fbpx
الرأي

ظاهرة قتل الأزواج

الشيخ صفوت ابو السعودو

وكيل وزارة الأوقاف بالقليوبية..

((أسبابها، وآثارها والنتائج المترتبة عليها، وكيفية القضاء عليها))
الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:
فمن الظواهر الغريبة على الأسرة المصرية وعادات وتقاليد مجتمعنا المصري ظاهرة (قتل الأزواج) التي تعددت بشكل ملحوظ في الآونة الأخير، فالزوجة المصرية من قديم معروفة بتقديرها لزوجها وطاعتها وخدمتها له، ولأولاده وأفراد أسرته. فما أسباب تلك الظاهرة المفزعة، وما هي الآثار والنتائج المترتبة عليها؟ أقول:
((أسباب تلك الظاهرة))
هذه الظاهرة تعود إلى عدة أسباب، منها: ما هو ديني، ومنها: ما هو اجتماعي أسري، ومنها: ما هو اقتصادي:
أما السبب الديني: فيعود إلى مخالفة وصية سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (…فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ…) (متفق عليه)، واختيار الزوجة ضعيفة الإيمان التي تجهل حقوق زوجها عليها، وتجهل مكانته بالنسبة إليها، وأنه أعظم الناس حقًا عليها بعد سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أعظم حقًا من أبيها وأمها، وأنه سببٌ في دخولها الجنة أو النار، فعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: سألت النبي (صلى الله عليه وسلم): أي الناس أعظم حقا على المرأة؟. قال: (زَوْجُهَا). قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟. قال: (أُمُّهُ). (رواه النسائي)
وعن الحصين بن محصن (رضي الله عنه)، أن عمة له أتت النبي (صلى الله عليه وسلم) في حاجة، ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي (صلى الله عليه وسلم): (أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟). قالت: نعم. قال: (كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟). قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه. قال: (فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ) (رواه أحمد).
وعن عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه)، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ) (رواه أحمد).
أما السبب الاجتماعي الأسري: فيتلخص في غياب دور الوالدين، وخصوصًا دور الأم وإهمالها تربية بناتها، وتدريبها على الحياة الزوجية، وتعليمها حقوق زوجها وبيتها عليها، كما كانت النساء يفعلن قديمًا، وانظروا إلى وصية المرأة العربية لابنتها: (أي بنية، إن الوصية لو تُرِكت لِفَضلِ أدبٍ تُرِكت لذلك منك، ولكنها تذكرة للغافل، ومَعُونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لِغِنَي أبويها وشدَّة حاجتهما إليها كنتِ أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقْنَ، ولهن خلق الرجال. أي بنية، إنك فَارقْتِ الجوَّ الذي منه خَرَجْتِ، وخَلَّفْتِ العُشَّ الذي فيه دَرَجْتِ، إلى وَكْر لم تعرفيه، وقَرِين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكا، فكونِي له أمَةً يكُنْ لك عبداً وَشِيكا، يا بنية احْمِلِي عنى عَشْرَ خِصَالٍ تكن لك ذُخْراً وذِكْراً:
الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والتعهُّد لموقع عينه، والتفقُّد لموضع أنفه، فلاَ تَقَع عينُه منك على قبيح، ولاَ يشم منك إلاَ طيبَ ريح، والكحلُ أحسنُ الحسن، والماء أطيبُ الطيب المفقود، والتعهد لوقت طعامه، والهدوء عنه عند منامه، فإن حَرَارة الجوع مَلْهبة، وتنغيص النوم مَبْغَضَة والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير، ولاَ تُفْشِي له سراً، ولاَ تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيتِ سِرَّه لم تأمني غَدْرَه، وإن عصيت أمره أوغَرْتِ صَدْره ثم اتَّقِي مع ذلك الفرح إن كان تَرِحَا، والاكتئاب عنده إن كان فَرِحَا، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وكوني أشَدَّ ما تكونين له إعظاماً يكن أشد ما يكون لك إكراما، وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطولَ ما تكونين له مرافقة، واعلمي أنك لاَ تَصْلِين إلى ما تحبين حتى تُؤْثِرِي رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببت وكرهت، والله يَخِيرُ لك) (مجمع الأمثال).
أما السبب الاقتصادي: فيتلخص في ضيق ذات اليد ورقة الحال بالنسبة للزوج، فبسبب الفقر يتدهور الوضع الصحي، والتعليمي، والاقتصادي للأسرة، وبالتالي تزيد حالات الطلاق، وقد ينشأ عنه قتل الأزواج أو الزوجات، قال (صلى الله عليه وسلم): (كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا، وَكَادَ الْحَسَدُ أَنْ يَغْلِبَ الْقَدَرَ) (شعب الإيمان).
((الآثار والنتائج المترتبة على تلك الظاهرة))
(1) هدم الأسرة، فقد ضاع طرفاها، فالمقتول صار حبيسًا في المقابر، والقاتل صار حبيسًا في السجون، فأنى تقام الأسرة وقد ضاع طرفاها؟.
(2) تشريد الأطفال، والتسبب في ضياعهم، إن كان للزوجين أطفال، فمَنْ بعد الأم والأب يقوم برعايتهم، ويقوم على شئونهم وحوائجهم التعليمية، والصحية، والاقتصادية…الخ، وبالتالي
(3) التأثير النفسي السيئ على أطفال تلك الأسرة، إن افترضنا وجود من يقوم على رعايتهم وتربيتهم بعد الوالدين، فلاشك أن تلك الحادثة لن تفارق مخيلتهم أبدًا، وما يترتب عليها بعد ذلك من آثار سيئة لهؤلاء الأطفال حتى بعد بلوغهم مبلغ الرجال، وما يترتب على ذلك من طريقة التعامل مع المجتمع.
(4) التأثير على المجتمع ككل، فهدم الأسر، وتشريد الأطفال يترتب عليها زيادة أطفال الشوارع وما يترتب عليه من السرقة، والاغتصاب، وتعاطي المخدرات…الخ، وغياب الأمن والأمان، وانتشار الجهل والأمية، وقلة الإنتاج والبناء…الخ، فهو يؤثر على الوطن ككل.
(5) تشويه سمعة الأسر المصرية والمجتمع المصري، والزوجة المصرية، التي عرفت من قديم بكفاحها مع زوجها.
((كيفية القضاء على تلك الظاهرة))
(1) العودة إلى تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وخصوصًا ما يتعلق بالحياة الزوجة والأسرة، وكيفية المعاملة والمعاشرة بين الزوجين، ومعرفة ما لكل منهما من حق على الأخر، وتربية الأولاد…الخ، وحبذا لو أقيمت دورات تدريبة في ذلك للمقبلين على الزواج.
(2) مطالعة سير الحيوات الزوجية الناجحة، وكيف كانت الزوجة مساندة لزوجها من قديم، كسيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) ومساندة السيدة خديجة (رضي الله عنها) له، وسيرة السيدة أسماء بنت أبي بكر (ذات النطاقين) وزوجها الزبير بين العوام، وسيرة السيدة فاطمة الزهراء وزوجها سيدنا الإمام علي (رضي الله عن الجميع)…الخ، وقصها على أبنائنا كذلك.
(3) العودة إلى قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا العربية والشرقية، وعدم تقليد الغرب واجترار الثقافة الغربية في ما يتعلق بشئون الأسرة والحياة الزوجية.
(4) رفع المستوى المعيشي للأفراد داخل الأسرة، من قبل الدولة، ومن قبل الزوجين أنفسهما.

والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان

زر الذهاب إلى الأعلى