على هامش مأساة كورونا…واقعنا الاليم والاخلاق المفقوده
بقلم_ الكاتب الصحفي
محمود الشاذلي
نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية
عضو بمجلس الشعب السابق عن “حزب الوفد”
رغم دراستى الأكاديمية فى الفلسفة وعلم النفس حيث أساتذة الفلسفه العظام بقسم الفلسفه بكليتى الآداب جامعتى الإسكندريه وطنطا ، ومعايشتى للفلاسفه أقوالا ، وآراءا ، وأحوالا ، والتعمق فى تحليل مضامين أطروحاتهم ، والتوغل فى أعماق دراساتهم المتخصصة رغبة منى فى الوصول للحقيقة فى هذا العالم ، الا أننى لم أستطع التوصل الى تفسير محدد ، ومقنع ، وواضح المعالم لما يحدث بمجتمعنا المصرى فى تلك الأيام من تصرفات عجيبه ، وغريبه ، الأمر الذى جعلنى على يقين من أن سلوكياتنا ، وتصرفاتنا ، ستظل لغزا محيرا لكل الباحثين لأنها تتعلق بمكنونات النفس البشرية ، وعمقها ، وحاجاتها الانسانيه ، ودورانها فى فلك الصراع من أجل البقاء ، وفرض الذات ، ولو بالقهر ، والاستعباد ، والاذلال ، والقتل أحيانا .
تشرفت بحمل أمانة القلم فى محراب صاحبة الجلاله منذ امتهنت الصحافه عملا ، ورسالة ، وعشقا ، منذ مايزيد على ثلاثين عاما مضت ، تعلمت فيها على يد أبرز رموز الصحافة المصريه بل والعربية ومازلت ، تخللتها دراسات ، وأبحاث ، ودورات تدريبية متخصصة فى الفن الصحفى فى أعرق الجامعات المصريه ، باحثا عن الحقيقة ، وعن إجابة على أسئلة كثيره ، خاصة فى الفتره الأخيره من عمر الوطن ، تلك الأسئله التى لطالما دارت فى ذهنى بل وفى ذهن كل المصريين ، ظلت دائما بلا اجابة رغم وجود محللين جهابذه ، ومفكرين يشار اليهم بالبنان ، لسبب واحد أن أصحاب الصوت العالى من هؤلاء للأسف الشديد ، هم الذين يتاح لهم تصدر المشهد السياسى والاعلامى ، لقول مايريده هواهم ، حتى تحولوا لمجموعه من المنافقين ، الذين جعلوا قطاعا عريضا من الشعب المصرى عبارة عن كائن مسخ .
عجزت وبحق عن الوصول لحقيقة كاشفه للسبب الذى أوصل هذا القطاع من هذا الشعب العظيم ، رغم تاريخه النضالى الطويل ، والعريق الى هذه الدرجة من الاستحمار ، والغباء ، حتى أصبحوا يسيرون وراء كل ناعق ، وينساقون وراء أى دعوة حتى وإن كانت للتخلف ، والانحلال ، والأخطر من ذلك كله هذا التنكر الذى نراه جهارا ، نهارا لمن يقدم معروفا ، والجحود لمن يتصدى لظلم ، أو يفعل الخير للناس ، أو يحترق ليرتفع شأن غيره حتى تنامت ظاهرة الأنا ، وأصبحت قلة الأصل فى مجتمعنا من المسلمات .
الدلائل على تلك الظاهره الخطيرة ، والمرعبة أصبحت لاتعد ولاتحصى ، لعل أبرزها ما احتوته مسودة كتابى ” كنت نائبا بالبرلمان ” والذى رصدت فيه وبصدق الواقع المرير والأليم للبشر من خلال تعاملاتى مع شرائح كثيرة من كل فئات الشعب ، وطبقاته ، انطلاقا من موقعى كنائب بمجلس الشعب ينتمى الى فصيل المعارضه المدنيه ، الليبرالية ، حيث الوفد فى زمن الشموخ ومازلت أرصد هذا الواقع الأليم بحزن شديد حتى اليوم كممارس للعمل السياسى ، وإنطلاقا من تخصصى الصحفى فى الشئون السياسيه والبرلمانيه .
أكاد أجن من عناد الناس لما يقدم لهم من نصائح طيبه ، ومخلصه ، وحقيقيه ، وفاعله ، ومعارضة ماتتخذه الحكومه من إجراءات رغم أنها إجراءات تهدف حماية أرواحهم ، وذويهم ، وأقرب الناس إليهم من فيرس كورونا ، الناس تأخذ كل شيىء بالعكس دون إدراك ووعى منهم أنهم المضرورين أولا ، وآخرين يتزاحمون لأخذ اللقطه رغم مأساة الحدث وعظم الكارثه ، وآخرين أيضا تفرغوا للكيد لبعضهم البعض بإستخدام سفهاء من أجل تصدر المشهد ، وأن يكونوا فى الصوره أمام الأجهزه عند الترشح للإنتخابات البرلمانيه القادمه حتى جعلوا الناس يسبون الإنتخابات ويلعنونها ، ويتألمون من مجرد ذكرها .. باليقين هناك شيىء غلط فى حياة الناس .. جميع الأجهزه تناشدهم وتقبل رؤوسهم أن يغلقوا المحلات ، ويبتعدوا عن الزحام ، لكننا نجد منهم من يخالف وعندما يحرر لهم محاضر يسبون ويشتمون الجهة التى حررت لهم محاضر بل وكل الحكومه وكأنهم أصحاب حق . والله العظيم شيىء بشع حقا .
لم أعد أدرى هل المجتمع بهذا الشكل ، الذى ينتشر فى ربوعه تلك النوعية من البشر الذين لايقدرون عظم المسئوليه ، ولا طبيعة الخطر المحيط بالجميع ، ولا كيف يمكن لهذا الفكر المتدنى أن يحقق أفراده نهضه ، أو تقدم وإزدهار ، أو حتى فرض إحترام أوترسيخ مكانه رفيعه بين الدول والأمم ؟ هل يمكن لهذه النظره المتدنية التى تقوم على الابتزاز الرخيص تعاملا وسلوكا بين الناس أن ترفع من شأن المصريين ؟ هل هناك أمل أن تتقدم مصر وسط هذه الانحطاطات ؟ لقد أصبحت أحد أهم أمنياتى فيما تبقى لى من عمر قدره الله عزوجل لى فى هذه الحياه طال أم قصر ، هى الوصول لإجابات على كل تلك الأسئله حرصا على هذا الوطن ، ورغبة ملحة بداخلى أن ينعم أبنائى ، وكل الأجيال القادمه بالحياه الكريمة بعد رحيلى .
ختاما يجدر التوضيح إلى أن الدراسات الأكاديميه ، والتحليل الصادق ، والرؤيه العميقه لواقع الحال ، يتعين أن يكون منطلقهم إستخدام المنهج العلمى لذا لاعواطف ولامجاملات لأن المعطيات يتعين أن تكون صادقه حتى تكون النتائج فاعله بعيدا عن أى زيف من أجل ذلك كان الصدق فيما طرحت رغم أن قلبى يئن من الوجع لأننى أريد أن يكون أهلى الذين هم كل المصريين الذين أنا منهم أسياد كل البشريه ، لذا أتمنى أن يكون النقاش فى أعماق القضيه دون الوقوف على هوامش هزليه ، فالقضية خطيره ، أنا أتحدث عن وطن الناس فيه فى حاجه لضبط السلوك ، وأمه يتعين أن نعمل على نهضتها ، وشعب يستحق أن يعيش حياة كريمه بعد طول معاناه .