة تثبت أنه يعمل لديه وتلصق عليها صورة الطفل وتعتمد من مكتب القوى العاملة وتختم بخاتمه.
كما ألزم القانون ايضا صاحب العمل بتنفيذ ما يلي من أمور وهي:
• يلتزم صاحب العمل بالمعاملة الطيبة للأطفال العاملين لديه بما يحقق التكوين السوي لهم وتوطيد العلاقة بينهم وبين أسرهم، وعدم حرمان الطفل من حقوقه وطموحاته المناسبة لمراحله السنية سواء الترفيهية أو المادية وخاصة في الأعياد والمناسبات.
• كما يلتزم على نفقته بتوفير النظام الطبي الذي يكلف علاج الأطفال العاملين لديه من إصابات العمل وأمراض المهنة.
• يجب على صاحب العمل الذي يستخدم طفلا أو أكثر أن يقدم لكل طفل يوميا وجبة غذائية
• يجب أن تتوافر في المنشأة التي يعمل فيها الأطفال الاشتراطات الصحية المقررة قانونا وخاصة التهوية والإضاءة والمياه النقية ودورات المياه

وعلى الطفل العامل أن يستعمل وسائل الوقاية، وأن ينفذ التعليمات المقررة للمحافظة على صحته ووقايته من حوادث العمل.

أما في حالة مخالفة أيا مما سبق فهناك ثلاثة جهات معنية بالتدخل في ذلك وهم:

• مكاتب القوى العاملة التي تقوم بإجراء المراقبة الدائمة لصاحب العمل للتأكد من التزامه بتشغيل الأطفال في الأعمال والحرف والصناعات التي يجوز فيها التشغيل دون غيرها وبأحكام القانون وهذه اللائحة لساعات العمل المحددة وحسن معاملته لهم وعدم إيذائهم بدنيا ونفسياً، ومراعاة سائر الأحكام المبينة في هذا الفصل.
• خط نجدة الطفل التابع للمجلس القومي للطفولة و الأمومة والتواصل على رقمه 16000
• لجان حماية الطفولة ( العامة و الفرعية ).
وفقني الله و إياكم فيما يحب و يرضى.

زر الذهاب إلى الأعلى